الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
منذ علاقتها مع السعودية التي تمتد لعقود، كانت الصين هي الصديق الوفي خلال الأزمات التي شهدتها منطقة الشرق الأوسط والخليج، ووقفت بكل إمكاناتها وقدراتها اقتصاديا واجتماعيا وسياسيا، ولعبت دورا مهما في المحافل الدولية، حينما دعمت القضايا المتعلقة بالشرق الأوسط، وخاصة في قضية فلسطين ووقف تمدد ايران في المنطقة ودعهما للجماعات الإرهابية سواء في اليمن أو العراق وكذلك لبنان ،بالطبع العديد من المواقف السياسية والاقتصادية للصين ساعدت في نمو العلاقات بينها وبين الدول الخليجية بشكل قوي وتحديدا في المجالات الاقتصادية.
اليوم بعد هذه العقود من العلاقات المتميزة، يحصد الجانبين ثمار هذا التعاون، وقمة الرياض التي أعدت لها السعودية منذ وقت مبكر، لجمع قادة العرب والخليج، إنما تأتي بعد تنسيق مسبق بين بكين والرياض، خاصة في هذه المرحلة حيث دعت الأزمات الاقتصادية من أهمها ما حدث في2019 حينما ضربت كورونا العالم وشلت الحركة الاقتصادية وتوقف تام للأنشطة، وكيف أدارت السعودية الأزمة بكل حكمة، وحافظت على توازن اقتصادها، ودفعت الى المزيد من التعاون لمواجهة الأزمة، وأيضا حينما اندلعت الحرب بين روسيا وأوكرانية، لعبت الدولتين دورا مهما، خاصة في طمأنة المجتمع الدولي بضرورة ضبط سوق السلع والمواد الاستهلاكية وأيضا ضبط أسعار الطاقة حينما بلغت الى مستويات عالية وارتفعت، وأيضا معالجة مشاكل سلاسل الإمداد وتخفيف الضغوطات العالمية.
تثبت السعودية اليوم أنها شريك مهم واستراتيجي للصين في المنطقة ليس فقط في الشرق الأوسط، بل إقليميا ودوليا، كما أن السعودية اليوم ليست تلك التي كانت قبل عقد أو عقدين، فهي تشكل قوة مؤثرة في الاقتصاد العالمي، ومنذ ان تقلد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز مقاليد الحكم، اكتشفت السعودية نفسها، ومكامن القوة لديها، ومن خلال رؤية 2030 الذي طرحته، أعادت تشكيل أولوياتها، فهي كثفت حضورها الدولي والخارجي، وأعادت صياغة العلاقات بما يخدم مصالحها، وأيضا يحفظ علاقاتها مع شركائها المهمين.
السعودية اليوم لديها عمق في الرؤية للمستقبل في مجالات مختلفة، على سبيل المثال، هي الآن الأكثر تقدما في تطور الحكومة الإلكترونية وقفزت في مؤشر الأداء الاقتصادي من 48 الى 31، وفي مؤشر كفاءة الأعمال من 26 الى 16، كما قفزت غب مؤشرات المهارات الرقمية والتقنية من 17 الى 7، السعودية اليوم لديها صندوق استثماري سيادي يلعب دورا مهما في صناعة الاستثمارات والمشروعات واقتناص الفرص وتبلغ أصوله أكثر من 2 ترليون ريال، واسهم الصندوق في تأسيس 66 من أكبر الشركات في السعودية، واستحدث 500 ألف وظيفة، لدى السعودية اليوم لا عبين جدد في الاقتصاد السعودي في مجالات استثمارية متنوعة، من تعدين وسياحة وترفيه وجزر جديدة واقتصادي نوعي مختلف.
الصين ظلت وبقيت الشريك الاستراتيجي والمهم، وهي الآن ثامن أكبر شريك تجاري لدول الخليج وتعد عصب التجارة العربية، وتحاول الصين على توفير مصادر الطاقة لاقتصادها الذي يشهد نموا، وبلغت نسبة استهلاكها للنفط المستورد بما يعادل 40 الى 50 في المائة من الاستهلاك العالمي، وتعد السعودية الممول الأول للنفط للصين، ما يعني أن هذه الشراكة والتعاون بين البلدين مهمة، وتقوم على المصالح المتبادلة.
من اهم الملفات التي من المهم بحثها في هذه القمة العالمية، هو دفع التعاون الى المزيد من التنسيق وخاصة في الجانب الاقتصادي والاجتماعي، ليس فقط مع السعودية بل مع دول الخليج والعالم العربي، وخاصة نقل التجربة الصينية في دعم المشروعات الصغيرة، والصناعات الخفيفة، وكذلك في مجال التدريب والتأهيل والمهارات الحرفية والمهنية، فالصين لديها تجربة رائعة، وتشهد نموا مضطرا وفاعلا، كما أن الصين نجحت في الإصلاح التنموي، وخاصة التي تتعلق بمساهمة الأسرة في الناتج المحلي، من خلال دعمها وتقديم التمويل لها، فضلا الاستفادة في مجالات مختلفة من مشروعات بتروكيماوية وعقارية واستثمارية وصناعية، وفي ملف العلاقات بين البلدين تمت العديد من التعاون، والشراكات الاستراتيجية، وقفز التبادل التجاري بين البلدين من 3 مليارات دولار عام 2000 الى اكثر من 70 مليار دولا ليتضاعف الى اكثر من 22 مرة خلال العقدين، وبلغت القيمة الإجمالية للمشاريع المتعاقد عليها التي أنجزتها الشركات الصينية في السعودية خلال ست سنوات فقط اكثر من 40 مليار دولار، ويبقى طريق الحرير أو مبادرة الحزام والطريق الصينية، حيث تعاون السعودية في هذا المشروع لكونه يوصل قارة آسيا بأفريقيا، ويعد مشروع “بان آسيا ” أحد مشروعات التعاون السعودي الصيني ضمن مشروعات الحزام والطريق، وينفذ في مدينة جازان بتكلفة مليار و150 مليون دولار في مرحلته الأولى.
القمم التي أعدت لها السعودية بمناسبة زيارة الرئيس الصيني شي جين بينغ، سوف تعود بالنفع على دول العالم العربي والخليج وأيضا على السعودية في تحسين أداءها الاقتصادي وخاصة الصناعي والاستثماري، وأيضا في تجديد العلاقة والتعاون في مجالات مختلفة، خاصة أنها تعد أحد أكبر الدول المصدرة للسلع، وأكبر مركز تصنيع في العالم، ويشار إليها على أنها قوة اقتصادية عظمى.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال