الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
تناولنا في المقال السابق هدرنا للمياه وعدم استفادتنا من مياه الأمطار وإدارة تشغيلها، اتفقنا جميعا أن بناء مشاريع لتصريف مياه الأمطار في بلد لا تنزل فيها إلا في المواسم، فهذا يتطلب منا التفكير خارج الصندوق، بحيث نحافظ على هذه المياه، ونستطيع حماية ممتلكات الناس، بأقل التكاليف، ونستحضر تجارب دول أخرى.
حسب تقارير رسمية سابقة، معدل هطول الأمطار منذ خمسة عقود بلغت 103 مليمتر في السنة، بحجم 166 مليار متر مكعب. ومتوسط حجم السيول يبلغ نحو 8 مليارات متر مكعب في السنة، والحد الأقصى للاستفادة من هذه السيول في حدود 5 مليارات متر مكعب، ما يتم تجميعه من مياه السيول مليارين و300 مليون، من خلال أكثر من 520 سدا سطحيا وجوفيا، وهناك خطة لزيادة تجميع مياه الأمطار إلى مليارين و570 مليون متر مكعب من خلال 31 سد يجري تشييدها، ويتوقع الانتهاء من إنشاء ألف سد لتجميع 4 مليارات و120 مليون متر مكعب. إذا رجعنا للأرقام سنجد أن هناك 3 مليارات متر مكعب، تهدر سنويا من مياه الأمطار، يعني أننا فقدنا نحو 70 مليار متر مكعب من المياه، لم نستفد منها خلال العقدين الماضيين، كان بالإمكان وضعها كرصيد ومخزون استراتيجي.
استنزاف الموارد المائية يحتاج منا الى خصخصة مياه الأمطار وإعادة إدارتها بالطريقة الصحيحة بما يتناسب ورؤية السعودية 2030، بعد هطول أمطار جدة الأخيرة، راجعت الاستراتيجية الوطنية للمياه 2030، وعبثا حاولت أن أجد كلمة أو سطرا يتحدث عن خطة الاستفادة من مياه الأمطار أو توسعها في هذا المجال، الحقيقة لم أجد، ولا اعرف كيف غابت هذه النقطة المهمة عن المسؤولين في المياه.
على العموم لن نضيع الوقت في اللوم والعتاب، فما حدث خلال السنوات الماضية من هدر في عدم الاستفادة من مياه الأمطار والسيول، يجعلنا نضع خطة استراتيجية وطنية بحيث نشرك القطاع الخاص للمساهمة في معالجة تجميع مياه الأمطار بحيث يسمح للقطاع الخاص جمع هذه المياه وتخزينها بطريقتها التي تناسبها إما من خلال بناء سدود أو خزانات أرضية، ويتم بيع هذه المياه للجهات الحكومية أو القطاع الصناعي وغيرها للاستخدام في مجالات مثل الزراعة والاستحمام، وغسيل السيارات وإطفاء الحرائق، وأبراج التبريد وغسيل الملابس وتنظيف المرحاض، وسقي حظائر الحيوانات والدواجن، في ظني أن هذا الموضوع اذا اشبع نقاشا وبحثا في كيفية إسناد مهمة معالجة مياه الأمطار الى القطاع الخاص، سيحقق الفائدة المشتركة، ويجب ألا نغفل عن تجارب بعض الدول، فمثلا في سان فرانسيسكو لديهم نظام صرف صحي مشترك للعواصف، ويتم توجيه مياه الأمطار الى جانب مياه الصرف الصحي السكنية والتجارية الى محطات المعالجة، وفي الصين اطلقت مبادرة المدينة الإسفنجية وهذه تشمل تغطية اسطح الأبراج بالنباتات وتخزين الأراضي الرطبة لمياه الأمطار، وبناء أرصفة نفاذه تسمح بتسريب المياه فضلا عن تبخر المياه لتعديل الحرارة، ما يزيد من إمدادات المياه ويحد من الفيضانات. وتهدف الصين من هذه المبادرة الى تحويل 80 في المائة من حواضرها الى مدن قادرة على امتصاص مياه الأمطار واستخدام 70 في المائة منها، ومن الحلول المحلية التي سوف تسهم في معالجة مياه الأمطار هو مشروع السعودية الخضراء والتي أعلنت عن تشجير الصحراء واستصلاح 40 مليون هكتار من الأراضي وزراعة 10 مليارات شجرة، وهذا سيساهم في مكافحة تغير المناخ.
لن نطيل البكاء على اللبن المسكوب، علينا أن نفكر بجدية كيف نعالج الخلل، دون هدر للمال العام وأيضا بعيدا عن التصريحات الرنانة، باننا سنفعل وسنحقق ويجب أن نفكر بعقلية 2030.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال