الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
سمعنا مؤخرا عن مبادرة يتم التفكير في إطلاقها بالهند، مفادها تخصيص يوم للاحتفال بنشأة كل مدينة. الفكرة الأساسية من هذه المبادرة هي تسليط الضوء على السمات الأساسية لكل مدينة بهدف ضمان هويتها الخاصة. كما تحمل المبادرة في طياتها اهتماما نوعيا ينصب على الأحداث التاريخية لكل مدينة، وتوجهات التنمية الحضرية فيها. بمعنى أن السبب الرئيس الذي اجتمعت حوله أفكار قاطني هذه المدينة لتكون مستقرا لهم يجب أن يكون حاضرا في كل مراحل صناعة الهوية المرتبطة بهذه المدينة. حتى المنتجات الخاصة بها والتي ارتبطت بمكنون المدينة فلن يتم إغفالها، بل سيكون لها نهج متخصص في التعريف والدلالة عليها لتنال حظها من الاهتمام والحضور، فتسهم في عملية تعزيز الهوية كما يراد لها أن تكون. وحتى تمتزج عملية التطبيق هذه بالواقعية فسوف يشارك المسؤولون عن الثقافة والأدب والتاريخ في صياغة القصص التي تسهم في تشكيل هوية خاصة بهذه المدن. ولعل أحد الأسباب التي لفتت انتباهي في هذه المبدرة هو التفكير في مبدأ نشأة المدينة ذاته، وليس فقط صناعة هوية لها. وفي نظري أن هذه النشأة المرتبطة بنمو التفاعل بين جميع الأطراف داخل محور المدينة على مدى سنوات طويلة هو أمر يسهم بشكل جوهري في فرض هوية خاصة بها نستطيع نحن أن نستشف معالمها اليوم.
يجب ألا نغفل أيضا أن مثل هذه الفرص للارتباط بأصالة المكان تدفع كل ساكن للمشاركة في هذا الجهد بما يملك من حكايا تم استلهامها من الأرض، وتناقلتها الأجيال جيلا بعد جيل. ثقافة التدوين يجب أن تكون حاضرة بشكل دائم حتى وإن اختلفت الأدوات والتقنيات مع الزمن، كما أن توحيد الرؤى والأفكار الذي نتحدث عنه هنا لابد وأن يثمر عن تحقيق المنشود بصناعة هذه الهوية المراد الوصول إليها. لن أذهب بعيدا فأنا أعلم جيدا أننا على المستوي المحلي لدينا تجارب سباقة في هذا المجال لرسم هوية خاصة بالمدن. ليس هذا فحسب، بل إنني على علم واطلاع بما نقوم به من صياغة استراتيجيات مفصلة من قبل الجهات المعنية بهذا الخصوص. لم يتوقف الأمر عند هذا الحد من الاهتمام، ولكن بعض الجهات المهتمة بالإبداع والثقافة رأت أن الفنون لابد وأن يكون لها دور بارز في هذا السياق، فقامت بتفعيل برامج لصناعة هوية خاصة بالأحياء من خلال مساهمة المجتمع المحلي ومشاركته. فنحن لدينا إذا مشاركات مجتمعية يشار إليها بالبنان في هذا الصدد. أكتب هذه الأسطر اليوم وأنا أعلم أن داخل كل منا هوية خاصة ترتبط بذاكرته الشخصية مع المدينة، لذلك فأنا على يقين أن مشاركة من هذا النوع يجب ألا تبقى محصورة على فئات دون غيرها، وإنما تكون رحلة نبحر فيها سويا.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال