الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
لنفترض أنك تسكن في أحد الأحياء ذات الدخل المرتفع، والقدرة المالية العالية، والتي تعني بطبيعة الحال الاستطاعة على تحمل نفقات وسائل النقل، وتملك أكثر من مركبة. هل يمكننا الاستنتاج من خلال هذا التصور بأن الانبعاثات الكربونية ودرجة تلوث الهواء في هذه الأحياء هي أعلي من نظيراتها من الأحياء التي تتسم بالبساطة والدخل المحدود؟ المسألة التي أحاول أن أشير إليها مرتبطة بدراسات بدأنا نطلع عليها مؤخرا، وهي تعمل على دراسة تأثير شركات المركبات التشاركية على المشهد الحضري في المدن، من واقع أن معظم هذه المركبات تنتشر بشكل كبير في أحياء محددة دون غيرها. لكن المسألة في حقيقة الأمر تأخذ بعد أكثر تعقيدا حينما نقرأ وجهة نظر مختلفة تري أن هذه المركبات التشاركية تنتشر في بعض الأحياء التي لا يملك قاطنيها القدرة الكافية على تملك مركبات. لكن أيضا لا يجب أن يغيب عن الأذهان أن غيرها من الأحياء تتأثر بنمط حياة استهلاكي، ينذر بزيادة مرتفعة في التلوث.
علي أي حال فإن مسألة العلاقة بين هذه المركبات والمشهد الحضري في المدن لا يمكن أن تتوقف بالتأكيد عند التلوث، بل هي تتعدى ذلك لتساهم في إعادة تشكيل وصياغة شكل المدينة. تؤثر هذه المركبات التي يراها البعض جزء لا يتجزأ من نمط الحياة الجديد الذي نعيشه، وعلى اتخاذ قراراتنا اليومية، ونمط السفر، مما يعني أن شكل المدينة نفسه يتغير بما يشمله من ممرات مشاة، ومواقف فينعكس هذا الأمر على المجال العام في المجمل.
المنافع الاقتصادية والاجتماعية لاستخدام هذه المركبات في تسهيل الأعمال ومهام الحياة اليومية يجب ألا تعني التأثير على جودة الحياة في المدينة فيتم تغليب الجانب الشخصي على الجانب العام في المدينة. واليوم أحب أن اطرح تساؤل يهمني بشكل كبير من خلال هذا المقال إلى المبتكرين الذين يعملون ليل نهار على تطوير أفكار متجددة في المدن تحقق المردود المادي المطلوب وتعمل على تسهيل نمط الحياة الذي يعيشه كل فرد منا.
هل يتم دراسة التأثير البيئي عندما نخرج بتصميم ابتكاري، ودراسة الأثر المتوقع على شكل الأحياء من حولنا، والتغيرات التي يمكن ترهق كاهل المسؤولين في المدن مع الوقت بسبب الحاجة الشديدة لإعادة صياغة التشريعات والسياسات التي تنظم حركة الحياة. في اعتقادي أننا يجب أن نعي بأن مسؤولية كل مبتكر الاجتماعية تحتم عليه أن يلتفت لما يمكن أن يصاحب تطبيق الأفكار الثورية الجديدة. اليوم أصبحت هذه الشركات جزء من الواقع الذي نعيشه، ويمكن لأي شخص أن يطلب المركبة من أي مكان أو حي فتسهل الخدمة وتتحقق. صحيح أن هذه السهولة في التطبيق حسنت تعاملنا مع مركبات الأجرة التي كانت قبل نحو عقد من الزمن تجوب الشوارع في المدن وتستهلك كميات كبيرة من الوقود بدون أثر إيجابي حقيقي وملموس. ولكنها مع ذلك سمحت بدرجة أعلي من الضوضاء مع دخولها في خدمة تطبيقات أخري في حياتنا. باختصار فأنا أؤمن أننا يجب أن نتعامل مع المدن بحب حتى في أفكارنا الابتكارية وطريقة تطبيقها.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال