الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
رفع الفائدة القاسي من قبل الفيدرالي الأمريكي وتشدد البنوك المركزية في سياساتها النقدية في عام 2022 بغية معالجة التضخم أثر في كل الاقتصادات، وينبئ بمواجهة تموجات في مساق الأموال والاستثمارات لاحقا، وهذا يقلق – على وجه الخصوص – المستثمرين الأفراد في أسواق الأسهم العالمية، ومن ضمنهم المستثمر الفرد في سوق الأسهم السعودي، الذي يريد معرفة كيف يتصرف لحماية ما في يده من ثروة في عام 2023.
ما حصل ولأسباب عدة من أهمها قرارات الفيدرالي الأمريكي في عام 2022 هو معايشة أغلب المستثمرين في أسواق الأسهم العالمية لحالة الانخفاض في الأرباح وبقاء معدلاتها هبوطا لفترات أطول من المتوقع، ولكن لم تشهد الأسواق – في العموم – اتجاهات متطرفة سواءً صعودا أو هبوطا ولكن تذبذب عرضي، وغالبا لا تغيير في هذا السلوك قبل أن تبدأ أسعار الفائدة في التراجع الذي لن يكون قبل نهاية العام المقبل.
أما في سوق الأسهم السعودي (تاسي)، فبالإضافة لعامل رفع الفائدة وتأثيره بشكل ما على أداء الشركات المدرجة، كان لانتهاء فقاعة تضخم الأسعار التي حصلت بسبب أجواء وباء كوفيد-19 (كورونا) وما بعدها الدور الأكبر الذي ساهم في تراجع مؤشر السوق من حدود كادت أن تلامس حاجز 14 الف نقطة في مايو الماضي هبوطا إلى حدود 10 الاف نقطة اليوم، وهذا ما كان يدركه أهل الاستثمار المهني والاحترافي في وقت مبكر، ليسيّلوا جزء من محافظهم بغية إعادة التمركز، وإجلاء جزء من سيولتهم خارج سوق الأسهم للمحافظة على بريق تنوع استثماراتهم.
كل الدلائل تشير على أن الاحتياطي الفيدرالي سيستمر في مسار سياسته النقدية التي ستكون أكثر إحكامًا لفترة أطول لكبح جماح التضخم في عام 2023، والظاهر حتى الان هو أن أعضاء اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة على قناعة تامة بأن سعر الفائدة يجب أن يظل أعلى من 4.5% في عام 2023 وفي نطاق 4% في عام 2024، وهذا سينعكس على القيم العادلة للأسهم انخفاضا.
من هنا، ومع حالة عدم اليقين التي تخيم على 2023 لأسباب عدة لا مجال لذكرها، فعلى المستثمر الفرد في السوق السعودي مراعاة أن هذا العام الجديد سيكون غالبا عامًا متقلبًا للأسهم بدون مسار صعودي أو هبوطي كبير، ولكن يظل عليه أن يعزز استثماراته بثقل من الصكوك والسندات ذات السيرة الائتمانية العالية، والودائع الادخارية، والمعادن النفيسة، لخلق التوازن، وهو توجه إيجابي ومُحبّذ بغرض التنوع في الاستثمار.
في الوقت ذاته، عليه ألا يهمل حقيقة أن السوق السعودي غالبا قد وصل إلى القاع أو قارب له، مما يدل على أن هناك سوق صاعد جديد على الأبواب، وتوجد فرصة لإعادة التمركز أو تعزيز المحافظ أو التخارج، لكن بشرط التعاطي مع أساسيات السوق التي ستسود الموقف، والابتعاد عن اغراءات المضاربة العبثية بتوخي الحذر من عواصف جني الأرباح في الطريق، وعدم الانخداع بحملات “الشارتات” التسويقية، والحذر أيضا ممن يستخدمون أسلوب التسويق الفيروسي في دعم الانجذاب لأسهم معينة، أو أدوات استثمارية ذات تصنيف ائتماني منخفض – وإن ظهرت بأنها ذات عوائد عالية – التي تقدمها بعض منصات “الفنتيك” الاستثمارية.
أيضا، من المهم ألا يعمل المستثمر الفرد في عام 2023 دون وضع عام 2024 في الاعتبار الذي ربما يكون له وجهة نظره الخاصة، إذا ما استمرت البنوك المركزية التشدد في سياساتها النقدية، أو مواجهة العالم لمفاجآت لم تكن في الحسبان، فعامل المفاجآت غير المحسوبة – الذي يهمله الكثير – قائمٌ بشكل دائم.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال