الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
بادئ ذي بدء، نعلم أن غرض الوثيقة هو بعث الأمان في نفس الإنسان طبيباً كان أو مريضاً أو مركزاً صحياً. فالطبيب يعمل في مهنته دون وجل من خطأ يقضي على أمواله أو يدخله دهاليز القضاء، والمريض بمجرد شعوره بمرض فلن يُفكر في محفظته ما عساها أن تحوي من مال، بل سيبادر إلى طبيب ليكشف عن حالته مطمئناً على محفظته من النقص. وتحوطاً من هذا تشترط بعض شركات التأمين أن يلتزم المريض بدفع مبلغ محدد أو نسبة من تكلفة العلاج لا تزيد عن 10%. والمركز الصحي أو المستشفى أيضاً مسؤول عن ما يحصل في مركزه من خطأ طبيب أو ممارس صحي. وقد ظن البعض أن الطبيب وحده هو من يجب عليه أن يؤمن على أخطاء مهنته، وهذا غير دقيق فالتأمين الطبي يشمل تخصصات عدة وليس الطبيب وحده، وقد صدر في هذا الشأن قرار مجلس الوزراء رقم 300 في 21/4/1444هـ ليشمل التأمين الطبي ثمانية عشر تخصصاً هي: التمريض، الصيدلة، التخدير، القبالة، البصريات، السمعيات، سحب الدم، تروية القلب، تجبير العظام، المختبرات، العلاج الطبيعي، النطق والتخاطب، العلاج التخصصي، فني غرف العمليات، الأشعة التشخيصية، تقنية الأشعة التشخيصية، الإسعاف والخدمات الطبية الطارئة، التغذية (التغذية العلاجية الوريدية). لأن كل موظف على أي تخصص منها معرض للخطأ أو الإهمال وبالتالي يستحق المتضرر التعويض.
ومن هنا وجب على مؤسسات الرعاية الصحية والممارسين الصحيين الذين تلزمهم تغطية تأمينية أن يكونوا على دراية بالحقوق والواجبات المذكورة في وثيقة التأمين أو التي يُفترض أن تشملها بقوة النظام. فالوثيقة التأمينية عادة تتضمن نطاق التغطية، والاستثناءات، وأحكام الدفاع، والتسوية، وحدود المسؤولية، وشروط العقد. ونتناول في النقاط الآتية بعضاً من ذلك:
الوثيقة تغطي الأخطاء التي تحدث خلال إطار زمني محدد، على أن وقت الإبلاغ أو تأخر العلم به غير مؤثر عادة. إلا أنه يجب إشعار شركة التأمين متى ما عُلم بوجود خطأ. ولا تشمل التغطية ما يحدث خارج الدولة أو الإقليم أو المدينة. وإذا كان الطبيب يعمل في أماكن عدة خارج الدولة لزمه أن يؤمن تأميناً تشمل تغطيته خارج الحدود.
وثيقة التأمين إذا تضمنت التزام الشركة بالدفاع عن أي دعوى قضائية ضد المؤمن له ناجمة عن أداء أو عدم أداء الخدمات المهنية؛ فبموجبها تصبح شركة التأمين مفوّضة (أو يجب أن تُفوّض) لإجراء تسوية أي مطالبة. وفي حال عدم الوصول إلى نتيجة متفق عليها مع المتضرر؛ تلتزم الشركة بموجب هذا البند الدفاع عن الدعاوى القضائية ضد المؤمن له الناجمة عن تقصيره أو إهماله. فتعين الشركة -حينئذ – محامياً يترافع نيابة عن المؤمن له. والتزام المحامي هنا تجاه الطرفين: المؤمن له وشركة التأمين، وولاؤه – أي المحامي – منقسم بين الطرفين؛ لأنه يتطلع إلى استمرار العمل مع شركة التأمين.
يُحدد المبلغ الذي يتعين على شركة التأمين دفعه من خلال قيمة الأضرار التي تكبدها الطرف المتضرر أو الحكم الصادر. ويجوز لشركة التأمين والطرف المتضرر التفاوض على تسوية قبل أو أثناء المحاكمة. إلا أن شركة التأمين لن تدفع للطرف المتضرر أكثر من الحد الأقصى المنصوص عليه في وثيقة التأمين، ويتحمّل المهني ما زاد عن ذلك.
وثائق التأمين ضد الأخطاء الطبية لها استثناءات، فالشركة غير ملزمة بتغطية عدة تصرفات مثل: مطالبة متوقعة لم يُفصح عنها المؤمن له، تكاليف ناشئة عن عمل إجرامي، تحرش، نتائج أفعال تحت تأثير المسكر، أداء تجارب أو بحوث على مرضى، وصفات طبية، تجارب سريرية، أمراض تناسلية، خطأ طبي وقع خارج الدولة، غرامات إدارية، عقوبات تأديبية، نتيجة أعمال حربية أو تخريبية.
تعوض شركة التأمين المتضرر الذي تسبب له الممارس الصحي بخسارة مالية بما يعادل خسارته دون زيادة بحيث يكون في المركز المالي قبل حصول الخسارة، فلا أقل ولا أكثر؛ إذ الأكثر يُعارض مبدأ ” الإثراء بلا سبب”. ولنفترض أن شخصاً تضرر أو مات بسبب إهمال طبيب، فله أو لورثته رفع دعوى ضد الطبيب وإذا قررت المحكمة تعويضه، فشركة التأمين تلتزم برسوم التقاضي، وأتعابه، وتعويض المتضرر. وإذا كان المبلغ المطلوب دفعه مائة ألف ريال مثلاً، فالمفترض – عقدياً – أن شركة التأمين تدفع ذلك، لكن الواقع العملي قد يقول عكس ذلك، فالسياسات والشروط قد تعطي الشركة ذريعة عن دفع المبلغ كاملاً بسبب وجود خصم، أو شرط آخر، أو وجود تأمين مشترك، أو تحمّل المخطئ أصالة جزء من التعويض.
يمكن أن ينطوي التطبيب عن بُعد على تشخيص خاطئ، وبالتالي دعوى قضائية. مثلاً: فشل أخصائي الأشعة في قراءة غير صحيحة لصور أشعة اُخذت عن بُعد أو قُرئت عن بُعد؛ يؤدي ذلك إلى ضرر المريض. وعلى الرغم من وجود شركات تأمين تغطي الدعاوى القضائية المتعلقة بالتطبيب عن بعد، إلا أن بعضها قد يشترط أن يكون التطبيب عن بعد داخل الدولة التي فيها ترخيص العمل للممارس. لذلك، على مقدمي الخدمات الصحية التأكد من وثائق شركات التأمين تغطي إصابات المرضى المتعلقة بخدمات التطبيب عن بعد.
ختاماً، تلك استثناءات وثيقة التأمين التي ينبغي على المؤمن له التأكد منها. وتكلمةً لهذا الموضوع؛ سيتكلم المقال القادم عن الاحتيال التأميني الطبي.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال