الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
تمر كل الشركات سواء كانت صغيرة أو متوسطة أو كبيرة، بنفس مراحل التطور من التأسيس الى النمو ثم الاستقرار حتى النضج ووصولا إلى التحول والابتكار. ففي مرحلة النمو تعمل الشركات على تحقيق الربح والتأثير بشكل إيجابي على الموظفين والعملاء والموردين وبقية أصحاب العلاقة في نفس الوقت.
ماذا يعنيه النمو المسؤول أو النمو المستدام بالنسبة لنا؟
النمو الواقعي الذي يمكن تحقيقه والذي يمكن للشركة الحفاظ عليه دون الوقوع في مشاكل مع أي قضية او كيان أو جهة. فالنمو المسؤول هو مفتاح العمل المستدام، ثم اتخذ النمو المستدام معنى جديدًا يتجاوز مجرد نجاح الأعمال .ووصفته مجلة فوربس بإنه النمو القابل للتكرار والنمو الأخلاقي والمسؤول أمام المجتمعات الحالية والمستقبلية والنمو من أجل هذه الأجيال. وفي الأونة الاخيرة يتوقع الكثير منا كعملاء أو موظفون أو مستثمرين على حد سواء أن تكون الشركات أكثر وعيًا اجتماعيًا وبيئيًا عما قبل، بالإضافة إلى المسؤولية والمساءلة عن تأثيرها في المجتمع والكوكب اجمع،. لذلك تلتزم الشركات وتستجيب لهذه المطالبات والتوقعات. كما اشارت الأبحاث التي أجرتها شركة برايس ووترهاوس إلى أن 80٪ من المستهلكين أكثر توجه للشراء من الشركات التي تدافع عن البيئة، وأن 83٪ من المحتمل توجه اهتمامهم بالعمل لدى شركة تقوم بمسؤولياتها الاجتماعية.كما أن وجود تأثيرات أخرى عجلت من تطبيق الممارسات المسؤولة منها الأدوار والحوافز التي تقوم بها الجهات الرقابية الحكومية وغير الحكومية والمعايير الدولية والاعترافات المختلفة التي تقدم للشركات المسؤولة وتتنافس فيما بينها للحصول عليه.
وبهذا أصبحت الاستدامة ذات أهمية متزايدة للشركات ؛ فبدأت تعمل على التحول وإعادة التموضع والتغير إلى اقتصاد مستدام ومحايد مناخيًا مع تبني الأهداف البيئية والاجتماعية كما هو الحال مع سعيها لتحقيق أهداف العوائد المالية. فالنمو المسؤول يتم تحقيقه من خلال نماذج أعمال متنوعة، محافظ من الأصول المدرة للدخل وخطط متطورة تخلق قيمة مضافة في كل نموذج ومحفظة. فمعظم الشركات تركز في تحولها المستدام إلى الاهتمام بالشأن الاقتصادي لها والبيئي المحيط بها والاجتماعي لصالح من يعمل ويتعامل معها ويتأثر بها. وتحتضن الشركات مواضيع وقضايا متشابهة في كل جانب من هذه الجوانب الثلاث بالرغم من اختلاف مواطنها ونوعية قطاعها وتتنوع في قضايا أخرى حسب تخصصها ونوعية منتجاتها ومصدرها.
بناء الاقتصاد وهو مفتاح مستقبل الاستدامة للشركات وللأوطان مقر هذه المنظمات وللبلدان التي تُقدم فيها الشركات أعمالها ومنتجاتها. ومن بين المواضيع والقضايا ذات الاولوية التي تتبناها أغلب الشركات في محورها الاقتصادي دعم نمو الاقتصاد المحلي ،استدامة سلال التوريد، التميز والابداع التشغيلي، تصميم منهجيات تركز على العميل وتجربته كذلك تعزيز ثقافة الابتكار في كامل المنظومة.
كما أن المجتمعات ذات العلاقة بالمنظمات، الداخلية منها والمحيطة بها تُعد من أهم شركاء وأولويات الشركات في مسار التحول والشراكة المستدامة. فترتبط قوة المجتمعات وازدهارها بناءً على قوة التزام الشركات بها وقربها منها. فقطاع الأعمال يعتبر عضوًا مسؤولًا في المجتمع ويستطيع أن يقوم على إحداث ثورة نوعية في تشكيل مجتمعات مستقبلية من خلال تعزيز ممارسات المعيشة المستدامة، دعم أفرادها والحفاظ عليهم صحياً وأمنياً ،تعزيز جودة الحياة فيها، وخلق مساحات شاملة ومتصلة وحاضنة للإبداع والثقافة.
كما يرتبط نجاح أعمال ونمو الشركات ارتباطًا وثيقًا بالمجتمع الداخلي (الموظفين). فضمان مشاركة الموظفين وازدهارهم وشعورهم بالانتماء، وبناء ثقافة شاملة تحفزهم على إحداث تغيير وتأثير لقيادة التميز في قطاعهم وفي منطقتهم من خلال التزامهم ومواهبهم وابتكارهم وخبراتهم. فجذب أفضل الخبرات والموهوبين والاحتفاظ بهم ووضعهم في مكان عمل جاذبة ومريحة ومساعدة على الإبداع والابتكار هي احدى أدوات النمو المسؤول والطريق الصحيح للوصول الى التحول المستدام.
يعد تغير المناخ أحد أكبر التحديات في عصرنا، فأعظم إرث يمكن أن تتركه الشركات للأجيال القادمة هو التزامها المستمر بالحفاظ على الكوكب وبيئته. فمن خلال تعهدها وعملها للحد من انبعاثات الكربون والتعامل الحسن والمستدام مع النفايات وإعادة التدوير،تحسين الكفاءة في استخدام المواد الطبيعية وموارد الطاقة والماء،دعم النظم البيئية بكل احترافية وشفافية. كذلك تضمين ومراعاة جوانب الاستدامة في المخططات والتصاميم كل ذلك يعزز من هذا الإرث.
لإغلاق المحاور الثلاث الاقتصاد والمجتمع والكوكب على أكمل وجه وربط بعضها البعض، يجب الحرص على صياغة تشريعات ولوائح الحوكمة البيئية والاجتماعية والمؤسسية وتأسيس برنامج التدقيق والحوافز التي تعد عين الرقيب لضمان تحقيق هذا النمو المستدام، كما أن إنشاء شبكة من الشراكات المتعددة مع القطاعات المختلفة لجلب افكار وحلول للتغلب على التحديات المجتمعية والبيئية تساعد في الوصول إلى النمو العادل والشامل.
أخيراً تقليص البصمة الكربونية وعدم ترك أفراد المجتمع خلف الركب وتصميم مستقبل قطاع الأعمال والابتكار فيه هي شعارات وثقافة وخلاصة تجارب النمو المستدام في أي كيان ومنظومة يعملون و ينمون بمسؤولية.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال