الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
ولتمس تحديات مخرجات منظومة التعليم العالي، فالمقصد ينبغي أن تكون سوق العمل وليس أي مكانٍ آخر؛ فمن يخرج -في الغالب الأعم سيعمل- فإن رغب في العمل ولم يجده فذلك تحدي لا يهمل. تقول نتائج مسح سوق للربع الثالث أن نحو 49.2 بالمائة من السعوديين الباحثين عن عمل مكثوا في البحث أكثر من 12 شهراً، وأن 61 بالمائة من الباحثين عن عمل يحملون شهادة جامعية أو ما يعادلها.
وللتعامل مع التحديات القائمة يمكن تقصي ثلاثة مطالب. المطلب الأول، لتتمكن الجهات المعنية من وضع سياسات مستندة إلى الواقع كما هو، وليس لانطباعات، ولا إلى استحسان ما طُبق هنا وهناك من بلدان زارتها وفود، ولا حتى لتفضيلات شخصية أو نخبوية. فيما يكمن المَطلب الثاني في تصميم سياسات للربط: بين التعليم والتنمية الاجتماعية-الاقتصادية من جهة، وبين التعليم والتنويع الاقتصادي من جهة ثانية، وبين التعليم وحفز النمو الاقتصادي من جهة ثالثة ومواءمة العرض (مخرجات الجامعات) مع خلق الوظائف تلبية لطلب السوق وليس لرغبة الجامعة المجردة في فتح تخصص وإغلاق آخر. ويقوم المَطلب الثالث على وضع خطط تنفيذية لتحقيق أهداف تلك السياسات، فمن خلال ما يتطلبه التنفيذ من موارد سندرك كم ينبغي أن ننفق، بمعنى أن الانفاق الحكومي على التعليم سيقوم على تحقيق مستهدفات، باعتبار أن تنافسية نظامنا التعليمي من حيث جودة المخرجات وتنوعها هو الدعامة الأساس لمنافسة الأمم الأخرى، وهذا ما تسعى “رؤية السعودية 2030 ” لتحقيقه.
ندرك جميعاً، أن النقاش هنا لا يجادل حول أهمية التعليم عموماً، لكنه يتناول نقطة محددة تهتم بالصلة بين التعليم وتحقيق أهدافنا الاقتصادية، وأنه لابد أن يكون هناك عائد ملموس من الاستثمار في التعليم؛ انطلاقاً من أن هذه الأهداف الاقتصادية تعني استقرارنا و ازدهارنا وتنافسيتنا، فهي أهداف محورية ارتكازية لحاضر ومستقبل بلادنا. وعلينا تذكر، أن ضعف السياسات الرابطة بين التعليم والاقتصاد وسوق العمل تحديداً، وتذبذب الإنفاق على التعليم تبعاً للتذبذب في إيرادات الخزانة العامة، فضلاً عن تدني كفاءة الإنفاق، عواملٌ أدت لتأخر منظومة التعليم عن مجاراة التنمية وتلبية احتياجات التنوع والنمو على مدى يزيد على ربع قرن كماً ونوعاً، ويمكن القول إن سوق العمل واقتصادنا ككل يعيشا تبعات ذلك، وأبرز تلك التبعات معدل مرتفع للبطالة! مما يتطلب أن نعمل منهجياً وميدانياً دفاعاً عن تحقيق أهداف الرؤية، وليكون لمواردنا البشرية المواطنة نصيب متصاعد من اكتساب الخبرة وتطويرها وتمريرها لتدعم الميزة التنافسية لاقتصادنا الوطني عبر مراكمة رأس المال البشري، فهو المورد لتعزيز تنافسية الإنتاج.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال