الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
يقول الشاعر “لكلِ زمان دولة ورجال”
يعيش البعض محارباً وكأنه سيعيش الدهر بأكمله، والبعض الآخر مستسلماً وكأنه سيموت غدا، ليأتي الجيل الذي يليه ويبدأ صراع المقارنات من هم الأفضل نحن أم أنتم! ومن هنا بدأ “صراع الأجيال” الذي نشهده هذه الحقبة بين باحثي العمل والباحثين عن الفرص التجارية والاستثمارية من جهة، وبين ملاك بعض المنظمات وتجّارها من جهة أخرى. ونتيجة لهذا الصراع، أخذ جيل الباحثين عن العمل بإطلاق مصطلح “جيل البترول” أو النفط على الجيل السابق، بزعمهم أن ذلك الجيل كانت حوائجه مقضية وأكثر تيسيرًا من الآن، فمنهم من كانت الدولة –حفظها الله- تدعم مشاريعهم بكرم، ومنهم من حظي بالبعثات التعليمية لدول الخارج كالولايات المتحدة ودول أوروبا واليابان، بشروط ميسرة آن ذاك، لا لميزة سوى أنه مواطن، ويرغب في العمل! وجهة نظرهم أن الفضل -بعد الله- يعود لاكتشاف النفط الذي سهل عليهم كثيرًا من أمور حياتهم التجارية والعملية.
الغريب في الأمر أن “جيل البترول” إن صح التعبير أو الاسم، مذبذباً في وصفه لجيل الشباب، يراه جيلاً مهملا لا يكترث لأمرٍ، ويغبطه تارة أخرى. فهو جيلٌ منعم عاش بخير، تعليمه خضع لقوانين حديثة جعلته سهلا إلى حد ما، وسبل عيشه ممهدةً من قبل أن يولد، عاش وترعرع في منزلٍ “مكيّف” مبنيٌ من الخرسانة، تراه وكأنه صرح ممرد من قوارير، مقارنة بمن عاشوا سابقا في بيتٍ طيني! إضافة إلى أنهم ينعمون بالتقنية التي سهلت عليهم كثيرًا من العناء والمشقة؛ لذلك أطلقوا عليهم مصطلح “جيل التقنية”
أسرد ذلك بصفتي محايدًا غير متحيزٍ لأي من الجيلين، ولكن ما أرجوه أن يتفهم بعضهم البعض. حيث أن الزمان والمجتمع يجب أن يكون مترابطاً، فلا غنًى عن جيل النفط أو جيل التقنية، فتعاقب الأجيال كما السلاسل، يجب أن تكون حلقاتها متصلة مترابطة لضمان أمور عدة؛ أهمها ضمان اقتصاد متينًا بجهود الجيل الشاب وخبرة الجيل السابق. ثانيها أن يتنازل الجيل السابق الناضج، ويبادر إلى تقديم خلاصة تجاربه وخبراته، داعمًا مشاريع الشباب وأفكارهم. وأن يأخذ جيل الشباب بعين الاعتبار ما عانى منه الكبار من عقباتٍ ليست بالسهلة في رحلتهم العلمية؛ نظرا لصعوبة البحث وضعفه آن ذاك. فليس من المنطق اعتقادك أن الجيل السابق سيؤمن بأن يوماً من الأيام ستكون المطاعم سحابية، أو أن المعلومة ليست بحاجة إلى بحث الكتب، بل كل ما في الأمر ضغطة زر! مجرد إيماننا بأننا لا نعيش صراعًا أو حربًا بين الأجيال هنا بداية لرأب هذا الشرخ بينهما، فنحن نتكامل جيلا بعد جيل، وهذا التكامل مقرون بتفهم كل منهم الآخر.
أرى أن من الإجحاف وعدم الإنصاف يا “جيل النفط ” وصفك للباحث “عن عمل” بالإهمال، ونعته “غير صالح للعمل” سببه آراء قديمة تكونت لديك من قِبل المحيطين بك، على رسلك “فمدحت ليس أبا بكرٍ الصديق” وليس من العدل نقل هذا الفكر لأبنائك! أيضا من الوهم يا جيل التقنية، يقينك التام بأن الجميع يحاربك خوفًا من فكرتك العظيمة التي قد فكّر بها “جاك” و “ويليم” من قبل ابتعاثك!
لذا نعود لحديث الرسول –صلى الله عليه وسلم- عندما أعطانا قاعدة التأدب والتعايش بحديثهِ “ليس منّا من لم يرحم صغيرنا، ويعرف شرف كبيرنا” فلو اتبعنا هذا الهدي النبوي، وجعلناه منهاجًا، لعرفا كلا الطرفين أن استمرار هذا الصراع ينذر بخطر كبير للعلاقات البشرية.
قيل لي:
الأجيال تتحارب على مر العصور؟
فأجبت: في الأفلام وليس في بلد الإسلام!
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال