الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
من العوامل التي ساعدت على ارتفاع أسعار السلع الاستهلاكية والخدمات والكثير من المنتجات في أسواقنا المحلية، ارتفاع أسعار التكلفة على المنتج النهائي التي تذهب للمستهلك، على سبيل المثال، ارتفاع رسوم الخدمات التي تقدمها الجهات الحكومية من رخص بلدية واشتراكات في الغرف التجارية وجعل الاشتراك الزاميا.
معظم التراخيص ارتفعت رسومها واشتراطاتها، سواء كنت ستفتتح محل سندوتشات الى متجر كبير أو مركز تسوق أو فندق أو فعالية ترفيهية، وتضيف إليها المصانع والشركات وغيرها من الرسوم الأخرى المعنية بفتح نشاط تجاري، والأمر الآخر رسوم نقل وتجديد الإقامات للعامل الوافد، حيث تتحمل الشركة أو المؤسسة المشغلة كافة الرسوم بما فيها المقابل المالي ورسوم استخراج التأشيرة وكل ما يتعلق بالاستقدام، ونضيف إليها حالة الركود الاقتصادي نتيجة ما يحدث في العالم، ودفع ضريبة القيمة المضافة المرتفعة وبالتالي فإن الضحية في كل ما يحدث هو رجل الأعمال أو صاحب المنشأة التجارية، يصبح مثقلا بكل هذه الرسوم والاشتراطات، وهنا سوف يلجأ الى تحميل المستهلك، كل هذه الرسوم حتى يستطيع أن يستمر في نشاطه التجاري.
فما الذي يحدث، نبدأ من الأخير، الثلاثاء الماضي، صرح تجار البيض في السعودية، أن أسعار البيض تتراجع من أسابيع، والزيادة على المستهلك مصدرها سوق الجملة والتجزئة، وكلام تجار البيض ينطبق على معظم السلع والمواد الاستهلاكية، والحقيقة كلامهم صحيح 100%، وتجار الجملة والتجزئة أيضا محقون، التكلفة الحقيقية لسعر البيض هو ما يخرج من هذه المزارع يفترض أن يكون بنفس السعر، إنما كما قلت هذه المحلات والممارسة للأنشطة التجارية تدفع كل هذه الرسوم والاشتراطات ومبالغ البسطات والإيجارات المرتفعة ومرتبات عمالة وافدة وسعودية، واشتراك تامين طبي وفاتورة طويلة من المبالغ والرسوم يدفعها صاحب النشاط التجاري، وكل هذه المبالغ يتحملها المستهلك النهائي.
اذا نظرنا للموضوع من جانب آخر، وخاصة فيما يتعلق بسوق العمل، نرى أن هناك مفارقات في التعامل، انعكس هذا التعامل على أصحاب المنشآت التجارية، فمثلا في توظيف المواطن، لا تحتاج الى دفع رسوم التأشيرة والإقامة وتذاكر إركاب ورخص المهن، حتى المقابل المالي، كما يحدث مع الوافد الذي يعمل في أي منشاة، وتستطيع أن تتخلص من المواطن السعودي في أي لحظة متى تشاء بعد توجيه الإنذار له أو تطفيشه، بينما العامل الوافد يتطلب أن ينقل كفالة، وتتحمل المنشأة الجديدة التي ينتقل إليها تحمل المقابل المالي.
الذي أريد أن أقوله هو أن الأعباء على صاحب المنشأة التجارية في حال يوظف وافد يتحمل مصاريف هو في غنى عنها، لو أن أنظمة سوق العمل مرنة، طبعا في السنوات الأخيرة سلطات العمل في السعودية، اطلقت العديد من البرامج ومنحت العامل الوافد المزيد من التحرير من الكفيل خاصة في استبدال كلمة الكفيل بعلاقة تعاقدية، ومع أن هذه الخطوة لم تغير شيئا في سوق العمل، وحرية انتقاله الى منشاة أخرى، وإلغاء بلاغات الهروب التي كان يلجا لها أصحاب المنشآت.
عدلت سلطات العمل العديد من القوانين والأنظمة، التي تعطي العامل الوافد الكثير من المزايا ومساواته مع العامل السعودي، إلا أن هذا لا يزال غير كافيا، سواء للعامل الوافد وأيضا على أصحاب المنشآت الخاصة.
من أبرز هذه القيود التي لا تزال معلقة في رقبة الكفيل ويحتاج الى تحرير هذه القيود، هو إعفاؤه من أي رسوم يدفعها بدلا عن العامل الوافد، ويتساوى في المعاملات مع العامل السعودي، فالسعودي يتحمل رسوم ترخيصه المهني، والدورات التي تؤهله أو ترفع قيمته الوظيفية، لا تتحمل المنشأة أي مبالغ لتجديد إقامة أو مغادرة أو حتى خروج.
طبعا هذه التكاليف التي ربطت الكفيل السعودي، جعلته يتحمل أعباء مالية، ومن اجل أن يعوض هذه التكاليف يحملها على المستهلك النهائي، وبالتالي السلعة الواحدة تضاف عليها، ضريبة القيمة المضافة مع ارتفاع الأسعار والتضخم الذي تشهده الأسواق العالمية، وأيضا ارتفاع رسوم الخدمات الحكومية واشتراطاتها، هنا يتطلب معالجة المشكلة بالتعاون مع عدة جهات، وبالدرجة الأولى من قبل سلطات العمل السعودية وهو تجريد الكفيل من أي قيود أو ارتباط بالعامل الوافد و إعفاؤه من أي رسوم مرتبطة بالعامل الوافد، وهذا لن يحدث إلا اذا ألغت السلطات الكفالة الفعلية، وإصدار نظام يكون العامل الوافد كفيل نفسه وتجدد من قبل الجوازات، دون ارتباط بكفيل يتبع مؤسسة أو شركة، ويتحمل هو كل الرسوم التي تتطلب بقاؤه في السعودية، ويكون عقد العمل أو العلاقة التعاقدية هو الرباط بين الطرفين.
بالطبع المقترح يتطلب المزيد من الدراسة وأيضا سرعة في التنفيذ بحيث يكون سوق العمل السعودي مرنا، وقابلا لاستقطاب مهارات مهنية، في اعتقادي تحرير الكفيل السعودي، ومنح صلاحية أكبر للوافد بحرية البحث والتنقل للعمل وأيضا متى ما أراد مغادرة المنشاة، لدينا تجربة سابقة في حصول اليمني على إقامة من الجوازات دون حاجة للكفيل، ويبقى التوظيف فقط لمن يحملون الإقامة النظامية، وتكون العلاقة تعاقدية ومتى ما أراد الطرفان إنهاء العلاقة تتم بدون أي تبعات، وهو كما يحدث مع العامل السعودي.
بالطبع هذه الخطوة ستخلق بيئة ناضجة ومحفزة لسوق العمل، وأيضا المساواة ما بين العامل السعودي والوافد، وكذلك نخفف العبء على أصحاب المنشآت التي أرهقت جيوب المستهلكين بزيادة تكلفة التشغيل وارتفاع الأسعار.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال