الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
هل جربت السير في طريقٍ ضبابي تنعدم فيه الرؤية؟ أو طريقٍ مظلم انقطعت عنه الكهرباء؟
في مثل هذه المواقف تكون ردة فعلنا المباشرة الإبطاء من سرعتنا تحسبًا لظهور أي شيء مفاجيء، وتوجيه معظم تركيزنا لإيجاد الاتجاه الصحيح حتى نعبر المنطقة بأمان. قد يكون الطريق محاطًا بمناطق جميلةً تستحق قضاء بعض الوقت فيها، ولكن انخفاض مستوى الرؤية أخفى عن أعيننا كل معالمها.
العمل في الإدارات الغامضة يشبه السير في أحد هذين الطريقين. فالشخص يرى مسافة خطوات بسيطة أمامه ولا يعرف ما هو القادم ولا إلى أين يتجه
يخلق الغموض تحدياتٍ كبيرة وبيئةٍ غير مريحة تربك الأشخاص وتؤثر على إنتاجيتهم. ففريق العمل يقف حائرًا أمام خيارين. إما أن يكون حذرًا في خطواته ويتقدم ببطء حتى يضمن النجاة، أو أن يقرر المغامرة ويمشي بخطواتٍ سريعة قد تضطره للاصطدام بمفاجآت الطريق.
هل نستطيع إزاحة الغموض نهائيًا؟
لمعرفة الإجابة لابد من التفريق بين نوعين من الغموض:
غموض خارجي: وهو ما يرتبط بالظروف المستقبلية غير المضمونة الخارجة عن سيطرتنا، ولا يمكننا طرده نهائيًا من حياة المنشأة خاصةً أن بيئات العمل تزداد تعقيدًا يومًا بعد يوم. وهو غموض إيجابي لأنه يحفز فضولنا، ومرونتنا في مواجهة المفاجآت، وقدرتنا على الابتكار. فحتى كبريات الدول والاقتصادات ليست بمعزل عن هذا النوع من الغموض. نتذكر جميعًا كيف سجل عدم اليقين أعلى مستوياته قبل عامين بحسب مؤشر عدم اليقين العالمي وكيف احتاج العالم لمرونة عالية وحلول مبتكرة لمواجهة الجائحة.
غموض داخلي: وهو ما سنركز في هذا المقال على أهمية إزاحته. ويعني انعدام الشفافية في بيئة العمل الداخلية، وتشوّش الأهداف بسبب نقص المعلومات وقلة التواصل. تراكم هذا النوع من الغموض يعطل نجاحنا ويعيق استعدادنا لمواجهة الغموض الخارجي ويحرمنا من اقتناص الفرص.
هل تعاني من أعراض الغموض الداخلي؟
من المهم أن نبدأ بهذا السؤال لنتحقق من وجود مسببات الغموض في الإدارات ومن أهمها:
غياب الرؤية أو عدم وضوحها
من واقع قيادتي للعديد من المشاريع صادفت بعض المنشآت التي تعمل بدون رؤية واضحة وكنت أرى تأثير ذلك بوضوح على جودة أعمالها. ولو كان هناك نصيحة واحدة أريد تقديمها فهي: لا تعتمد على الحلول المؤقتة لمشاكلك الغامضة، وابدأ بتحديد رؤيةٍ واضحة المعالم.
غياب الرؤية المستقبلية أو عدم وضوحها يعود لأسباب عديدة من ضمنها: عدم وضوح الوجهة، أو عدم مشاركة الرؤية وشرحها بشكلٍ كافٍ لترسخ في أذهان الفريق، أو عدم ربطها بمهام الموظفين اليومية، أو عدم تجسيد الرؤية من خلال السلوك القيادي.
من الأمور التي أحرص على تذكير فريق عملي بها أن الرؤية ليست مجموعة كلماتٍ رنانة تكتب على الجدران والورق لتترك أثرًا مؤقتًا في أنفسنا. ولكنها سلوكًا نجسده ونهجًا نسلكه كل يوم. وبعد تحديد رؤيتك قد تحتاج إلى إجراء استطلاعات رأي بين موظفيك لقياس مدى فهمهم للرؤية، والتعرف على التحديات التي يواجهونها في محاولتهم لتطبيقها
عدم وضوح المهام والمسؤوليات
لا نتحدث هنا عن الشركات الناشئة والمشاريع الريادية ذات الفرق الصغيرة التي يُعد عدم التقيد بالأدوار فيها من أهم أسباب استمراريتها، ولكننا نتحدث عن المنشآت الكبيرة المستدامة التي تتبنى الغموض ولا توزع الأدوار بشكل واضح مما يخلق لأعضاء الفريق صعوبة في فهم أدوارهم ويعطل الإنجاز وروح الابتكار.
وهنا نتطرق لثلاثة مفاهيم رئيسية:
عادةً ما يفترض القادة أن الموظفين يعرفون أدوارهم ومسؤولياتهم، لكنهم لا يأخذون في الاعتبار نمو فرق العمل، والتغييرات الجديدة، والتحيزات الشخصية، لذا يمكننا معالجة هذه المشكلة من خلال بعض الخطوات مثل:
التواصل المبهم:
شح التواصل، وعدم توفر معلومات كافية أو إجراء محادثات غامضة، يترك الموظف في دوامة من التساؤلات والتفسيرات والاحتمالات مما يعرقل الإنتاجية. يمكن أن ينعكس تحسين التواصل الداخلي على مناطق كثيرة من العمل. ومع أن التواصل إحدى اهم البديهيات المسلم بها في عالم الأعمال. إلى أنه بحسب IABC 60٪ من الشركات لا تمتلك استراتيجيات طويلة المدى لتواصلها الداخلي. وفي دراسة أخرى أجرتها Gallup 85٪ من الموظفين لا يتم إشراكهم أو يتم إقصاؤهم بشكل واضح. لذلك إن كنت جادًا في إزاحة الغموض من منشأتك لابد من العمل على تنفيذ استراتيجية تواصل داخلي أكثر قوة وفاعلية. بغض النظر عن مدى صعوبة ذلك، فمن مصلحة عملك وعلاقاتك دائمًا أن تكون واضحًا. فالتواصل الشفاف يقلل الإحباط الناجم عن سوء الفهم، ويعزز التفكير المنظم. كما يشجع على تفهم مواقف الآخرين، وإدارة العلاقات بشكل أكثر فعالية.
إن كنت تلاحظ وجود أحد هذه الأعراض أو جميعها فإن منشأتك تعاني من الغموض بما يستدعي التدخل السريع. ويكون ذلك بأن تقرر أن تنتهج الوضوح، ولا تقبل التنازل عنه. سواءً كان ذلك في رؤيتك، ومحادثاتك، وأدوار فريقك، وكل ما يتعلق بعملك.
فوضوحك كقائد سيخلق تناغمًا بينك وبين فريقك. بما ينعكس إيجابًا على أداء المنشأة ورسائلها للمتلقين، وسيبني ثقة متينة بينك وبين كل من يتعامل معك.
لقراءة المزيد:
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال