3666 144 055
[email protected]
كان من أهم أهداف نظام المنافسة السعودي عند صدوره قبل أربع سنوات حماية المنافسة العادلة بين منشآت القطاع الخاص، وتشجيعها، ومنع الممارسات الاحتكارية مثل الاتفاق الصريح أو الضمني على تحديد أسعار السلع وبدل الخدمات وشروط البيع والشراء، وتحديد أحجام أو أوزان أو كميات إنتاج السلع والخدمات، والحد من حرية تدفق السلع والخدمات إلى السوق أو إخراجها منه أو تخزينها بغير وجه حق، وحجب السلع والخدمات المتاحة في السوق بصفة كلية أو جزئية عن منشأة أو منشآت معينة، وغيرها من الممارسات الاحتكارية التي قد تخل بعدالة المنافسة ومصلحة المستهلك في نهاية المطاف من خلال رفع أسعار السلع وبدل الخدمات عليه.
اليوم، وفي ظل تعاظم دور القطاع الخاص واطلاعه بمسؤوليات أكبر منها خلق فرص العمل بشكل أكثر فاعلية، وتوفير بيئة عمل صحية يكون العامل السعودي فيها أكثر استقراراً وأكثر إنتاجية، أصبح من المهم أن يكون لنظام المنافسة دوراً أكبر ليس فقط في حماية منشآت القطاع الخاص من الممارسات الضارة التي قد يمارسونها ضد بعضهم، بل في حماية القوة التعاقدية للعامل السعودي من خلال منع الممارسات الاحتكارية التي قد تمارسها منشآت القطاع الخاص وتؤثر على قدرته التعاقدية مثل الاتفاق – سواء بشكل صريح أو ضمني، بشكل كتابي أو قولي، بشكل رسمي أو غير رسمي – بينهم على عدم الدخول في مفاوضات مع أي عامل يعمل في هذه المنشآت التي دخلت في هذا الاتفاق من أجل تعيينه أو توظيفه، أو الاتفاق الصريح أو الضمني بينهم على تحديد سقف معين للأجور لا يتم تجاوزه، أو الاتفاق على تبادل المعلومات المتعلقة برواتب الموظفين أو مكافآتهم أو بدلاتهم أو أي مزايا مالية وغير مالية يحصلون عليها سواء بشكل رسمي أو غير رسمي؛ إذ أن مثل هذه الممارسات تؤثر على قوة العامل التعاقدية وتحرمه من حقه في التفاوض والبحث عن فرص عمل أفضل.
مثل هذه الممارسات قد يترتب عليها مسؤولية مدنية وجنائية في القانون المقارن. على سبيل المثال، وزارة العدل الأمريكية ممثلة في شعبة مكافحة الاحتكار أعلنت في ٢٠١٦م عن عزمها تحريك دعوى جنائية ومدنية ضد المنشآت التي تعقد اتفاقيات عدم توظيف “non-hire agreements” أو اتفاقيات تحديد الأجور “wage-fixing agreements” ابتداءً من العام ٢٠١٦، وعن عزمها تحريك دعاوى مدنية فقط ضد المنشآت التي عقدت مثل هذه الاتفاقيات وأنهتها قبل هذا التاريخ. وهو ما كان؛ إذ أعلنت في ٢٠١٨م عن تحريكها دعوى مدنية ضد شركتي Knorr-Bremse AG و Westinghouse Air Brake Technologies Corp لدخولهما في اتفاقيات عدم توظيف وتحديد أجور بدأت في ٢٠٠٩ وانتهت في ٢٠١٥ في مخالفة صريحة للبند الأول من قانون شيرمان (قانون المنافسة الفيدرالي).
خلاصة القول أنه مع تعاظم دور القطاع الخاص ومن أجل خلق بيئة صحية وآمنة للعامل السعودي فإنه لابد من إعادة توظيف نظام المنافسة بما يضمن عدم قيام منشآت القطاع بأي ممارسات احتكارية تؤثر على قوة العامل التعاقدية وتحرمه من حقه في البحث عن فرص عمل أفضل.
© 2020 جميع حقوق النشر محفوظة لـ صحيفة مال
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734