الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
مفهوم تقييم المخاطر وإدارتها كمجال علمي منذ حوالي 30-40 عامًا. تم تطوير المبادئ والأساليب لكيفية عمل إدارة وتقييم المخاطر. لا تزال هذه المبادئ والأساليب التي تم ايجادها منذ بدء تطبيق تمثل إلى حد كبير أساس هذا المجال اليوم ، ولكن تم إحراز العديد من التطورات المرتبطة بالجوانب النظرية والجوانب المتعلقة بالنماذج والإجراءات العملية. تاريخيا، أول مجال عُرفت فيه تقييم المخاطر كان مجال الصحة والسلامة، ولكن مع تطور الحياة امتدت لتشمل مجالات متعددة منها مجال الأعمال والاستثمار والادارة. وبالتالي، قياس نسبة المخاطر مفيدة لمعرفة احتمالية حدوث الخسائر ومدى حدتها الناجمة عنها، ونسبة التوقع بحدوث هذه المخاطر، مقدار السيطرة عليها. كل هذا من أجل معرفة نسبة تحمل المؤسسة للخطر من ناحية، واتخاذ الحلول الوقائية من ناحية ثانية، والحلول البديلة في حال وقوع الخطر من ناحية ثالثة. وهذا كله يدخل تحت مظلة ادارة المخاطر. ولكن، هناك أيضا جانب آخر مهم، ألا وهو مراقبة المخاطر. فالسؤال هنا، هل لمجالس الادارة دور في توجيه إدارات تقييم المخاطر؟
من هنا نأتي لموضوع هام، صحيح أن إدارة المخاطر هي المسؤولة عن وضع الخطط واستراتيجية العمل و قياس المخاطر ..الخ، الا ان مجلس الادارة يقع عليه واجب التأكد من تنفيذ الأعمال التي تقلل من وقوع المخاطر. ومن هنا، يأتي النقاش حول ماهية المواضيع التي يمكن لمجلس الإدارة العمل عليها لتوجيه إدارات المخاطر. اولى هذه المسؤوليات هي مسؤولية المجلس عن تحديد صور المخاطر التي تواجهها المؤسسة، كما أن تكون مخاطر ذات علاقة بالسمعة ومخاطر ذات علاقة بدخل المؤسسة وعلاقتها مع المستفيدين او المستثمرين. ثانيا، المجلس هو المسؤول عن تقييم إستراتيجية المؤسسة ونماذج الأعمال، ويحدد مدى تناسقها مع أهداف المؤسسة. وبناء على ذلك، تعتبر عملية إقرار الاستراتيجية عمل تداخل بين عمل مجلس الإدارة وإدارات تقييم المخاطر، حيث انه لا يمكن إقرار الاستراتيجيات وأهدافها إلا بعد تقييم مخاطرها، ومناقشة نسبة الخطة ومقدار التحمل. لذلك، استراتيجية المؤسسة قد تحتوي على أهداف مثالية و طموحة، ولكن في بعض الأحيان يكون تطبيقها عبارة عن كارثة مستقبلية. والسبب هنا، أن اهداف الاستراتيجية ليست متناسبة مع نضج المؤسسة اداريا وماليا وقانونيا وغيرها من الجوانب المرتبطة بنوع الهدف.
ثالثا، المجلس هو المسؤول عن ضمان التزام المؤسسة بالعمل عند مستوى مخاطر يمكن للمؤسسة ان تتحمله. بمعنى ان اي عمل لابد ان يرافقه مخاطر معينة، ولكن هذه المخاطر تختلف باختلاف العمل نفسه والظروف المحيطة به وعلى من يقع عبء أداء هذا العمل. فمثلا القيام بعمل قانوني من قبل خبير له باع علمي وعملي طويل في مجال القانون، ليس مثل من يمتلك خبرة متوسطة او قليلة. وبالتالي نسبة مخاطر الأخطاء تختلف من شخص إلى اخر، وبالمقابل، فإن التكلفة للخبير تشكل عبء مالي على المؤسسة على عكس متوسط الخبرة، وهذا يشكل مخاطر مالية. فهنا على مجلس الادارة تقييم مقدار تحملها للخطر في كل قرار تتخذه.
اخيرا، من صور رقابة مجلس الإدارة على المخاطر هي تطوير ضوابط الرقابة الداخلية، وهذه باعتقادي هي الغلاف الرئيسي للحصول على إدارة مخاطر تقوم بعملها بشكل ذا جدوى. دائما ما نرى أن هناك مؤسسات تمتلك استراتيجيات واعدة طموحة، تبعث الامل والانبهار لمن يطلع عليها. ولكن، بعد مدة من الزمان، نجد ان المؤسسة لم تحرز اي تقدم، بل احيانا العكس، ينتج عنها فشل ذريع في كثير من برامجها و خططها. وهذا غالبا ما يكون سببه ضعف أدوات الرقابة الداخلية، وضعف اللوائح التي تلزم الإدارات بالتعاون مع ادارة المخاطر من حيث الإفصاح عن البيانات والمعلومات المطلوبة لقياس نسب الخطر وتوقع المخاطر المستقبلية بشكل واقعي. وهذه غالبا ما تعاني منه الكثير والكثير من المؤسسات، الا وهو ضعف تعاون الإدارات مع بعضها البعض. فنجد ان مطالبات الافصاح عن معلومات ذات أهمية لقياس أداء المؤسسة غير دقيق، واحيانا لا يتم منح مثل هذه المعلومات نهائيا خوفا من اطلاع الادارات الاخرى على عمل غيرها. هذا النوع من عدم التعاون انعكاس سلبي على المؤسسة، وادارة المخاطر حقيقة لا تستطيع إجبار الإدارات على الافصاح، الا في حالة ان مجلس الادارة هو من سن لوائح داخلية تخص هذا الموضوع.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال