الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
المعروف انه من غير المقبول ان تستخدم أموال الجمعيات والمؤسسات الخيرية في غير أعمال الخير التي من أجلها قامت والمنصوص عليها في القوانين والأنظمة من الجهات التشريعية والمنصوص عليها أيضا في سياسات المؤسسات والجمعيات الخيرية. واستخدام اموال الجمعية في الترويج لشخوص القائمين على هذه المؤسسات مثلا اعتقد انه يعتبر مخالفة جسيمة، ويجب تصحيح الامر وان لا يمر دون محاسبة من الجهات التشريعية او على الاقل تنبيههم وتنبيه الجمعيات الأخرى بضرورة الانتباه لمثل تلك المخالفة.
الأسبوع الماضي، ونحن نحتفل بمناسبة وطنية غالية على الجميع وهي ذكرى تأسيس وطننا الغالي ادام الله عليه الرفعة والنماء وحفظ الله قيادتنا، لفتت انتباهي تغريدة (مروجة) على موقع التواصل الاجتماعي “تويتر”، حيث قام مدير جمعية نماء وهي جمعية تقع في منطقة مكة المكرمة وبحسب وصفها لنفسها انها جمعية تمكن المحتاجين وتحسين جودة حياتهم، قام المدير بكتابة مقال باسمه عن يوم التأسيس تم ارفاقه في التغريدة كصورة اضافة الى صورته الشخصية عبر حساب الجمعية على تويتر ووفق أسفل التغريدة انها (مروجة) اي مدفوع مقابل وصولها الى شرائح أكبر من المجتمع، وبحكم انها منشورة عبر حساب (جمعية نماء) فسيتبادر الى ذهننا أن الترويج اي المبلغ المدفوع لترويج (مقال مدير الجمعية) تتحمله الجمعية نفسها، وإذا كان ذلك صحيحا فإنه ان دل على شئ فيدل على ان مجلس ادارة الجمعية لم يضع ما يكفي من السياسات والإجراءات التي تضمن عدم صرف أموال الجمعية في غير أوجه صرفها (الخيرية) المنصوص عليها.
هنا لا نتهم احد لا المدير ولا الجمعية ممثلة بمجلس إدارتها ولكن نبني على الشواهد المعلنة وقد يكون هذا العمل مؤشر على امور اخرى في هذا السياق تتعلق بأوجه صرف أموال الجمعيات الخيرية بشكل عام، او ان عدم وجود سياسات وإجراءات تحكم أوجه الصرف قد تستغل حتى وان كان الأمر بحسن نية.
حقيقة نتمنى على وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية، ومركز القطاع الغير ربحي البحث في هذا الموضوع ووضع ما يكفي لضمان عدم تكراره في الجمعيات الخيرية، فأموال المتبرعين إنما دفعت لإنفاقها على أوجه الخير وليس للترويج لامور اخرى، بل ان هذا الامر قد يؤدي الى احجام أهل الخير عن التبرع للجمعيات الخيرية ما دام لا يثقون في أوجه الإنفاق.
هنا نؤكد على ان الاخوة في جمعية نماء نتوسم فيهم الخير وان شاء الله ان ما أنفق على الترويج للتغريدة ليس من أموال الجمعية، مع التأكيد على أنني حددت في مقالي هذا جمعية نماء لأن التغريدة (المدفوعة الثمن) وصلتني، ولكن فحوى هذا المقال ينطبق على كل المؤسسات والجمعيات الخيرية في بلادنا، واكرر على وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية ومركز القطاع غير الربحي تفعيل الرقابة ووضع ما يكفي من القوانين والأنظمة الحافظة لأموال المتبرعين.
الدعم الحكومي للجمعيات الخيرية يجب ان ينفق على اعمال الخير وتطوير منظومة العمل الخيري وفق ما تم تقديمه في رؤية 2030، وعلى القائمين على العمل الخيري والجهات التشريعية مسؤولية كبيرة في هذا الصدد، فالعمل الخيري قطاع متكامل له آثار ايجابية لا تخفى سواء اجتماعيا ام اقتصاديا ام غيره، واي (هللة) تصرف في غير اوجهها يجب أن يتم التعامل معها وفق ما يقتضيه الموقف و بالقوانين والانظمة.
ما حدث في جمعية نماء في رأيي يسلط الضوء على منظومة الحوكمة في القطاع الخيري، ومدى فعالية مصفوفات الصلاحيات (ان وجدت)، ومدى فعالية دور الجمعيات العمومية ومجالس الادارة في الرقابة الداخلية في المؤسسات والجمعيات الخيرية، كما ويسلط الضوء على فعالية الأجهزة الحكومية في الرقابة الصارمة على الجمعيات والمؤسسات الخيرية.
اتمنى ان نرى ما يكفي لضمان عدم تكرار ذلك، ونتمنى من المؤسسات والجمعيات الخيرية القيام بواجباتها بما يضمن تحقيق مستهدفات رؤية 2030 للقطاع الخيري. أمر آخر لفت نظري وانا اراجع سياسة تعارض المصالح في جمعية نماء وجود جملة نصها التالي (لا يعني وجود مصلحة للشخص يعمل لصالح الجمعية في اي نشاط يتعلق سواء بشكل مباشر أو غير مباشر بالجمعية قيام تضارب مصالح بين الطرفين.)، شخصيا أتساءل عن دلالات هذه الجملة، واترك للقراء تقدير مؤشراتها.
ايضا لفت انتباهي ان السياسة نفسها تخول مجلس الادارة بتقدير ما هو تضارب مصالح من عدمه، فلا يعتبر الامر تضارب مصالح الا بتقدير المجلس، كما اعطت السياسة مجلس الادارة الحق في الاعفاء من المسؤولية (وفق تقديرها) عند تضارب المصالح بما فيها (المسؤولية المالية)، وهذا في رأيي خطأ فادح وجسيم، فتضارب المصالح ملف منوط (بالجمعية العمومية)، والسياسات الخاطئة في رأيي لا تعفي من المسؤولية. نتمنى ان تعمل وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية بما يلزم ليكون القطاع الخيري في مملكتنا نموذج يحتذى به في العالم، وأود ان اذكر بأن الكل يفترض حين يتصدق ان المال ينفق على المحتاج.
وساختم مقالي انني على استعداد لكتابة مقال اخر اذا تواصل معنا (انا او مسؤولي الصحيفة) القائمين على جمعية نماء واثبتوا لنا ان مبلغ ترويج التغريدة هو من حساب شخصي وليس من حساب الجمعية، ليتضح الامر امام القراء مع التأكيد على ان الابتعاد عن الشبهات مقدما على الافعال. دمتم بخير ودام وطننا بعز ونماء.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال