الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
من أكثر الإشكاليات المُعَقَّدة التي تُواجِهُ مجتمع الأعمال هي تَعَارُض المصالح؛ وَالتعارض المقصود هنا هو ذلك الذي ينشأ بين المصالح الشخصية لمدير الشركة وبين مصالح الشركة المُؤتَمَن على إدارة أموالِهَا.
فالمدير بقَدرِ ما يَمتَلِك من صلاحيات لتحريك شخصية الشركة وقيادة نشاطِهَا، بقَدِرِ ما يُفتَرَضُ فيه الولاء لكيان الشركة ومصالِحِهَا، وحقوق الشركاء المساهمين فيها.
لكن المشكلة هي أنَّ أصحاب الملكات الإدارية كثيراً ما يكونوا أيضاً أصحاب ملكياتٍ حصصيةٍ أو سهميةٍ في شركاتٍ أخرى، وعندما ينشأ احتمال تعامُل الشركة التي يُدِيرُهَا المدير مع الشركة التي يَمتَلِكُهَا أو يُسَاهِمُ فيها، تبدأ حالة تعارض المصالح.
حيث إنَّ الولاء لا يَتَجَزَّأ، فإذا كان المدير مسؤولاً عن شركة، فلا يَجُوزُ له أن يُفَضِّلَ مصلحة أية شركةٍ أو أي كيانٍ آخرٍ، حتى وإن كان ذلك ضدَّ مَصلَحَتِهِ الشخصية.
هذه الحالة تنشأ بشكلٍ خاصٍ في شركات المساهمة التي يتمُّ فيها فصل الملكية عن الإدارة؛ فقد يكون عضو مجلس الإدارة من غير المساهمين، حيث يتمُّ تعيينه في هذا المنصب ثقةً في خبراتِهِ، وقدرُاتِهِ الإدارية، وافتِرَاضَاً لولائِهِ المهني.
لذا، في الواقع العملي، يُعتَبَرُ واجب الولاء من المصلحات الشهيرة في القضاء الأمريكي بصَدَدِ شركات المساهمة، حتى أنَّ تجريم أعضاء مجلس الإدارة أو الإدارة التنفيذية كان على أساس انتهاك “واجب الولاء” “Duty of Loyalty” الذي يَرتَبِطُ بـ: “الواجبات الائتمانية” “Fiduciary Duties” لمدير الشركة أي أموال الشركة وأصولِهَا التي ائتُمِنَ عليها، وهو ما يُسمَّى أيضاً بـ: “العناية الواجبة” “Due Care” في بعض السوابق الأمريكية مثل: (Smith v. Van gorkem, 488 A.2d 858 /1985/).
فعلى سبيل المثال، قد يَستَغِلُّ أعضاء مجلس إدارة الشركة مراكِزَهُم ونفوذَهُم في الشركات التي يُدِيرُوهَا للاطَّلاع على معلومَاتِهَا ثم استغلال هذه المعلومات بيعاً وشراءً على أسهم شركَتِهِم.
بناءً عليه، ظَهَرَ واجب الولاء على مدير الشركة بغرض حماية رأس المال من ممارسات التلاعب الإداري الذي يستطيع المدراء وأعضاء مجلس الإدارة في الشركات تنفيذه بالنظر لصلاحيَّاتِهِم المستندة على ولائِهِم المُفتَرَض.
بناءً عليه، فقد كان واضحاً اهتمام نظام الشركات الجديد بمصطلح: “واجب العناية والولاء” (مادة 26 نظام، مادة 11-هـ لائحة)، حيث ينشأ هذا الواجب على مدير الشركة أو عضو مجلس إدارتِهَا، فيكون عليه بشكلٍ أساس خدمة مصلحة الشركة، والإفصاح عن أيِّ تعارُض في المصالح -مباشراً كان أم غيرَ مباشرٍ- قد ينشأ في العقود والأعمال التي تتمُّ لحساب الشركة (مادة 26-ب+و /النظام).
فالمصلحة المباشرة هي وجود مصلحةٍ شخصيةٍ في ذمة المدير أو عضو مجلس الإدارة تَتَعَارَض مع مصلحة الشركة التي يُدِيرُهَا.
لكن هنا، استخدم نظام الشركات الجديد مصطلح المصلحة غير المباشرة دون أن يُحدِّدَ معناها، وهي المهمَّة التي تصدَّت لها اللائحة التنفيذية الصادرة من وزارة التجارة في هذا العام 1444-2023.
لكن اللائحة لم تَتَعَامَلْ مع الشركات المُدرجة في السوق المالية لأنَّها تخضع لقواعدٍ صارمةٍ تكفي من وجهة نظر اللائحة التنفيذية لنظام الشركات، التي كان تركيزُهَا على الشركات غير المُدرجة في التي لا تَخضَعُ لذات المعايير الإدارية والمالية الصارمة.
بناءً عليه، فقد وَضَعَت اللائحة التنفيذية تعريفاً للمصلحة غير المباشرة فيما يخصُّ أعضاء مجالس شركات المساهمة غير المدرجة عبر ذكر بعض الأمثلة غير الحصرية، وهي أن تُحَقِّقَ أعمال أو عقود الشركة فوائداً ماليةً أو غيرَ ماليةٍ وفق إحدى الحالات التالية على سبيل المثال (مادة 17 اللائحة):
ونَقتَرِحُ بهذا الصدد التعديلات التالية في قواعد المصالح غير المباشرة التي تَنَال من ولاء مدراء الشركات:
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال