الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
واضح أن وراء إطلاق برنامج الشركات المليارية تحالفا جادا لتكاملية موارد ثلاث جهات مقتدرة – مؤسسة مسك ووزارة الاتصالات والبرنامج الوطني لتنمية تقنية المعلومات – لتمكين شريحة دقيقة في قطاع المنشآت الناشئة في التقنية من ذوات السمات الواعدة، لكي تشارك مستقبلا بشكل ضخم في مجمل الناتج المحلي GDP وأيضا الوطني GNP، والمتوقع أن هذا البرنامج سيمارس دور المُمكِّن الأهم لهذه الشريحة من المشاريع في المملكة، وفي مرحلة دقيقة في رؤية 2030 الوطنية.
هناك شريحة صغيرة جدا من الشركات الناشئة والواعدة جدا في التقنية على الساحة السعودية تحتاج للاكتشاف لكي تُمكّن وتُدعم، وعملية الاكتشاف هذه تعيش مرحلة ذهبية لأنها حراك دولي، فالعالم متعطش للفرص الابتكارية النوعية لدعم اقتصاداته، لذلك فإن كثير من هذه الجهات الداعمة والمُمكِّنة ورائها حكومات لاكتشاف وجذب مثل هذه المنشآت وأصحابها خاصة في مجالات مثل التقنيات الصناعية الحيادية Agnostic Industry، وعالم “الميتافيرس” ثلاثي الأبعاد الافتراضي، وتقنيات “البلوكشين” التي ستحكم كل شيء من خلال سجل كبير وواسع يتشارك فيه الكل لتسجيل المعاملات وغير قابلة للتغيير، وطبعا مجال الحلول المالية المتقدمة “الفنتيك”.
برنامج الشركات المليارية أتى في وقت دول عديدة متقدمة تقوم بنفس المهمة، وهذا يعني أننا في المملكة نعي جيدا ماذا يحصل في العالم، فعلى سبيل المثال، وادي السيليكون Silicon Valley في الولايات المتحدة نجحت في إيجاد حوالي 250 أو أكثر قليلا منشآت مليارية “يونيكورن”، ولكن يعاني السيلكون فالي اليوم من شح في هذه النوعيات من المنشآت الواعدة نتيجة الهجرة العكسية لأسباب عديدة منها منافسة الممكنين الآخرين في حدود جغرافية أخرى سواء في الداخل الأمريكي أو خارجها مثل أوروبا وشرق آسيا، فرواد الأعمال اليوم على استعداد للانتقال للبيئات التي تحقق أحلامهم، والكل في منافسة شرسة في هذا المضمار.
الأكيد حول هذا البرنامج الوطني أنه سيكون منظومة بحد ذاته Ecosystem وسوف يتطور، ولكن المهم أن يكون هذا التطور طبيعيا وعدم محاولة هندسة تكويناته بعيدا عن رؤيته الأساس كما حصل في برامج عديدة كانت واعدة في يوم ما، واليوم بسبب فقدها حس الاتجاهات، أصبحت مركبات عاجزة عن الحراك المؤثر في اقتصاد المملكة.
ليس أمام برنامج الشركات المليارية سوى التركيز على بناء مصداقية وموثوقية عالية من خلال ترجمة الأقوال إلى أفعال، لإيجاد مخرجات تحقق هدف تأسيس البرنامج على أرض الواقع، وألا ينسى القائمون عليه ثلاث أمور: أولا بأن المشاريع المؤهلة لتكون “يونيكورن” لا تأتي ولكن يُذهب لها، وهي موجودة بنسبة عالية جدا داخل بيئات مازالت غير مكتشفة مثل الجامعات والمؤسسات العسكرية وشركات القطاع الخاص الكبرى، وثانيا أن البرنامج سيكون تحت المجهر المجتمعي، بعد تجارب كثير من رواد الأعمال السابقة المحبطة مع جهات ادعت انها قادرة على مساعدتهم ولم تفي بوعودها، وثالثا أن البرنامج سيكون غالبا تحت متابعة دقيقة ضمن عملية حوكمة أدوار الجهات الداعمة لوصول رؤية المملكة لمخرجاتها كما هو مخطط له، خاصة أن الباقي من الزمن حتى الوصول لعام 2030 هو نفس الوقت المستنفذ منذ انطلاقة الرؤية في عام 2016، أي 7 سنين فقط.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال