استكمالاً للاستفسارات الواردة: هل هناك حالات لدى البنوك والمصارف والجهات التمويلية تتضمن فساداً أو تجاوزات؟ وجوابي نعم، ومنها:
-
- بيع البنك العقار المرهون لديه بالمُخالفة للاشتراطات المُبرمة بين البنك والعميل، ومن ذلك أن لدى بعض المصارف والبنوك (لائحة المُزايدة لبيع العقارات المرهونة)، يوقعها الطرفان مع مستندات عقد التمويل، تتضمن: الحق للمصرف ببيع الرهن ولكن بشرط عرضه للمُزايدة، ويظهر لي أن بعض الهيئات الشرعية تشترط على المصرف ذلك لبيع الرهن، وقد اطلعتُ على إعلان من أحد المصارف في إحدى الجرائد الرسمية عن بيع عقار، وأن على الراغبين التقدم بظرف مختوم بالسعر خلال (15) يوماً، ثم إن المصرف قد باع العقار بنفس اليوم، كما هو ثابت بالصك، الأمر الذي يُستفاد منه أن الإعلان كان صورياً.
- بيع بنك لعقار مرهون بتصرف أحادي منه، بعيداً عن إجراءات نظام التنفيذ وقضائه، بقيمة، ثم إن المُشتري باعه بعد يوم عمل واحد بربح يزيد على (20%) من قيمة بيع البنك للعقار، مما يستوجب التحقيق عن مدى وجود تواطؤ في البيع الأول.
- إعلان بنك عن بيع عقار، مع التضليل بقيمة عائداته إذ ذكرها بقيمة مُنخفضة جداً عن العائدات الفعلية، مما أثَّرَ ليُبَاع بسعر مُنخفض.
- إخفاء البنك عند البيع أن العقار محل رهن، وبيعه من البنك للمُشتري بتقرير أنه المالك للعقار، على خلاف الحقيقة أن العقار رهن.
- إنكار البنك للرهن أمام القضاء، باستغلال أن العقار مُسجَل ومُفرَغ باسمه، بالمخالفة للعقد المُبرم بين الطرفين، بأن العقار مُفرغ باسم البنك على سبيل الرهن، ليبيعه على أنه المالك، دون اتخاذ أي إجراءات مطلوبة نظاماً لبيع الرهن.
- امتناع البنك عن تصحيح مُلكية العقار، تنفيذاً لتعميم البنك المركزي السعودي رقم )318000089828( وتاريخ 26/8/1438هـ، وعنوانه: تسجيل الرهون العقارية وفقاً لحقيقة العقد، وليكون تسجيل العقار بحسب حقيقته، مُلكاً لصاحبه، رهناً للجهة التمويلية.
- بيع العقار بالرغم من أن الدين ليس مُحدداً، أو مُختلفاً بشأنه بين الطرفين.
- بيع العقار بالرغم من عدم حلول الأجل، ومن ذلك حالات حلول بعض الأقساط وليس جميع الدين.
- بيع العقار كاملاً لسداد جميع الدين، وليس فقط سداد الأقساط المُستحقة.
- منع البنك للعميل المُقترض مالك العقار، من تجزِئته، كون العقار باسم البنك، وبيعه قطعة كاملة واحدة، وقد اطلعتُ على عقار مُجزأ فعلياً على أرض الواقع، لم يُمَكِن البنك عميله من تجزئته رسمياً، فبيع العقار خاماً، ثم باعه من اشتراه بعد أشهر قليلة مُجزأً وبأضعاف سعر بيع البنك للعقار.
- بيع البنك لعقار بسعر مُتدني، وقد اطلعتُ على بيوع لعقارات بمئات الملايين من الريالات، بيعت بقرابة ثلث القيمة، والأخطر أن يكون هناك شُبهة استفادة غير شرعية، بالتواطؤ بين البنك البائع أو بعض موظفيه وبين المُشتري أو الوسطاء، ليُتكسب من بيع البنك الأحادي على ظهر المدين صاحب العقار.
هذه بعض نماذج واقعية، وأجزم بإذن الله أنها حالات فردية، ولكن من غير المقبول في اقتصادنا المتين أن توجد، فخطأ البنك أو المصرف ليس كخطأ غيره، وهو الجهة الائتمانية محل ثقة المودعين والدولة والاقتصاد، فاقتصادنا أعز وأسمى وفوق الشُبهة.
ولعلّ نظام مُكافحة الاحتيال المالي وخيانة الأمانة، يؤكد على تجريم من اؤتمِنَ على عقار بيده على سبيل الرهن، فخانَه أو تصرَّفَ فيه بسوء نية أو أحدثَ به ضرراً عمداً لمالكه الراهن، وعلى ذلك تنص المادة (الثانية) من النظام بأنه “يُعاقَب بالسجن مدة لا تتجاوز (خمس) سنوات، وبغرامة مالية لا تزيد على (ثلاثة) ملايين ريال، أو بإحدى هاتين العقوبتين؛ كل من استولى دون وجه حق على مال سُلّم إليه بحكم عمله أو على سبيل الأمانة، أو الشراكة، أو الوديعة، أو الإعارة، أو الإجارة، أو الرهن، أو الوكالة، أو تصرف فيه بسوء نية، أو أحدث به ضرراً عمداً، وذلك في غير المال العام”.
وإن كان من خاتمة، فلنتكاتف جميعاً مع بنوكنا وتجارنا، مُتعاهدين على أن لا يُظلَم بنك بحقه استيفاء دينه في أجله، دون مُماطلة من مدين مليء، وأن لا يُظلَم تاجر أو مواطن من تعسف أحادي من بنك أو مصرف عليه، ومن ذلك ألّا يُباع عقار مرهون بسعر مُتدني أو بإجراءات مُخالفة للنظام، أو بشُبهة تكسب على حساب مالك العقار، وباستغلال ظرف حاجته للتمويل، أو ما لدى البنوك من توقيعات على بياض أو مُطلقة من العميل.
حفظ الله بنوكنا وتجارنا، فالكل أبناء الوطن وأعمدة في اقتصاده.