الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
لا توجد عوامل اقتصادية تبرر بقاء معدل البطالة بين السعوديين أعلى من 4%، فكيف يمكن تبرر معدل بطالة يلامس الـ 10%؟ وظل لسنوات طويلة أعلى منها. فمعدل نمو الناتج القومي السعودي يتجاوز 8%، ومن المتوقع أن تسجل السعودية أسرع معدل نمو في مجموعة العشرين 2023، حسب البنك الدولي. تعداد سكاني منخفض جدا، مقارنة بمساحة الارض، وقوة الاقتصاد ونشاطه، والثروات الطبيعية. مجتمع شاب متعلم أفضل تعليم، في الداخل والخارج، ويفوق تعليمه معظم القادمين للعمل من الخارج. ونشاط اقتصادي ضخم بتحفيز من رؤية السعودية 2030، ومشاريعها العملاقة. زوال كل العوائق أمام المرأة السعودية للعمل في جميع المجالات المناسبة لها. وأخيرا، ما يقارب من 80% من القوة العاملة في السعودية هم من غير السعوديين.
كل ذلك يؤكد أن الخلل في توظيف السعوديين مازال قائما، وينمو بكل أسف. والأدلة موجودة في نشرة سوق العمل الأخيرة الصادرة عن الهيئة العامة للإحصاء.
فبعد أن وصل معدل البطالة إلى الذروة في الربع الثاني من العام 2020 عند 15.4%، حيث بُرر في حينه بظروف إغلاق كورونا، فالمعطيات وهنا أتحدث عن حالة سوق العمل حينها لم تكن بذلك السوء، حيث إن إجمالي المشتغلين قريبا من أعلى نقطة بتجاوزه 13.6 مليون، ونسبة المشتغلين غير السعوديين في أعلى نقطة أيضا منذ 2017 عند 76.13%، بينما نسبة المشتغلين السعوديين عند أدنى نقطة 23.27% لنفس الفترة. وهذا قد يعني شيئا واحدا، أن نسبة من السعوديين في سوق العمل، يشتغلون في المهن البسيطة والهامشية التي يسهل التخلص منها. أو أن الأزمة استغلت للتخلص من السعوديين.
ثم تراجعت نسبة البطالة منذ ذلك الوقت حتى وصلت إلى ما دون 10% في الربع الثاني من العام 2022 بواقع 9.7%، وقد استبشر الجميع خيرا حينها. لكن في الربع الثالث عادت النسبة للارتفاع إلى 9.9% حسب نشر السوق. وذلك الارتفاع يخالف الظروف الاقتصادية للمملكة، ويخالف تصريحات المسؤولين، ويخالف منطقية أرقام السوق التي أظهرتها النشرة نفسها!
وقد بلغ إجمالي المشتغلين في سوق العمل ذروته على الإطلاق بإجمالي يقترب من 14.6 مليون، والمنطقي أن نسبة السعوديين المشتغلين ترتفع أو على الأقل تظل قريبة من النسبة العليا التي وصلت لها وهي 26.45% في الرابع 2021، لكن نسبة المشتغلين السعوديين تراجعت من الربع الأول 2022 لتصل إلى 25.31%. ولو أن نسبة المشتغلين السعوديين انخفضت مع تزايد عددهم في السوق بما يخفض نسبة البطالة لكان الأمر مقبولا نوعا ما.
لكن مع إجمالي زيادة المشتغلين (الداخلين للسوق) بأكثر من 420 ألف في الربع الثالث 2022، لا يمثل السعوديين منهم سوى 54 ألف أو أكثر قليلا بنسبة 12.9%، بينما بلغ غير السعوديين أكثر من 366 ألف بنسبة تجاوزت 87٪%من الداخلين الجدد للسوق.
ولإيضاح الصورة أكثر، تظهر النشرة أن معدل نمو السعوديين المشتغلين في السوق أخذ في التناقص منذ الربع الأول 2022، حيث بدأ بـ 3.41%، ثم انخفض إلى 1.82%، وأخيرا وصل إلى 1.47%. بينما معدل نمو غير السعوديين في السوق لم يتناقص بنفس نسبة السعوديين، إذ بدأ بمعدل نمو 5.55%، ثم انخفض إلى 3.54%، وفي الربع الثالث نما عدد المشغلين غير السعوديين بـ 3.37%.
وأكرر، لو أن تلك النسب أدت إلى خفض البطالة بين السعوديين، أو خفضت عدد المشتغلين غير السعوديين، أو نسبتهم إلى إجمالي المشتغلين، لهان الأمر. لكن ما حدث العكس تماما! بزيادة في معدل البطالة بين السعوديين، وانخفاض في معدل دخولهم للعمل، في المقابل زيادة في عدد ونسب المشتغلين غير السعوديين، وانخفاض في نسب البطالة بينهم.
المشهد السابق المجتزأ من نشرة سوق العمل الأخيرة، يظهر بوضوح وجود خللا كبيرا جدا في توظيف السعوديين (في سوق العمل السعودي)، وليس نقصا في الوظائف. والمؤسف أن تلك الصورة ما هي إلا نموذجا مصغرا لمشهد أكبر ممتد لسنوات.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال