الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
أن يكون لديك عشر أطباق من الطعام، أفضل من طبق واحد وعشر أياد تمتد إليه لتتناول ما في الطبق، يبدو أن السعودية تدفع بقوة نحو تنويع مصادر الدخل لديها وأيضا التنويع الاقتصادي لتخرج من دائرة الاعتماد على النفط فقط كمصدر للدخل، وبالأمس اطلق ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان الحزمة الأولى من برامج الشراكة مع القطاع الخاص المصمم خصيصاً لدعم الشركات السعودية الكبرى “شريك” لتمكين نمو أعلى للقطاع الخاص بما يساهم في تحقيق الطموحات الوطنية، ويرفع مساهمة القطاع الخاص في الناتج المحلي الإجمالي للمملكة إلى حدود 65% وزيادة نسبة الصادرات غير النفطية من 16% إلى 50%. كما يستهدف البرنامج زيادة تنمية استثمارات القطاع الخاص لتصل إلى 5 تريليونات ريال بحلول عام 2030.
خطوة السعودية للتنويع الاقتصادي يأتي منسجما مع التوجه العالمي في ضرورة التنويع الاقتصادي التي بدأت تلقى رواجا في كبرى الدول المنتجة للسلع الأساسية بسبب فوائده العديدة، والتنويع الاقتصادي يساهم في إيجاد فرص عمل جديدة مع تنشيط قطاع القطاع الخاص. وأظهرت جائحة كورونا أن الدول التي تتمتع بالتنوع الاقتصادي استطاعت أن تحافظ على قوة اقتصادها ظلت الولايات المتحدة والصين وألمانيا محتفظة بالمراتب الثلاث الأولى في الصدارة من مؤشر التنويع الاقتصادي، ولم يكن هناك فارق نقاط فقط، بين الدول التي احتلت المراتب من الرابع إلى العاشر إلا 6 نقاط فقط مما يوضح أن قوة التنويع الاقتصادي تظهر أكثر بين الدول ذات التصنيف العالي. على سبيل المثال، ظلت المرتبة العامة لدولة مثل الصين في ّ تحسن مستمر على مؤشر التنويع الاقتصادي على مر السنين، لكنها احتلت المرتبة الأولى على المؤشر الفرعي لتنويع التجارة في العام 2021 المتأثر بجائحة كوفيد-19 مزيحة بذلك الولايات المتحدة
وتُظهر النتائج أيضا أن الحجم الاقتصادي للدولة ينبغي ألا يقف عائقا أمام تنويعها الاقتصادي، إذ إن العديد من الدول العشرة الأولى هي دول ذات اقتصادات صغيرة نسبيا ّ ومع هذا تمكنت من تنويع قاعدة ناتجها الاقتصادي ومن تنويع تجارتها. علاوة على ذلك، يعد اعتماد التكنولوجيا الحديثة والابتكارات مكونا ً أساسيا لزيادة التنويع، فها هي الدول ذات التصنيف العالي بالفعل دول مبتكرة ومن أوائل الدول التي اعتمدت التكنولوجيا الحديثة.
من الواضح أن جائحة كورونا أثرت على التنويع الاقتصادي، وتختلف قوة مسارات التعافي من دولة الى أخرى، فمثلا في الدول النامية منخفضة الدخل استغرق التعافي وقتا أطول بعض الدول يقوم أداؤها ً على تقديم الخدمات عموما والخدمات ً المالية خصوصا مثل سنغافورة وسويسرا، ويؤكد هذا أنه بمقدور الدول تطوير تنويع إنتاجها وزيادته بما يجاوز الأنشطة التقليدية، وبالتالي تمكين “اللحاق” بالدول المتقدمة. ويعد الابتكار واعتماد التقنيات الجديدة ً مكونا ً أساسيا لزيادة التنويع الاقتصادي وليست مفاجأة أن العديد من الدول ذات التصنيف الأعلى في مؤشر التنويع ً الاقتصادي جاءت كأعلى دول أيضا في الأداء الابتكاري في مؤشر الابتكار العالمي، وتحاول السعودية تحسين صورتها في مؤشر التنويع الاقتصادي فهي لا تزال ضمن الدول الأدنى في مؤشر التنويع الاقتصادي،
ويلاحظ أن الدول التي تم تصنيفها في أدنى مرتبة في مؤشر التنويع الاقتصادي جميعها من الدول التي تعتمد بدرجة كبيرة على السلع الأساسية أو الموارد الطبيعية، واظهر مؤشر التنويع الاقتصادي أن السعودية وقطر كانتا من أدنى 10 دول في العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، فإن الإصلاحات السياسية أدت إلى تحسينات كبيرة في مكونات التجارة والإيرادات، حيث نجحت السعودية العقد الماضي في الصعود من قائمة أدنى 10 دول.
حزمة المشروعات التي اُطلقت ضمن برنامج شريك بحضرة ولي العهد وعدد كبير من الوزراء والرؤساء التنفيذيين للشركات الكبرى، يفتح الباب على مصراعيه للتنويع الاقتصادي، وتبلغ القيمة الإجمالية للمشاريع المعلن عنها نحو 192 مليار ريال، وتمثل حصة دعم “شريك” منها حوالي 120 مليار ريال، ويصل أثرها على الناتج المحلي للمملكة إلى ما قيمته 466 مليار ريال خلال العقدين القادمين، بمضاعف اقتصادي يقدر بــأكثر من 2.43 ضعف.
ويحمل البرنامج أهمية استراتيجية واقتصادية عالية للسعودية اذ تعزز هذه المشاريع من نمو 8 شركات وطنية وتساهم في رفع إمكانياتها التنافسية على الصعيد الدولي، كما تخلق أثراً إيجابياً عالياً عبر سلاسل القيمة بأكملها، مما ينتج عنه الكثير من الفرص الاستثمارية الكبيرة لشريحة أكبر من الشركات في القطاع الخاص، وستحمل الحزمة الأولى من المشاريع المدعومة أثراً اقتصادياً واستراتيجياً يطال جملة من القطاعات الاقتصادية في المملكة بالإضافة إلى توفير نحو 64 الف فرصة عمل جديدة.
ويدعم مشروع شريك عدة قطاعات اقتصادية سوف تسهم في التنويع الاقتصادي وهي مشاريع حيوية كما تدفع بالدخول القوي لهذه الشركات الأسواق الغربية بكل ثقة واطمئنان، ومن بينها مشروع إنشاء مصنع لألواح الحديد وهذا سيحقق الاكتفاء الذاتي للسعودية بحلول عام 2030 وحصلت أيضا خدمات الحوسبة السحابية، لتكون السعودية مركز رائد لتقنيات الحوسبة السحابية وجلب خدمات جوجل السحابية، وفي خطوة رائدة تدفع بصناعة محركات السفن في السعودية قدم شريك دعما لتطوير قطاع الصناعات البحرية وتحقيق المزيد من القيمة في قطاعات تصنيع المعادن والآلات، وأيضا مشروع لصب وتشكيل المعادن براس الخير لتعزيز وتكامل سلاسل الإمداد الصناعية.
وقدم برنامج شريك دعما لمشروع توطين إنتاج المواد الكيميائية، وهذا يعني التوسع بشكل كبير في هذا القطاع، وأعطت السعودية اهتمام بالهيدروجين الأخضر حينما قدم برنامج شريك دعما لإنشاء اكبر مصنع لإنتاج الهيدروجين الأخضر في العالم، وحظي مشروع الفوسفات في شمال السعودية، ومشروع صناعة المحفزات والميثيونين، ودعم أيضا لتعزيز مكانة السعودية كمركز رقمي ووجهة موثوقة لحركة البيانات من خلال مشروع الكابلات البحرية، وفي قطاع النقل والخدمات اللوجستية دعم البرنامج مشروع نقل غاز الأمونيا وهذا يقلل من الاعتماد على الناقلات الأجنبية وتعزيز المحتوى المحلي.
توجه السعودية القوي الى تنويع اقتصادها، مؤشر إيجابي لتحسين مراكزها في الاقتصاد العالمي، وأيضا إطلاق المزيد من الإصلاحات بما يمكنها الاكتفاء ذاتيا في مختلف الاحتياجات سواء كانت زراعية وصناعية وتجارية، ويخلق المزيد من فرص العمل وتعزيز المحتوى المحلي. وبرنامج شريك أحد المبادرات المهمة التي ستتوسع مع التجارب والخبرة وتنقل السعودية الى مصاف الدول المتقدمة تجاريا وصناعيا.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال