البهجة بوصفها مفهوم حضري

في معرض البحث حول آراء الجمهور حيال تفعيل المجال العام في المدن وقعت عيني على عنوان ملفت يتحدث عن العلاقة بين الفنون والمجال العام في المملكة العربية السعودية. البحث الذي كان من إعداد القنصلية البريطانية يبدو أنه قديم بعض الشيء، ولكن على كل حال فهو يشير إلى درجة اهتمام عالية لدى الجمهور في هذا الصدد. يجب أن نضع بالاعتبار أن المدن في المملكة العربية السعودية تزخر بكثير من الفعاليات والأحداث، وهو الأمر الذي يجعل من الساحات العامة والحدائق ضرورة لتفاعل الجمهور مع هذه الفعاليات.

حتى على المستوى البصري فلا يمكن أن نغفل هذا الأمر، وأقرب مثال على ذلك ربما يكون الميادين الجمالية التي انتشرت في فترة في بعض المدن فأسهمت في إضفاء طابع جمالي، بات مع الوقت مغذي للذائقة الفنية في المدينة. اليوم ونحن نتابع مشروع بهجة الذي يهتم بتفعيل ما لا يقل عن 500 حديقة للمساهمة في تحقيق أهداف المملكة لعام 2030، وتحويل ما لا يقل عن 200 موقع إلى مساحات يمكن التنزه فيها نتخيل نمط أكثر جمالا للحياة في هذه المدن، سواء كان ذلك على مستوى الفرد أو العائلة أو المجتمع. وهذا الارتباط لا يتوقف أبدا عند مسألة الحس الجمالي والإبداعي، ولكنه يشمل شتى جوانب الحياة، ويتقاطع معها بأساليب مختلفة. خذ على سبيل المثال الجانب الاقتصادي الذي سيتأثر إيجابا بلا شك من خلال المزيد من المساحات الخضراء في المدن، والتي تسهم في محاربة التلوث، وتقلل من الانبعاثات الكربونية، وبالتالي فهي تخفض الكلفة البيئية. ندرك جيدا أن هذا المجال العام كان في فترة من الفترات ضحية التمدن السريع الحاصل في المدن والذي أسهمت وسائل النقل في التأثير عليه. واليوم إذا كانت أول المدن البشرية بلا مركبات هي مدينة سعودية وهي مدينة ” ذا لاين” فإن هذا سيكون دافعا بلا شك لجميع المدن حتى تكون شاهدة على جيل جديد من التخطيط الحضري، الذي يضع الإنسان أولا في كافة المشاريع على الأرض. وحين نتحدث عن المجال العام وتفعيله فلا يمكن أن ننسى مدينة مثل مدينة الرياض وكل المشاريع التي قامت في عهد تولي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز حفظه الله لأمارة الرياض كان يتضح فيها بشكل جلي الاهتمام بتفعيل هذا المجال، وليس أدل على ذلك من حي السفارات كمثال. وعلى كل حال فإن مشروع من هذا النوع لإضفاء البهجة في سكان المدينة، يتناغم ويتكامل مع باقي مشاريع الرؤية هو بالتأكيد مطمح لكل مواطن ومقيم.