الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
إن التخطيط للمستقبل هو عملية حيوية وضرورية للشركات والأعمال لتحقيق النجاح والاستقرار على المدى البعيد. فهو يعني تحليل البيانات والتوقعات المتاحة وتحديد الأهداف والإستراتيجيات التي يجب اتخاذها لتحقيق هذه الأهداف، وتحديد المخاطر والفرص المحتملة في المستقبل. إن التخطيط للمستقبل هو أمر محمود ومطلوب يساعد على توجيه الجهود والاستثمارات في الإتجاه الصحيح، وتحديد المجالات التي يجب العمل عليها والإستثمار فيها لتحقيق النجاح. كما يساعد على تحديد الموارد المالية والبشرية والتقنية اللازمة لتحقيق الأهداف، وتحديد خطط العمل اللازمة لتحقيق الأهداف في الوقت المحدد.
وفيما يخص التخطيط لمشاريع الطاقة المتجددة، فلقد قامت مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية في الماضي بعمل الدراسات الفنية اللازمة لإختيار المواقع المثلى لمشاريع الطاقة الشمسية وطاقة الرياح. ثم قامت مدينة الملك عبدالله للطاقة الذرية والمتجددة بتجميع تلك المعلومات فيما عرف بمشروع ”أطلس مصادر الطاقة المتجددة“ قامت على أساسه الجهات المعنية في وزارة الطاقة بطرح مناقصات مشاريع الطاقة الشمسية وطاقة الرياح التي نراها اليوم على أرض الواقع تحقيقا لرؤية المملكة 2023.
وقبل ذلك كله قامت المملكة ممثلة في شركة الزيت العربية السعودية (أرامكو) بمختلف مراحلها منذ ثلاثينات القرن الماضي بالبحث والتنقيب عن النفط حتى أنعم الله علينا بإكتشاف البئر رقم 7 والمعروف ”ببئر الخير“ وهو ما ساعد المملكة على إكتشاف آبار أخرى وساعدها كذلك على الإعتماد على أصول نفطية حقيقية وموجودة في باطن الأرض للتخطيط السليم لمستقبل باهر وواعد جعل المملكة في مقدمة الدول المؤثرة على اقتصاديات العالم.
واليوم ومع سعي وزارة الطاقة لاستكشاف مكامن طاقة الأرض الحرارية في المملكة لإستغلالها في توليد طاقة كهربائية نظيفة، فإنه لا مفر من المرور بمرحلة التنقيب والاستكشاف لتلك المكامن بإستخدام التقنيات العالمية المعروفة لأصحاب الإختصاص لتحديد الكمية المتوفرة من طاقة الأرض الحرارية الكامنة على وجه الدقة. ومن ثم اعتبارها أصول حقيقية تملكها المملكة وتتمكن الجهات المعنية في وزارة الطاقة من دمجها في مزيج الطاقة السعودي والتخطيط لاستغلالها بالطريقة الصحيحة التي تعود بالنفع على منظومة الطاقة.
وغير ذلك، فإن أي محاولة لتقدير كمية طاقة الأرض الحرارية الكامنة في باطن الأرض سواء بالتوقعات أو بالإعتماد على دراسات منقوصة وغير مكتملة بسبب محدودية الإعتمادات المالية الممنوحة (في حالة الجامعات ومراكز الأبحاث) لن تعدوا على أن تكون مجرد تكهنات قد يؤدي الأخذ بها إلى نتائج سلبية (لا سمح الله) يُهدر فيها المال والوقت والجهد في وقت تتطلع فيه المملكة لأن تكون لها الريادة والتأثير الملحوظ في مختلف مجالات الطاقة المتجددة على مستوى العالم.
إن طاقة الأرض الحرارية الكامنة موجودة ومتوفرة في المملكة وبالأخص في منطقة الحرات التي تقع على مساحة 580 ألف كيلومتر مربع. وعلى أصحاب الاختصاص القيام بدورهم واستكشافها بإستخدام الأساليب والتقنيات المعترف بها عالميا وتحديد أماكنها ومعرفة خواصها على وجه الدقة إذ أن تلك هي الطريقة الوحيدة لمعرفة كمية الطاقة الكهربائية الممكن توليدها من كل مكمن مستكشف، وبناء على ذلك يتم تحديد التقنية الواجب استخدامها في توليد الطاقة الكهربائية، وأخيرا تحديد الاستثمارات المطلوبة للإستفادة من المكمن ومدى جدواه الاقتصادية على المدى المتوسط والطويل.
وتأتي أهمية إستغلال طاقة الأرض الحرارية الكامنة في المملكة في توليد طاقة كهربائية نظيفة في أنها الطاقة المتجددة المثلى والتي تعمل 24 ساعة في اليوم (baseload). وسوف يساهم استغلالها الصحيح في إقتراب المملكة من الصفر الكربوني بشكل ملحوظ وتحقيق أهداف رؤية المملكة 2030 في إحلال الطاقة المتجددة مكان الوقود الأحفوري.
إن جميع الظروف مهيأة لأن تكون المملكة رائدة بين باقي الدول في استغلال طاقة الأرض الحرارية الكامنة وذلك لتوفرها في المملكة، وريادة المملكة في تقنيات التنقيب والإستكشاف منذ أكثر من ثمانين عاما، كما أن المملكة رائدة في أساليب التقليل من مخاطر التنقيب والاستكشاف، وأخيرا فإن المملكة وبحمد الله لديها القدرة على الإستثمار مع انتظار المردود على المدى المتوسط أو الطويل.
وختاما، أدعو أصحاب القرار إلى اعتماد الموارد المالية المناسبة لاستكشاف مكامن طاقة الأرض الحرارية في المملكة بأسلوب علمي وصحيح ومعتمد عالميا ذلك لأنها الطريقة الوحيدة لمعرفة ما تملكه المملكة من أصول طاقة الأرض الحرارية الكامنة في باطن الأرض. وبمعرفتها تتمكن المملكة من التخطيط السليم لمستقبل منظومة الطاقة في المملكة. كما أنني أزعم أن هذه هي الطريقة الوحيدة لجذب الإستثمارات في هذا المجال من خارج المملكة وداخلها.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال