3666 144 055
[email protected]
في المملكة حراك تطويري يُسابِق الزمن، يشهدُ به القاصي والداني، وأصدائه تُسمِعُ العالم، وفي مجال تخصصنا القضائي والعدلي والمحاماة، كانت وزارة العدل رائدة في مُبادراتها، تصميماً وتنفيذاً، بـِ (38) مُبادرة، بعضها استراتيجي ومحوري بعيد الأمد، وبعضها ذو مكاسب سريعة.
ويُسعدني بمُناسبة المؤتمر العدلي الدولي المُنعقد بالرياض، أن أكتب عن بعض الإنجازات والتأملات المُصاحبة لأهم مُبادرات وزارة العدل، ضمن برنامج التحول الوطني 2020، ومن خلال ورقتنا سيتضح كم هي وزارة العدل رائدة ومُنجِزة، تحقيقاَ لتطلعات القيادة وفقها الله لما فيه خير البلاد ورفاهية الجميع واستقرارهم.
والتي استفاد منها جميع المُتعاملين مع القضايا، سواء القضاة حيث أتاحت الرقمنة مُتابعة القضايا والعمل عليها على مدار الساعة، وكثيراً ما سمعنا عن قضاة يُتابعون دراسة قضاياهم من بيوتهم وخارج أوقات العمل،
أما المُتعاملين، فقد حققتْ المُبادرة لهم على أرض الواقع: أتمتة ورقمنة جميع إجراءات المحاكم من رفع الدعوى إلى التبليغ إلى الجلسات وتبادل المذكرات، وسهولة المُتابعة والاطلاع وتقديم الدفوع والعمل على مدار الساعة، إلى حين صدور الأحكام واستئنافها، وصِيَغها التنفيذية، فتحويل الأموال وسدادها إلى المُنفّذ له، وجميع ذلك إلكترونياً دون أي زيارة للمحكمة.
ساهم ما سبق في تقليص المُدد الزمنية للقضايا، لكنه أيضاً في المقابل ساهم في تسهيل إجراءات إقامة الدعاوى، وبالتالي زيادة عددها، حيث يستطيع أي شخص من منزله ودون محامي إقامة الدعوى عبر نظام ناجز.
وبالرجوع للإحصائيات التي تحرص الوزارة على نشرها للعموم بتقارير شهرية، نجد أن عدد القضايا الواردة لجميع المحاكم ما عدا التجارية لعام 1442هـ (777.994) قضية، بينما في عام 1443هـ فإن عدد القضايا (923.910) قضية، والعدد المذكور هو لجميع القضايا أمام العامة والجزائية والأحوال الشخصية ما عدا التجارية، وفي جميع المناطق، ويُلاحظ أنه من بعد “كورونا” وبعد العمل بالتقاضي عن بعد، فإن إحصائيات عدد القضايا في ازدياد مُضطّرد سنوياً، وأحد أسباب ذلك سهولة إجراءات التقاضي لمُطالبة الناس بحقوقهم، وهذا لا شك أنه مطلب.
وفي المقابل، وللتوازن احتاجت وزارة العدل، إلى: سن نظام التكاليف القضائية، والذي سيُسهِم حتماً في خفض عدد القضايا، بحيث لا يُقيم الدعوى إلا صاحب الحق والجاد.
وهنا ولإيجاد التوازن وفي سبيل تقليل عدد القضايا، فإن مما سيُساعد في ذلك: التوصية بإقرار قواعد ومبادئ أوضح للتعويض لمختلف حالات الضرر وجبره، وتقديراته، وبما يتوافق مع عرف التجار والزمن، وبحيث تحدُ من المُماطلة في أداء الحقوق، وتزجر المُتجاوزين والمُخطئين، وتعميمها على القضاة والمُترافعين.
ونُشير هنا إلى بعض مزايا العدالة الرقمية وآثارها:
ومن مُبادرات الوزارة المُميزة، والتي ساهمت وتُسهِم في الحد من عدد القضايا، الآتي:
أولا: ضبط العقود والتعاملات عند بداية التعامل، مثل: توثيق عقود الإيجار الكترونياً، والسند لأمر الالكتروني، وهذا يُعزز أيضاً ويتكاتف مع مُبادرة: تفعيل منظومة العدالة الوقائية.
ثانياً: تفعيل الإقرارات الالكترونية، مثل: التنازل عن دين، وسداد الدين، والإقرار بدين، والرهونات العقارية.
ثالثاً: تنظيم أنواع القضايا التي لا تُقبَل إلا من محامي.
رابعاً: استمرار التنظيم لإدارة الجلسات والمواعيد.
ولا أصدق من الإحصائيات، فبالرجوع لإحصائيات الوكالات والإقرارات، نجد أن عددها في عام 1442هـ في جميع مناطق المملكة (3.680.000) توثيقاً، في حين أنها في عام 1443هـ (5.056.000)، وفي الرياض فقط في عام 1442هـ (2.992.000) توثيقاً في حين في عام 1443هـ (4.613.000).
والسمة واضحة، وهي ازدياد عدد الخدمات المُقدمة، وأنها يسيرة ومتطورة وعلى مدار ألـ (24) ساعة، وهو محل ثناء من الجميع، ولم يقتصر ذلك فقط على الوكالات، فاليوم الإجراءات مُتطورة في الإنهاءات والعقود، ونقل الصكوك والرهون، ونقل ملكية السيارات وجميع التعاملات، مما عالجَ الهدر الزمني والمادي للتعاملات التقليدية السابقة.
ويسند ذلك مُبادرات يصعب حصرها في ورقة، مثل: اعتبار محاضر الصلح سندات تنفيذية، وتدشين منصة نافذ، ومن خدماتها إصدار السندات لأمر إلكترونياً، وتفعيل كتابات العدل المُتنقلة، في أسمى الصور لأرقى الخدمات.
وبتأمل المُبادرات نجد تكامليتها، وشمولها جميع أوجه ومراحل التعامل مع المرفق القضائي في سبيل الضبط والإتقان والسرعة والتسهيل.
ومثال ذلك: مُبادرة رقمنة جميع أرشيف الثروة العقارية:
في سبيل توثيقها بالكامل، وربطها الكترونياً، وتطوير كافة الإجراءات والنماذج المُتعلقة بها (مثل الضبوط والسجلات والمُعاملات العقارية) عبر تحول رقمي شامل، وفائدة ذلك يتمثل في تأمين الصكوك، والاستدلال عليها، وحفظها من الضياع، وتوثيق جميع التعاملات بربط مُتقَن، ومن ذلك الأوقاف والوصايا وغير ذلك.
ولا أبالغ إن قلتُ أننا الأسرع عالمياً في إجراءات الإفراغ العقاري، من خلال التنفيذ الالكتروني لكامل العملية، من توثيق تراضي الطرفين ودفع مبلغ البيع والضريبة ونقل الصك، وكل ذلك بدقائق معدودة.
إن ما سبق أثمرَ العديد، من ذلك حصول المملكة على تصنيفات عالية عالمياً في المجالات العدلية وإجراءاتها، وقد حققت المملكة المرتبة (16) عالمياً في مؤشر استقلال القضاء، وفق تقرير التنافسية العالمية لعام 2019م الصادر عن (دافوس)، وكذلك المرتبة (11) عالمياً في مؤشر (مواءمة الإطار القانوني للأعمال الرقمية)، كما حصلت المملكة على العديد من الجوائز العالمية، ومن ذلك جائزة الأمم المتحدة لمشروع المملكة (محكمة بلا ورق) ولتميز إجراءاتها الالكترونية.
والسؤال: هل الجهود توقفت وهل الأمر انتهى إلى هنا؟
والجواب بوضوح: لم ولن نتوقف، حيث ما زالت عجلة التطوير مُستمرة، ومن ذلك:
ما يتعلق بنشر الثقافة العدلية: وهي في غاية الأهمية في سبيل تعزيز مفاهيم العدالة والحقوق، وإرسال الوعي العدلي العام للمُجتمع بمُختلف فئاته، وقد امتازت المرحلة بحرص الجهات العدلية على نشر الأحكام والمبادئ القضائية، بتصنيف الكتروني يسهل الرجوع إليه والاستفادة منه.
وإن لنا من توصية هنا، فهي مُناسبة إجراء الدراسات الاجتماعية والاقتصادية عن أسباب كثرة القضايا، والحلول لتخفيضها، إذ بالرجوع للإحصائيات نجد الارتفاع الكبير في عدد قضايا الأحوال الشخصية في مجتمعنا حالياً، فعدد القضايا في جميع المحاكم العامة في جميع مناطق المملكة لعام 1443هـ (ما عدا التجارية) يبلغ (415,106) قضية، في حين في ذات السنة يبلغ عدد قضايا الأحوال الشخصية (381,100) قضية.
وأن إجمالي عدد قضايا منطقة الرياض وحدها في جميع المحاكم العامة في عام 1443هـ (128,431) قضية، في حين أن عدد قضايا الأحوال الشخصية في منطقة الرياض فقط (269,455) قضية، وهو عدد يزيد على الضعف عن جميع قضايا المحاكم العامة، وهو لا شك عدد كبير يحتاج إلى المعالجات الوقائية والمُجتمعية والتثقيفية والموضوعية.
ومن جهود الوزارة، وهي من الأهم: الوصول للجودة القضائية:
وهي مُبادرة تحرص الوزارة عليها حالياً، وأبرز ذلك المُراجعات الموضوعية للتشريعات والتطبيقات القضائية، بما يُحقق العدالة الواقعية والوقائية، ويُحقق ضمان الحقوق وردع المُسيء واستقرار الاستثمار ومُراعاة سرعة الإنجاز وجودته، وهو الهدف الأسمى الذي نعمل جميعاً عليه، قُضاة ومحامون، وبتوجيه ومُتابعة دؤوبة من معالي وزير العدل حفظه الله، تحقيقاً لتوجيهات ولاة الأمر بجميع ما يخدم الأمن والعيش الرغيد.
ومن الآثار المُتوخاة من هذا التطوير الملموس:
© 2020 جميع حقوق النشر محفوظة لـ صحيفة مال
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734