الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
القطاع السياحي يشارك في تحقيق 28 هدف استراتيجي من إجمالي 91 هدف للرؤية من ضمنها المحافظة على تراث المملكة الاسلامي والعربي والوطني، وتطوير وتنويع فرص الترفيه لتلبية احتياجات السكان. الدور التي تلعبه السياحة في المملكة له أيضاً أبعاد اقتصادية مؤثرة، فبالإضافة للأموال التي يولدها القطاع السياحي، فتلك الاستثمارات الهائلة التي تضخها المملكة في السياحة ستجلب معها فرصاً وظيفية وافرة للأجيال الحالية والقادمة من شباب وشابات الوطن في سوق العمل، ولكن يبقى من الضروري ضمان استعدادية القدرات البشرية والتي هي عامل دعم أساسي لنجاح الجهود السياحية، فما مدى جاهزية القوى الوطنية العاملة في السياحية؟ وماهي الجهود المبذولة لتطويرها؟
لنجاح أي وجهة سياحية، هناك خمسة عوامل أساسية: الجاذبية، سهولة الوصول، الإقامة، المرافق، وأخيراً الأنشطة. تلك العوامل تقوم على عنصرين رئيسيين وهما أولاً الآلة الدعائية والتي تساهم على إبرازها واستقطاب السياح والذين لهم دور فعال بالترويج للسياحة لاحقاً خاصةً من ناحية التسويق الشفهي، وثانياً القوى البشرية العاملة ومدى توفرها وجاهزيتها لتنفيذ الخطط السياحية، وهو ما سنركز عليه هنا. وبالنظر إلى الإستهداف الاستراتيجي الطموح لوزارة السياحة لزيادة إسهام القطاع السياحي في الناتج المحلي الإجمالي من 3% إلى 10% مع استقطاب 100 مليون زائر بحلول عام 2030 وتوفير 1.6 مليون فرصة عمل، فإن الجهود المبذولة في قطاع السياحة بالمملكة في السنوات الأخيرة، نجد أن الجهود المبذولة تتوافق مع تلك الأهداف وهي ما دفعتها لتصبح الوجهة العربية الأولى في عام 2022 باستضافة أكثر من 18 مليون زائر خلال أول تسعة أشهر فقط من تلك السنة وذلك بحسب منظمة السياحة العالمية. هذا الإنجاز وغيره من الإنجازات التي تم تحقيقها في هذا المجال ساهمت فيه بشكل أساسي القدرات البشرية السياحية في المملكة، والتي تم رسم خطط استراتيجية واضحة لتطويرها حتى توافي القدرات السياحية الصاعدة للمملكة.
أحد أبرز تلك الجهود هو برنامج (رواد السياحة) التابع لوزارة السياحة والذي يهدف لتدريب مئة ألف من شباب وشابات المملكة داخلياً وخارجياً في أبرز المؤسسات التعليمية الرائدة في مجالات الضيافة والسياحة والسفر لتطوير وصقل المهارات الأساسية للنجاح في القطاع السياحي. وقد سعدت بكوني أحد المشاركين في هذا البرنامج، وسرني ما عاينته من جودة تنظيم البرنامج وحرص القائمين عليه في تجربتي التي زاملت فيها كفاءات مليئة بالشغف للمساهمة الفعالة في سياحة المملكة. ذلك البرنامج بالإضافة لبرامج أخرى مثل (مستشارك في السياحة) و(منصة التعليم السياحي الإلكتروني) وكذلك (الإبتعاث الثقافي) لوزارة الثقافة لهم دور أساسي على المدى القصير والطويل في تطوير جاهزية القدرات البشرية في القطاع السياحة. ولعل أحد البرامج التي اقترح إيجادها هو برنامج تبادلي متكامل يتم من خلاله تبادل الكفاءات السياحية مع المؤسسات التعليمية والإعلامية من أنحاء العالم ومن ضمنه استقطاب المؤثرين اعلامياً لمعاينة التطور السياحي لدينا وزيارة نقاط الجذب التاريخية والحديثة والتي من شأنها زيادة الأضواء على المنجزات السياحية.
إن المشاريع الحديثة مثل نيوم، البحر الأحمر، بوابة الدرعية، العلا، المكعب، وغيرهم، إضافةً إلى مناطق الجذب التقليدية في المملكة مثل جزر فرسان وجبال السودة وجدة التاريخية – يمثلون واجهة المملكة السياحية الجديدة في مختلف أنحائها. وإن نظرنا إلى المؤهلات السياحية الطبيعية للمملكة نجد أنها تملك موقعاً استراتيجياً في وسط العالم الجديد وعلى مسافة مقاربة من أغلب الدول، وكونها مهد الدين الإسلامي فهذه نقطة جذب طبيعية حباها الله أرضنا ويجعلها تحتل مكانة خاصة لدى مسلمين العالم والذين يتوافدون عليها من كل مكان لأداء الحج أو العمرة. جهود المملكة السياحية إنما ستعزز مكانة المملكة الاقتصادية والثقافية في العالم، كما أن تاريخ المملكة وإرثها الثقافي العريق مع طموحاتها الكبيرة يوازنان معادلة الأصالة والمعاصرة. إن الجهود المبذولة في القطاع السياحي إنما يتعزز نجاحها بجاهزية شباب وشابات الوطن على قيادته لتحقيق أهدافه المستقبلية وهذا ما نرى بوادره من خلال التطورات الإيجابية والمنجزات والمكتسبات في السنوات الأخيرة والتي ستستمر بإذن الله في المراحل المقبلة.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال