الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
من المذهل فعلًا التفكير بأن كثيرًا من الأشياء التي كنا نستخدمها في الماضي تعتبر اليوم محض آثار قديمة تثير استياء الأطفال. فلم يختبر أطفال اليوم عالماً لم يتأثر بهذا التحول الرقمي الهائل ولن يختبروه في المستقبل، لأن هذه صورة عالمهم الذي يعيشونه كل يوم ولا يستطيعون تخيله بأي طريقة أخرى.
لذلك يتبادر إلى مخيلتي بعض الأشياء التي نلاحظ بأنها اختلفت في الماضي عن وقتنا الحاضر، وبالتحديد في بيئة الطفل الرقمية التي يعيش بها اليوم، ومنها طريقة لعب الأطفال التي كانت في الماضي عبارة عن جلسة لطيفة مع مجموعة من الأطفال، حيث يلعب جميع الأطفال بالورق والحجر، وغيرها من خامات البيئة. أما في وقتنا الحاضر تحولت جميع ألعاب الأطفال على الإنترنت، حيث يلعبون على هواتفهم الذكية ويتفاعلون معها. أيضًا كتب التلوين كانت في الماضي عبارة عن مسك أقلام تلوين خشبية أو عادية مع دفاتر مصنوعة من ورق الصحف الهشة والتي تتمزق بسرعة كبيرة. أما في وقتنا الحاضر أصبح الطفل قادر على تلوين أجزاء الرسمة من خلال استخدام نقرات بسيطة تمكنه من اختيار اللون ثم تلوين الرسمة. وعندما نسلط الضوء على أجهزة الهاتف في السابق كان هناك هاتف أرضي مع كابلات تتشابك طوال الوقت، بالإضافة لعدم وجود أي خصوصية بين أفراد العائلة. أما في وقتنا الحالي أصبحت الهواتف المحمولة في متناول أيدي الأطفال وتدير حياتهم في كل الأوقات، وتوفر العديد من الخدمات التعليمية والترفيهية الكثيرة وفيها نوعًا من الخصوصية. وغيرها من الاختلافات التي لم أذكرها وتجعلنا نتأمل بالتغيرات الحاصلة في بيئة الطفل وكيفية تأثير الأدوات الرقمية على تربية الطفل.
وبناءً على ما ذكر سالفًا، نلاحظ أن التكنولوجيا تغزو حياة الأطفال وتجعلهم يعيشون تحت وطأة العالم الرقمي، وقد أصبح يطلق على عالمهم في الآونة الأخيرة بعالم الطفولة الرقمية، وهو مصطلح يصف الأطفال الذين ينمون في العالم الرقمي ويعيشون وسط العالم الافتراضي كعالم الإنترنت والألعاب الإلكترونية وعصر القنوات الفضائية. وهذا لا يعني أن الأدوات الرقمية تؤثر سلبًا على الأطفال، بل أن استعمال الأطفال للتقنيات الحديثة قد يؤدي إلى زيادة فرصة تعلمهم وإبداعهم، ولكن الإشكالية في غياب الرقابة واستخدامها بشكل مفرط الذي يحد من جوانب نموهم المعرفية والاجتماعي والجسمية.
لذلك فإن بناء شخصية الطفل في العصر الرقمي تتطلب الاعتماد على بنية بيئية متفقة مع التطور، وبالتالي فإن البيئة المثالية المطلوبة تحتاج إلى كفاءة وقدرة على الأداء الأمثل والإتقان والإخلاص في التعامل مع البيئة الرقمية الجديدة والسعي لتطويعها بهدف تعلم الطفل وإثراء تفكيره وثقافته. لذلك نسأل أنفسنا، كيف نستفيد من الأدوات الرقمية في بيئة الطفل؟
في الواقع توجد العديد من الأدوات التي يستخدمها الطفل بشكل يومي، ونتعرف على كيفية توظيفها في بيئة الطفل بشكل صحيح، ومنها التلفاز الذي يحتوي على برامج مخصصة للأطفال والتي نحرص على اختيار برامج تحتوي على قيم اجتماعية وتكاملية لشخصية الطفل وتشجعه على حب العمل والترويح عن النفس، كما تهدف إلى إشباع حاجات الطفل من ناحية النمو الجسمي والعقلي وترسيخ المهارات المختلفة عند الطفل. لذلك فإن مفتاح الاستفادة من مشاهدة الأطفال الصغار للتلفاز يعتمد على نوعية البرنامج الذي يشاهده، والمدة التي يستغرقونها في المشاهدة، والمشاركة في الأنشطة الأخرى. والوقت المستغرق في مشاهدة التلفاز.
أيضًا نستفيد من اليوتيوب الذي لم يعد حكرًا على الكبار فقط، بل أصبح لديه رواد وجمهور من أطفال صغار، والذين يشبعون رغباتهم وفضولهم، ومن هنا نخص بالذكر تطبيق يوتيوب الأطفال، الذي تم تصميمه ليكون استخدامه سهلًا وآمناً، كما أنه يتمتع بتصميم جذاب ومناسب للأطفال. إضافة لذلك، نستفيد من التطبيقات التعليمية في الأجهزة الذكية التي تعلق بها الأطفال الصغار، وهو أمر ينبغي استثماره في تعلمهم واكسابهم المهارات اللازمة. لذلك يجب الاطلاع على ما أشار إليه دليل استخدام الأجهزة الذكية وتطبيقاتها، وعلى معايير اختيار التطبيقات التي يمكن تصنيفها حسب مستويات هرم بلوم وفقاً لدولاب pedagogy الذي جاء في الإصدار الرابع بعدة لغات ومنها اللغة العربية.
ونلاحظ من هنا يبرز دور الأسرة في الاهتمام والمتابعة الأسرية عند استخدام الأطفال لهذه الأدوات الرقمية الموجهة لهم، حيث تكون هادفة وشاملة وتسهم في تنمية القيم السامية، وأن تعكس واقع الأطفال وثقافتهم ولغتهم. ويبرز دور المشاركة الوالدية من خلال المشاهدة المشتركة بين الوالدين والأطفال الصغار، لأنها تتيح لهم التعرف على ما يشاهده الأطفال، والقدرة على تنمية مهارة التواصل بينهم وبين طفلهم وتنمية مهارات الحوار والمناقشة.
المراجع:
ماكنايت، ميندي. (2019). التربية في الحقبة الرقمية. الدار العربية للعلوم ناشرون.
دليل استخدام الأجهزة الذكية وتطبيقاتها. (2020). أفق أرحب في عالم الأجهزة الذكية. المديرية العامة لتطوير المناهج.
دليل اليوتيوب و يوتيوب كيدز. (د.ت). https://www.safespace.qa/sites/default/files/2021-05/Guide-to-YouTube-AR.pdf
Tracey Burns and Francesca Gottschalk. (2019). What do we know about children and technology. Centre for Educational Research and Innovation’s (CERI).
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال