الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
يشكل قطاع التأمين الطبي تقريباً 60% من كامل قطاع التأمين، وهو(من المفترض أن) يلعب دوراً في تحسين القطاع الصحي في المملكة، إلا أن الواقع يضع علامة استفهام حول هذا الدور وبالتالي مستقبل شركات التأمين الطبي خصوصا بعد إنشاء مجلس الضمان الصحي لمنصة “نفيس” الرقمية.
ولكي نتمكن من التحدث عن مستقبل شركات التأمين الطبي ودورها في القطاع الصحي في المملكة لابد من الدخول الى تفاصيل مهام هذه الشركات واستشراف مستقبل كل مهمة من هذه المهام.
تقوم شركات التأمين الصحي وشركات إدارة المطالبات الطبية (وهذه تعد امتداد لشركات التأمين الطبي) بعدة مهام رئيسية و أهمها:
– وضع سقف للخطر الكلي: وتعني عمليا وضع سقف للمصروفات الطبية للأفراد المؤمن عليهم في السنة التأمينية بواسطة وثيقة التأمين المشتراة، وتقوم شركات التأمين للحد من المخاطر بعدة إجراءات منها اختيار مقدمي الخدمات الطبية ( لاأدري ماذا يعني اختيار مقدم خدمة دون آخر) والتعاقد معهم ويتخلل ذلك عملية مفاوضات ضاغطة على المراكز الطبية لتخفيض أسعار الخدمات الطبية المقدمة. ويشكو كثير من مقدمي الخدمات من الحجم الصغير والمتوسط من عملية حرق الأسعار التي تقوم بها شركات التأمين لدرجة أنهم لا يستطيعون تغطية مصروفاتهم الأساسية مما يهدد استمراريتهم بالخسائر والإغلاق، وهذا يؤثر سلبا على القطاع الصحي في بالكامل، من الملفت ان شركة الصحة القابضة والتي فيها جميع الخدمات الطبية الحكومية سابقا قامت بتثبيت الأسعار لخدماتها المقدمة (بشكل ملزم) مع شركات التأمين وهذا ترك مقدمي الخدمة من القطاع الخاص تحت رحمة الأسعار المفروضة من شركات التأمين.
وهنا نرى ان لشركات التأمين دورا وتأثيرا سلبيا على القطاع الصحي نتيجة تأثيرها السلبي على مقدمي الخدمة.
– تفتيت الخطر الكلي: ونظرا إلى ان التأمين الطبي هو تأمين افقي ليس به تركز كبير فهو بالتالي لا يقوم بتفتيت الخطر بل يقوم فقط بادارته لانه لا توجد اخطار فردية كبيرة (وهي من مهام التأمين الرئيسية) مما يعني ان هذه المهمة عمليا غير مطبقة
– المهمة الرئيسية الأخرى هي إدارة الخطر الجزئي: وهو التأكد من ان الخدمة الطبية المطلوبة هي ضمن التغطية التأمينية المتفق عليها من خلال مراقبة ومراجعة والموافقة على الخدمة الطبية المطلوبة. وتقوم شركات التأمين بالموافقة (المسبقة أحيانا و الآنية أحيانا أخرى) على جميع الخدمات المقدمة. والواقع يظهران التكاليف والمصروفات الطبية متضخمة دون داع (كل من يراجع المراكز الطبية يعلم ان طلبات الأشعة والتحاليل والأدوية تطلب بطريقة زائدة عن الحد و بشكل تجاري) . وفي رأيي فأن هذا نتاج ضغط الأسعار من قبل شركات التأمين على مقدمي الخدمات الطبية، ولا يعني هذا ان مقدمي الخدمة لا يتحملون جزء من هذه المسؤولية (ربما يكون الحل في وضع أسعار عادلة من قبل وزارة الصحة او مجلس الضمان و فرضها على الجميع) الا ان النتيجة النهائية ان وضع هذه المهمة بيد شركات التأمين لم يؤدي الى نتائج جيدة.
– أما المهمة الأخرى وهي “إدارة المطالبات المالية للخدمات الطبية المقدمة“. وبهذا الصدد انشأ مجلس الضمان الصحي منصة الكترونية “نفيس” وهي تربط جميع مقدمي الخدمات الصحية مع شركات التأمين وهذا يشمل (كأمثلة وليست على سبيل الحصر) المستشفيات والمراكز الطبية، والمختبرات ومراكز الأشعة والصيدليات وشركات التأمين … الخ. وتركز هذه المنصة على التسويات المالية المبنية على الطلبات المقدمة بين سائر الأطراف. ومن المرجو والمتوقع ان تؤدي هذه المنصة دورا كبيرا في تحسين وتطوير القطاع الصحي في المملكة ورفع ترتيبه الى مستويات عليا على مستوى العالم تبعا لرؤية 2030. و بإنشاء وتفعيل هذه المنصة فأن هذه المهمة (وهي التسويات المالية) تكون قد اقتطعت من دور شركات التأمين وشركات إدارة المطالبات الطبية بالكامل.
بعد استعراض ما سبق من أدوار ومهمات شركات التأمين لا نرى لها دورا إيجابيا في القطاع الصحي في المملكة وهنا يأتي السؤال الأساسي: ماهو مستقبل شركات التأمين الطبي؟ وهل وجودها ضروري؟ و ماهو الدور الإيجابي الذي يمكن ان تلعبه في جودة القطاع الصحي بما له من أهمية؟
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال