الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
بمناسبة يوم السعادة العالمي، حاولت البحث عن السعادة بمفهومها الدارج عند الناس وعند فلاسفة الغرب، فبعضهم يرى السعادة في حسن الأخلاق، أو في الحصول على المال، أو السلطة، أو النجاح، أو الصحة، أو بالرضا والقناعة، أو بالعلاقات الجيدة بمن حولك، بمفهومهم أن من وصل لأحد هذه الأمور، أو لها كلها، فقد أصبح سعيدًا في حياته. لكن في الحقيقة أن هذا غير صحيح، بل مجرد سراب يلاحقه الكثير من الناس.
هذه السعادة المزعومة، والتي يُفهم منها أنها شعور مستمر في الحياة، لم يصل لها أحد، لا الفقراء ولا الأغنياء ولا الملوك، بل حتى خير البشر نبينا ﷺ لم تكن حياته سعيدة، وكيف تكون سعيدة وقد مات ابنه الوحيد، وطرد من مكة وأدموا قدمه وحاولوا قتله واتهموه بالسحر والكذب؟ وخاطبه سبحانه وتعالى بقوله (قد نعلم أنه ليحزنك قولهم).
لذلك بحثت عن كلمة السعادة في القرآن، فلم أجد لها ذكر إلا مرة واحدة (فمنهم شقي وسعيد) وهي تصف حال الناس في يوم القيامة وليس في الدنيا. أيضًا وصف الله حياة الإنسان في القرآن حيث قال (لقد خلقنا الإنسان في كبد) فإذا كان الله سبحانه وتعالى لم يذكر السعادة في القرآن ولم يكتبها لأفضل الانبياء ﷺ فهل يكتبها لبقية البشر؟
السؤال هنا، إذا لم يكن هناك سعادة في هذه الحياة فكيف نعيشها؟ هل نعيشها بعكس مفهوم السعادة وهي التعاسة؟ وما هي مشاعر الفرح التي تنتابنا بين فترة وأخرى؟
حقيقة حياة الإنسان أنها فترات متفاوتة بين مشاعر الفرح، والتي ذكرها الله في القرآن في أكثر من عشرين موضع، أو ما نسميها خطأ بالسعادة، وبين مشاعر الحزن والتي ذكرها الله سبحانه وتعالى في أكثر من أربعين موضع في القرآن الكريم، وبينهم مشاعر حيادية ليس فيها فرح ولا حزن. فالإنسان لا يستطيع أن يجعل حياته كلها سعيدة باستمرار مهما حاول ومهما بلغت ثروته أو مكانته، لكنه يستطيع أن يجعلها تعيسة باستمرار.
والطريقة المثلى لعيش هذه الحياة هي عن طريق تعزيز وتكرار وإطالة أمد مشاعر الفرح والمشاعر الحيادية والتخفيف والتقليل من مشاعر الحزن. وهناك عوامل تساعد على ذلك منها: معرفة حقيقة هذه الحياة والمغزى منها، تقدير النعم التي أنعم الله بها علينا صغيرها وكبيرها، أن تكون علاقتك بربك ثم بنفسك ثم عائلتك وبالآخرين علاقة جيدة، الرضى بالقضاء والقدر، القناعة، المقارنة بمن هم أقل منك، الاهتمام بصحتك، العمل بجد للنجاح والوصول الى أهدافك، الوصول الى استقلال مادي، والنظرة الإيجابية ومساعدة الناس. وأن تعلم بأن السعادة الأبدية التي يطمح لها الإنسان هي في الآخرة وليست في الدنيا، وهي الهدف الرئيسي الذي يبحث عنه كل مسلم.
واحذر من محاولة شراء مشاعر الفرح التي يمارسها بعض الناس، مثل الإدمان على السفر للخارج وشراء السيارات الفارهة ومحاولة التميز وغيرها سواء كانت حرام أم حلال، فنتائجها كارثية على الإنسان.
إذاً، لو أردنا إعادة تعريف السعادة، فهي من وجهة نظري إدارة مشاعر الفرح والحزن بكفاءة.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال