الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
بالإشارة لحديثاً بالمقال السابق الحوكمة ولجنة المراجعة في شركات المساهمة، بحسب اللائحة الغير معدلة والتي بينا بها الكيفية التي تتشكل بها لجنة المراجعة والآليه التي أدت إلى عدم استقلالها وحيدتها، وكيفية معالجة تلك الإشكالية بالقواعد النظامية بحسب المادة الحادية عشر من نظام الشركات الجديد، وهنا ومن خلال هذا المقال سنبين لما يجب أن تكون لجنة المراجعة محايدة ومستقلة، والغاية النظامية بحسب نصوص لائحة حوكمة شركات المساهمة المعدلة والسابقة.
تعني الرقابة بـ -التحقق والتأكد من التزام الإدارة- بالقوانين والأنظمة والتعليمات في أدائها لعملها و دون تعريضها للمخاطر، لتحقيق الأهداف المرسومة مسبقًا وفق الخطط الموضوعة بكفاءة وفاعلية والوقوف على نواحي القصور والخطأ، ومن ثم العمل على علاجها ومنع تكرارها. وتعرف المراجعة بأنها نشاط محايد موضوعي يهدف إلى زيادة قيمة عمليات الشركة وتحسينها وتساهم في تحقيق الأهداف الموضوعة مسبقًا عن طريق استخدام أسلوب منظم ومنضبط -محاسبي، إداري-لتقييم وتحسين فعالية إجراءات الحوكمة. في شركات المساهمة.
لذا كان لابدّ من وجود نظام رقابي صارم يوفر الحماية الكافية للمساهمين والشركة وكل من له مصلحة ليتحقق ذلك الأمان المنشود لاستمرار تلك الاقتصاديات واستدامتها. جاءت تلك الرقابة في أشكال متعددة أولها رقابة تنظيمية فرضها المنظّم على الشركات في سبيل ضمان عدم تجاوز إدارة الشركة بتلك الصلاحيات الواسعة التي منحها لهم لتحقيق الغاية التي وُجدت من أجلها تلك الشركات. ثم رقابة تنظيمية داخلية من خلال الجمعيات ولجنة المراجعة والتي تعتبر بحسب اللائحة رقابة تنظيمية. إلى أن نصل إلى الرقابة الخارجية الاتفاقية التي أوجبها نظام الشركات بصفة عامة وعلى الشركات المساهمة بوجه خاص لتأكيد تدقيق ومراجعة العمليات التي أُجريت في السنة المالية والكشف عن مواضع الخلل في تلك العمليات في سبيل تحقيق أجدى رقابة تأكيدية، وكل ذلك لتقليص وتخفيض تكلفة الوكالة على أساس مبدأ الفصل بين الإدارة والملكية في شركات المساهمة، بالشكل الذي نضمن به الالتزام. و يجسد مفهوم الرقابة بالشكل العام الذي يمكن وصفه بأنه تلك العملية للتحقق مما إذا كان كل شيء يسير وفقًا للخطة المرسومة والتعليمات والقواعد، أما عن موضوعها فالتحديد مواضع الضعف والقصور من أجل تصحيحه وتقويمه او منع حدوثه، ويتحقق كل ذلك لمن يملك السلطة.
ليتبيّن لنا من الاختصاصات السابقة الدور الذي أنيط بها، وهو بكل تأكيد يعد دور رقابي بحت يتناول شقان من الرقابة الأول مُحاسبي والثاني إداري، ومن خلال لائحة حوكمة الشركات التي أفرد فيها المنظّم السعودي فصلًا بأكمله لهذه اللجنة لما لها من أهمية في الرقابة على شركات المساهمة ولما لهذا الدور من أهمية في تحقيق أقصى درجات الحماية للمساهمين والشركة كـ”مصلحة جماعية”، وجعل تلك الرقابة لصيقة إلى الحد الذي قد يتلاشى معها الفصل بين الإدارة والملكية في شركات المساهمة.
فكيف يمكن للجنة المراجعة تحقيق ذلك الاختصاص الحمائي والرقابي وهي بصلاحيات ومهام تتطلب سلطة واستقلال عن مجلس الإدارة فحق الأطلاع على سجلات الشركة ووثائقها. وطلب أي إيضاح أو بيان من أعضاء مجلس الإدارة أو الإدارة التنفيذية، وطلب دعوة الجمعية العامة للشركة للانعقاد من مجلس الإدارة إذا أعاق عملها أو تعرضت الشركة لأضرار أو خسائر جسيمة بحسب المادة التاسعة والخمسون : المتضمنة صلاحيات لجنة المراجعة لـ أداء مهامها، الذي يتطلب سلطة لتحقيقها.
لعل المادة الحادية والخمسون من لائحة حوكمة شركات المساهمة جاءت لتترجم تلك الفكرة والغاية من المادة الحادية عشر من نظام الشركات الجديد”فكرة الإرادة“، فكما أسلفاً أن المنظم يفترض أن الممارسين للعمل التجاري على دراية جيدة بالكيفية والشكل لإدارة أعمالهم، فقد تكون بيئة أعمالهم متسارعة ومتغيرة لا تتحمل تلك الرقابة اللصيقة، ولا التدخل المباشر من سلطة رقابية كما بالمادة التاسعة والخمسون من لائحة حوكمة الشركات، مما يتطلب معها عناية المؤسسين أبتدأ والمشاركة الفعالة للمساهمين ودراية أكبر ونضج للبيئة الاستثمارية، وإلا سيعد غياب كل من له مصلحة مباشرة بالشركة أختياري لأنه هو من فرط في تلك الحقوق التي منحت له كحق الاطلاع، وعلى المرشح لعضوية مجلس إدارة استشعار تلك المسؤولية وواجب العناية الذي على عاتقه، فهو الأَوْلى بتحقيق تلك الرقابة التي كان يشاركه بها عضو لجنة المراجعة، أما اليوم فدوره مساند صرف.
فما جاءت به لائحة حوكمة الشركات ينشد هدفين رئيسين الأول خاص يتعلق بحماية حقوق المساهمين وأصحاب المصالح وتحقيق العدالة والتنافسية في السوق وبيئة الأعمال والثاني عام يتعلق بالاقتصاد و الناتج المحلي للاقتصاد الوطني، ومدى مساهمة الحوكمة والقواعد القانونية في تحقيق تلك الحماية والاستدامة المنشودة، فعلى مستوى الأفراد نحن نحقق استدامة مالية وعلى مستوى الاقتصاد سنحقق الاستدامة الاقتصادية والاكتفاء الذاتي، فإذا كانت غاية المنظم هي الحماية سواء كانت خاصة أو عامة كما تناولنا، فمن باب اَوْلى يتبنى المؤسسين لتلك الفكرة، والاجتهاد في تحقيقها بما يتناسب مع صناعتهم وبيئة الأعمال التي نشأت منها.
وعليه على المؤسسين في شركات المساهمة النظر لتلك المسألة بعين الاعتبار، وعليهم التنبه إلى أن تلك الرقابة الحمائية السابقة المنقوصة بالشكل الذي كانت عليه سابقاً غير موجودة اليوم، وعليهم أثر ذلك تبني فكرة استقلال لجنة المراجعة على النحو الذي أوجدها لهم المنظم بصورة اختيارية وبحسب النظام الأساس الذي أجتمعت إرادتهم حوله، أستناداً على المادة الحادية عشر في الأحكام العامة بنظام الشركات الجديد، فالمنظم السعودي بيين للمؤسسين وكل من له مصلحة الإطار العام والمفترض للرقابة، وجعلها بيد مجلس الإدارة على أفتراض استقلالها، ولذا على كل من له مصلحة التفكير ملياً، لتطبيق فكرة استقلال أعضاء لجنة الترشيحات على أقل تقدير، ومن ثم لجنة المراجعة تأسيساً على مفهوم السلطة الرقابية بالمادة التاسعة والخمسون.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال