الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
عندما يتهادى إلى أسماعنا أخبار إفلاس بنك فذلك يطلق الإنذار الأحمر في عقولنا لأنه يرتبط بضياع الأموال بنسبة معينة أو حتى خسارتها إلى الابد، فكيف إذا كان إفلاس واحد من أكبر البنوك في أمريكا وليس ذلك فقط بل إنّهُ البنك الثالث خلال أشهر قليلة مما أثر بشكل كبير على بورصات العالم، والأسواق المالية. هل حقًا هو أزمة مالية عالمية جديدة؟ أم مجرد سوء حظ في التوقيت الخطأ؟ لذا لابد أولاً أن نعرف ماذا يعني إفلاس البنك؟ وكيف يتم ذلك؟ وماذا يحدث لأموال المودعين عند إفلاس البنك؟ والأهم ما هي الأسباب التي دعت إلى إفلاس واحد من أكبر البنوك في أمريكا؟
تعد المصارف نوع من المؤسسات التي يعتمد نشاطها على الودائع ومنح الائتمان وهي تعتبر وسيط بين وحدات الفائض أي “المودع” ووحدات العجز أي “المقترض” وغيرها من الخدمات المصرفية التي تعتبر فرص استثمار جيدة للمدخرين وكمؤسسة مثلها مثل غيرها قد تتعرض لبعض المشاكل المالية التي قد تؤدي إلى إفلاسها إذا لم تكن ذات وعي وتقدير للمخاطر والتهديدات المحيطة بها، لذا فإنّ سلامة الجهاز المصرفي وصلابة المصارف مهمة جدًا لكسب العملاء وانعدام الثقة يؤدي إلى وقوف المودعين بكثافة أمام أبواب المصرف لسحب ودائعهم مما يؤدي إلى حدوث ظاهرة السحب الجماعي، مما شكل حِملًا ثقيلًا على المصرف تكون نتيجته عدم القدرة على الالتزام تجاه العملاء مما يؤدي إلى إفلاس المصرف، فإنّ نظام العمل بالمصرف ببساطة هو وجود مودعين يضعون أموالهم بالمصرف مقابل فائدة سنوية أو شهرية وبمقابلها يستثمر المصرف جزء من تلك الأموال من خلال المشاركة في مشاريع أو الاقتراض أي إقراض شركات أو أفراد بفوائد بحيث يستفيد من تلك الأموال ويتم تحديد سعر الفائدة حسب البنك المركزي لكل دولة، لذا فإنه قبل الافلاس يمر المصرف بحالة فشل مصرفي وهي الحالة التي لا يستطع فيها المصرف أن يحقق عائدًا معقولًا أو معتدلًا على استثماراته أما الفشل المالي فهو الحالة التي لا يستطع فيها المصرف من سداد التزاماته للدائنين أما الإفلاس فهو صورة من الفشل المصرفي ويعرف بأنه الوضع الذي لا يستطع فيه المصرف مواجهة التزاماته نحو الاخرين، ونجد أنَّ الفشل المصرفي يسبق الفشل المالي ولكن ليس بضرورة يؤدي الى الإفلاس.
هناك الكثير من الأسباب التي تؤدي إلى التعثر المالي أو الفشل المالي منها مشاكل إدارية وتتمثل في عدم قدرة القيادة إلى اتخاذ قرارات سليمة تساعد في الخروج من مراحل الفشل، وايضا الإدارة الضعيفة للموجودات في المصرف مثل السياسات الهجومية في منح القروض وعدم الاختيار الجدي للمقترضين وكذلك التضخم والأهم عدم التنوع في القروض والتركيز على مجال معين ، وكذلك من الأسباب الاحتيال وايضا دور المنظمين في المصارف حيث لابد أن تتوفر فئة موثوقة تقوم بذلك ، وايضا الظروف الاقتصادية التي يمر بها العالم سواء ظروف اقتصادية ممتازة أو غير ذلك وأخيرًا انخفاض عدد المساهمين أو المالكين وبسبب أن الفشل المالي يتأثر بهيكل ملكية المصرف؛ فكلما قل العدد كلما زادت المشاكل المالية للمصرف. أما بالنسبة لأموال المودعين في المصارف التي فشلت ماليًا يتم ذلك من خلال عدد من الحلول فإن الحكومات في الدولة تعمل على ضخ مبالغ كبيرة لغرض مساعدة المصارف المتعثرة وذلك عن طريق تمويلها بقروض الطوارئ أو بشراء أسهم جديدة وايضا قيام البنك المركزي بوضع المصرف الذي يعاني من مشاكل في سفينة الانقاذ من خلال توفير بعض الوسائل للنجاة من الغرق مثل ضخ السيولة أو توجيه المصرف ببيع القروض السيئة، أو يمكن تشجيع المصارف القوية ذات الحوكمة الجيدة ورأس مال قوي بشراء المصرف الفاشل ودمجهم معًا.
من فترة وجيزة أعلنت السلطات الأمريكية إفلاس بنك سيلكون فالي والذي يعتبر البنك رقم 16 في النظام الأمريكي ، حيث كان يمتلك ودائع بقيمة 342 مليار دولار وتحت إدارته أصول تعادل 212 مليار دولار، يعد البنك متخصص في تمويل الشركات الناشئة في مجال التكنولوجيا عالية المخاطر حيث يمتلك أكثر من 50% من الشركات الناشئة بينما أنشطة الاستثمار الجريء وحصص الملكية في المشروعات الناشئة تقدر بحوالي 56% من إجمالي نشاط البنك عالميًا، وهو كأي بنك يتعامل عن طريق الإيداع مقابل الفائدة وبالمقابل يقدم قروض بمقابل فوائد لاستخدامها في المشاريع وتمويلها لتحقيق أرباح ونسبة لارتفاع سعر الفائدة في أمريكا قد حدثت بعض التضاربات والتي أدت إلى اتخاذ بعض القرارات الخاطئة من قبل ادارة البنك مما سرع في عملية الضغط من قبل المودعين في سحب أموالهم لإحساسهم بالخطر نتيجة لطرح أسهم البنك للبيع و لعدم وجود سيولة كافية بالبنك حدث العجز الذي عجل بإفلاس البنك دون القدرة على أي حل آخر.
وأخيرًا لتجنب الفشل المالي ،والإفلاس لابد للمصرف من أن يوازن بين قدرته على تحقيق الأرباح ( العوائد) والقدرة على سداد الالتزامات المترتبة عليه ( القروض قصيرة الأجل والقروض طويلة الأجل)، فإذا لم يكن بإمكانه استعادة ربحيته والتغلب على المصاعب المالية فإن الحل يكون بتصفية المصرف، لذا يجب على المصارف العمل على رفع مستوى الأداء والتفكير عن كيفية رصد الفشل الاقتصادي والمالي في مراحله الاولى لتدارك الموقف منذ البداية وكذلك الرفع المستمر لرؤوس الأموال في المصرف لتحقيق التوازن بين العوائد والمخاطر ، وكذلك ينصح بتنويع جهات القروض وعدم الاعتماد على قطاع واحد أو فئة محددة فقط والاهتمام بتذليل المعوقات من خلال تطبيق جيد للحوكمة بمقوماته وركائزها.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال