الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
ذكرنا في المقال السابق أن حجم حوالات المغتربين لذويهم خارج المملكة مثل ما مقداره 16% من إجمالي إيرادات الدولة لعام 2021 وقد انخفضت هذه النسبة الى 11% في عام 2022 وذلك بفضل إرتفاع الإيرادات المسجلة لعام 2022 وبفضل الوعي العام للقضاء على التعاملات المالية الغير مصرحة او ما يسمى بالاقتصاد الخفي. وذكرنا أيضا أن عند دراسة التحويلات المالية للمغتربين وبالتحديد من عام 2018 الى عام 2022 نجد أن معظم الحوالات تتركز بين شهر مارس إلى يوليو من كل عام والتي تتوافق تقريبا مابين شهر شعبان إلى ذو الحجة.
وكان عام 2021 الأكثر تحويلا للعمالة الوافدة حيث بلغ 153.87 مليار ريال. ويعتبر هذا المبلغ كبيرا بما يكفي ليتفوق على الناتج المحلي للعديد من الدول، وقد يتجاوز حجم الإستثمارات الأجنبية والمساعدات الدولية لبعض من الدول.
لذا فإن عملية تحويل الاموال على مستوى الإقتصاد الكلي يعتبر سلاح ذو حدين. فمن ناحية تحبذ العديد من الدول لاسيما المتقدمة إقتصاديا إن صح التعبير أن تكون من الدول التي يغلب فيها جانب تصدير الحوالات عن استقبال الحوالات, وفي ذلك دلالة قوية على إنتعاش الإقتصاد وعلى الإستقرار الأمني وتعتبر قاعدة رصينة يتطلع لها المستثمر المحلي وينجذب إليها المستثمر الأجنبي فيقوم بضخ الأموال وتدويرها محليا لاسيما في ظل المشاريع التنموية الكبيرة المستهدفة في ظل رؤية 2030 مما يستلزم زيادة عدد العمالة الوافدة.
أضف الى ذلك الفائدة المرجوة من تكلفة وأسعار التحويل، ذلك أن تكلفة التحويل في العديد من الدول اتخذت منحى تجاري بحت. فوصلت تكلفة التحويل الى نسب تتجاوز 7% من المبلغ المحول، علما بأن هذه النسب في تزايد مع الوقت للوصول الى التنمية المستدامة التي تطمح اليها معظم الدول.
ومن ناحية أخرى فإن الدول المصنفة أقل تقدما اقتصاديا تتطلع الى أكبر قدر ممكن من استقبال الحوالات المالية. بل أصبح استقبالها للحوالات المالية جزءا مهما في ثبات اقتصادها وداعما أساسيا في دخلها القومي. فقد استفادت الهند التي تعتبر أكبر دولة متلقية للتحويلات في العالم برقم قياسي وصل الى 100 مليار دولار خلال عام 2022، من وجود الكم الهائل من احتياطي النقد الأجنبي التي تعتبر أصولا بالعملات الأجنبية من إمتصاص الصدمة الاقتصادية الناتجة من جائحة كورونا والحفاظ على ثقة الأسواق الدولية وإلتزاماتها الخارجية ودعم لعملتها المحلية.
وبالحديث عن الهند فإن الجالية الهندية تعتبر أكبر جنسية متواجدة في السعودية بنسبة 19% تليها الباكستانية بنسبة 15% ثم البنجلاديشية والمصرية بنسب متقاربة تصل الى 14% لكل منهما، وبالمثل فإن هذه الجنسيات وبحسب الترتيب السابق تعتبر من أكثر الجنسيات تحويلا للاموال.
هذه النسب بالاضافة الى الأشهر المذكورة أعلاه والتي تزيد فيها نسب التحويلات المالية للخارج، قد تعطي لصانعي القرار الاقتصادي توجه ممتاز للتركيز على جالية معينة في زمن معين من كل عام لتوجيه هذه التحويلات للصالح العام. فمثلا لو تم إنشاء محافظ وقنوات استثمارية ذات معدلات فائدة جيدة خلال زمن معين، فقد ينجذب الوافد الى الاستثمار المحلي وبالتالي انخفاض التحويلات المالية للخارج بنسب أقل عما كان يحولها سابقا، ومن الممكن وبالتوافق مع رؤية 2030 توجيه هذه الاستثمارات لدعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة.
ولتحقيق ذلك يجب أن تكون البنية التحتية للبنوك ومقدمي خدمات التحويل والقنوات الرقمية الأخرى مهيأة وعلى قدر كبير من المرونة وتسهيل الإجراءات لفتح الحسابات البنكية للمقيمين من الأفراد والمؤسسات لتقليص التعاملات المالية الخفية والمقايضات اليدوية للأموال.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال