الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
رابط الجزء الأول أضغط هنا
هناك مفهوم خاطئ على نطاق واسع ، وهو الرأي القائل بأن السياسة النقدية يمكن فصلها عن السياسة المالية العامة مما يعيد التفكير في النظرية الكينزية من خلال الدخل والثروة ، وكيف تعيد تلك السياسات الربط الوثيق فيما بينهما كرابط قوي ومهم فعندما يرفع البنك المركزي أسعار الفائدة تزداد تكاليف الاقتراض كما أن الآثار الكلية لارتفاعات أسعار الفائدة تتأثر تأثرا هائلا بتفاصيل الوقت وكيف ومتى يمكن للحكومات أن تعوض هذا النقص وكيف لها أن تعيد سياسات الإنفاق والتوازن المالي بعيدا عن أعباء الديون العامة، ودون تحمل الأسر أي عبء لتلك التكاليف مما يؤشر إلى أهمية ذلك الارتباط الوثيق بينهما كوجهين لعملة واحدة.
إن الدروس المستفادة من فوضى الأزمات المالية عديدة ومن أهمها أنه وبالنظر إلى صناعة أي قرار يتعلق بالسياسات المالية أو النقدية لا بد أن يقابلها قبل ذلك الاعتماد على تحليلات وآراء كل من المنتجين والمستهلكين مباشرة وهي متاحة باعتبار أنها أداة مهمة لقياس التوقعات أولا ثم صناعة القرار المناسب دون النظر إلى الخلف أو دون مد يد العون للماضي القريب كوصفة سحرية من شأنها اعتبار العلاج دليلا قطعيا للشفاء ، ومن المهم النظر الى جانب ذلك بالاستفادة من الحلول التي تقدمها المدارس الاقتصادية عبر ادواتها الاقتصادية وأدوات السياسة المالية مثل التنسيق الدولي مع الأسواق الانتاجية ذات العلاقة لمراقبة الأسعار والعمل على كبح جماح ارتفاعها دون الاخلال بمبادئ حريتها ، ومواصلة الجهود لتحسين سلاسل الامداد كي تستجيب لأي زيادة في الطلب على أي سلعة مما سيخلق العرض المتوازن وصولا الى توزان قوى العرض والطلب .
أن معركة التضخم اليوم هي الأعنف في التاريخ الاقتصادي كونها تمتلك تداعيات متنوعة على الساحة وهو ما يتطلب أيضا أن تحل التداعيات التي تسببت في ارتفاع التضخم قبل تشخيص العلاج المناسب للتضخم لاحقا ، لقد باتت أجندة التضخم حاضرة كل يوم على طاولة البنوك المركزية حول العالم وتتنوع تباعا الأدوات المتبعة لتقويض التضخم بيد أن الملف الحاضر هو رفع أسعار الفائدة فيما يعتبر ذلك كحلقة نقاش متواصلة يصنع من خلالها القرار الوحيد من خلال السياسات النقدية فقط فاليوم يعتبر أسوأ سيناريو للتضخم بالنسبة للبنوك المركزية هو استمرار ارتفاع التضخم بشكل أطول ، مما سيسهم بدوره في فقدان الثقة العامة فالواقع يقول إن التضخم المستهدف هو أن يكون بنسبة 2 % على المدى المتوسط ، فإذا استمر التضخم في الارتفاع دون أجل محدد فهذا حتما سيلقي بظلاله على الأسعار والأجور، لذا من الضرورة بمكان أن تكون السياسة النقدية واضحة المعالم خاصة وأن معالجة التضخم في وقت سابق كانت موجهة لمعالجة نمط معين التضخم ودون المستوى المستهدف.
مجمل القول : بشكل عام فإن رفع أسعار الفائدة هو وسيلة لمكافحة التضخم والتي بدورها يصبح الاقتراض أكثر تكلفة ويصبح الادخار أكثر جاذبية ولكنه يقلل من النمو الاقتصادي وبالتالي انخفاض الطلب الكلي وعندما يحدث رفع كبير جدا لأسعار الفائدة فإن ذلك يحدث تداعيات مؤكدة في جانبي تباطؤ الاقتصاد وزيادة معدل البطالة مما يعني ضرورة أن يتم توجيهه بحذر لتجنب أي سلبيات، وبالرغم من تراجع في إجمالي الودائع المصرفية بنحو 120 مليار دولار كما كشفته بيانات الفيدرالي الأمريكي إلا أن العديد من المؤشرات الأخرى تشير إلى استقرار في النظام المصرفي الأمريكي فالاحتياطي الفيدرالي الأمريكي لا يزال حتى هذه اللحظة هو حجر الأساس في استقرار النظام المالي العالمي ، إن الارتفاع المستمر في أسعار الفائدة الأمريكية يبعث على القلق بشكل خاص لأنه كان مدفوعا في المقام الأول بصدمات رد الفعل المتزايدة، التي يمكن أن تكون لها آثار مالية واقتصادية ضارة بشكل خاص على اقتصادات الأسواق الصاعدة والاقتصادات النامية.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال