الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
يتمتــع القطــاع غير الربحي بــدور محــوري فــي رؤيــة المملكــة 2030 ُ م، وتعلق الآمال عـلى مسـاهمته التنمويـة والاقتصادية بمـا يفتـح المجـال لآفاق نمـو واسـعة، ويمهـد لمنظومـة تشـريعية ورقابيـة محكمـة. حيـث يتوقـع أن ينمـو القطـاع بمعدلات سـنوية اسـتثنائية تصـل إلى نسـبة نمـو تقـدر بـ (92%) فــي عــدد المنظمــات، ومضاعفــة عــدد الموظفيــن عــدة مــرات ليصــل إلى مــا يعــادل (1% )مــن مجمــوع الوظائـف فـي المملكةـ[1]، وتعــد منظمــات القطــاع غيــر الربحــي أحــد أبــرز أدوات التنميــة الوطنيــة، لأنها تتعامــل بشــكل مباشــر مــع المســتهدفين مــن التنميــة، ســواء كانـت فئـات أقـل حظـا أو شـباب أو نسـاء أو غيرهـا مـن الفئـات، وفيمـا يلـي تحليـل لمسـاهمة المنظمـات غيـر الربحيـة فـي المملكـة لتحقيـق الأهداف الاستراتيجية العامــة لرؤيــة المملكــة 2030:
· تعزيز القيم الإسلامية والهوية الوطنية (24%)
· تمكين حياة عامرة وصحية (34%)
· تنمية وتنويع الاقتصاد (10%)
· تمكين المسؤولية الاجتماعية. (30%)
· زيادة معدلات التوظيف. (2%)
· تعزيز فاعلية الحكومية. (0%)[2]
لذا تأتي أهمية وجود قيادات تطبق مداخل القيادة في المنظمات غير الربحية تعين على التعامل مع هذا الدور المحوري في التحول، وتعد القيادة التحويلية من المداخل المعاصرة للقيادة التي تدعو إلى التغيير والتطوير الدائمين في المؤسسة، لمواجهة التطورات المتلاحقة سواء داخل أو خارج المؤسسة، ويتطلب هذا التغيير من القيادة التحويلية ثلاث فعاليات أساسية تتمثل في: خلق رؤية متجددة، إحداث القبول الجماعي لهذه الرؤية، توفير كل الإمكانيات لإحداث التغيير، وقد تمت صياغة مصطلح القيادة التحويلية لأول مرة على يد داونتون في عام ١٩7٣م، وتعرف القيادة التحويلية بالعديد من التعريفات ومنها أنها “عملية مستمرة يقوم من خلالها القائد التغيير من قيم المرؤوسين، ودوافعهم الحالية وتحويلها للصالح العام للمنظمة، من خلال صياغة رؤية مستقبلية تدعم وضع المنظمة المستقبلي”، كما عرفت بأنها “القيادة التي تؤكد على بناء رؤية واضحة للمنظمة، وتشجيع الأفراد العاملين على تنفيذ تلك الرؤية، والعمل على تغيير أو تعديل الأنظمة القائمة لتلائم هذه الرؤية”.
ومن معززات جاذبية القيادة التحويلية أنها تصف كيف يكون القائد في المقدمة مدافعاً عن التغيير بالنسبة للآخرين؛ ويتلاءم هذا المفهوم مع الفهم السائد في المجتمع حول معنى القيادة. والناس ينجذبون إلى القيادة التحويلية لأن لها معنى بالنسبة لهم. وهي تناشد القائد بأن يقدم رؤية للمستقبل، أما أبرز نقطة قد تجعل من القيادة التحويلية مرشحة إلى أن يساء استغلالها؛ أنها تعنى بتغيير قيم الناس ونقلهم إلى رؤية جديدة؛ قد لا تكون بالضرورة جيدة.
في منتصف الثمانينيات من القرن العشرين قدم باس Bass( 1985 ) نموذجاً للقيادة التحويلية يتكون من أربعة عوامل هي:
· التأثير المثالي: يصف القادة الذين تمثل تصرفاتهم أدواراً نموذجية لأتباعهم؛ ويتمثل الأتباع هؤلاء القادة، ويرغبون في محاكاتهم بدرجة كبيرة
· الدافعية الإلهامية: القادة الذين يوحدون الأتباع بتوقعات عالية، ويلهمونهم من خلال تحفيزهم لكي يلتزموا بالرؤية المشتركة في المنظمة ويصبحون جزءاً منها.
· الحفز الذهني: القيادة التي تعمل على تحفيز الأتباع لكي يكونوا مبدعين ومبتكرين، ومتحدين لمعتقداتهم ولقيمهم، وللمعتقدات والقيم التي يتبناها القائد والمنظمة.
· الاهتمام الفردي: القادة الذين يوفرون المناخ المساند الذي ينصتون فيه بعناية لحاجات الأتباع الفردية.
وقد تناولت دراسة منشورة في العام 2018م أهمية سلوك الاتصال كشرط لفعالية القيادة التحويلية، جاء اختيار نموذج القيادة التحويلية لكونه يعتمد على مهارات الاتصال لدى القائد أكثر من غيره من نماذج القيادة، وقد أثبتت الدراسة بأنه يتم تعزيز العلاقة بين القيادة التحويلية وتكافؤ المهمة من خلال استخدام الحوار وجها ًلوجه في توصيل رؤية تنظيمية، وفسر ذلك بشكل متعمق من خلال ارتباطه بنموذج القيادة التحويلي الذي يعتمد على مهارات الاتصال، وقدرة القائد على إزالة الغموض عن الرؤية من خلال الحوار المباشر مع الموظفين حولها، واستغلال المواقف لتكون ذات معنى بما يساهم في إزالة اللبس عن المعاني غير الواضحة في الرؤية، كما بينت الدراسة تأثير حجم المنظمة على استخدام أسلوب الاتصال وجها لوجه حيث أثبتت بأنه يسهل الحوار وجها ًلوجه في المنظمات الأصغر.
وفي ظل التحولات التي تواجه قطاعات العمل غير الربحي لمواكبة رؤية المملكة 2030 والانفتاح العالمي من خلال وسائل الاتصال، تأتي الحاجة إلى قادة تحويليين لديهم التركيز الكافي والقدرة على الالتزام الدائم في العرض المستمر للرؤية الخاصة بمنظماتهم من خلال أساليب الاتصال المناسبة للمرؤوسين بما يجعلهم محفزين ومتمسكين بتحقيق أهداف منظماتهم ومواجهة العثرات التي تواجههم أثناء هذه المسيرة.
——————————–
[1] مسـح منشـآت القطـاع غير الربحـي 2018 الصـادر عـن الهيئـة العامـة للإحصاء
[2] الشمول المالي للمنظمات غير الربحية في المملكة العربية السعودية ورقة نقاش من مؤسسة الملك خالد (2021م)
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال