الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
في الوقت الذي يعاني العالم اليوم من أكثر الفترات الحرجة في تاريخه المعاصر، تواجه الدول بما فيها السعودية تفاقم حدة الصراع الدموي بين روسيا وأوكرانيا وتأثيره على إمدادات الطاقة والغذاء، إضافةً لزيادة وتيرة الحروب التجارية بين الصين وأمريكا، وتردي أوضاع المناخ وانتشار الأوبئة والأمراض المعدية، وتفاقم حدة الفقر وتفشي البطالة وارتفاع نسبة التضخم، وتضاعف قيمة الديون السيادية لتتخطى ثلاثة أضعاف الناتج العالمي الإجمالي.
لذا أملت علينا هذه التحديات ضرورة التركيز أولاً على العمل الجاد المخلص والدؤوب لترتيب وإصلاح بيتنا الداخلي، والقضاء على الفساد، وتنفيذ أهدافنا التنموية، وتعظيم مصالحنا الاقتصادية الاستراتيجية، دون المساس بمبادئنا الأساسية. فقامت السعودية منذ إطلاق رؤيتنا الطموحة قبل سبع سنوات بتنفيذ أكثر من 13 برنامجاً تنموياً، وأنجزت 555 إصلاحاً، لتحتل المرتبة الأولى عالمياً في إصلاحات بيئة الأعمال. وقامت السعودية بتخفيض مدة بدء العمل التجاري إلى 30 دقيقة بدلاً من 15 يوماً، وتقليص مدة استخراج السجل التجاري لتصبح 180 ثانية فقط، لتتضاعف عدد المنشآت الصغيرة والمتوسطة لأكثر من 626 ألف منشأة. كما قامت السعودية بتخفيض متطلبات تراخيص الاستثمار بنسبة 54%، ليزداد تدفق استثمار رأس المال الأجنبي أربعة أضعاف ما كان عليه في عام 2016 .
وبما أن الدور الذي كانت تلعبه السعودية في الماضي، والذي أملاه في المقام الأول مكانتها الفريدة كأكبر منتج ومصدّر للنفط في العالم، لم يعد المعيار الوحيد الذي يحقق الآمال المستدامة التنموية والاقتصادية السعودية. ولكونها صاحبة الاقتصاد الأكبر في منطقة الشرق الأوسط، والثامن عشر بين دول العالم، أطلقت السعودية العنان لرؤيتها الطموحة، وأخذت على عاتقها تخفيف اعتمادها على النفط كسلعة وحيدة للدخل، فلجأت لتطوير صناعاتها المحلية ليرتفع عدد المصانع بنسبة 54% منذ إطلاق الرؤية ليصل إلى حوالي 11000 مصنعاً برأس مال يقدر بـنحو 1,56 تريليون ريال. وساهمت أهداف رفع قيمة المحتوى المحلي، وزيادة الصادرات غير النفطية، وفتح المجال للخدمات في قطاعات التقنية والحوكمة والسياحة، ليصبح اقتصادنا اليوم مفعماً بالحيوية والنشاط والتكامل والاندماج على صعيد العالم أجمع.
لذلك بدأنا في جني نتائج طموحاتنا بتربع السعودية اليوم على عرش الاقتصاد الأسرع نمواً في العالم بنسبة 8.7%، ليتجاوز ناتجنا المحلي الإجمالي بنهاية العام الماضي حاجز 4.2 تريليون ريال لأول مرة في تاريخنا، وبنمو نسبته 82% عما كان في عام 2016، محققاً المركز 16 بين اقتصادات دول مجموعة العشرين، ومسجلاً انخفاضاً في العجز المالي السنوي، ليتحول إلى فائض في عام 2023.
ولعل أهم ما جاء في الميزانية السنوية لعام 2023، ارتفاع مساهمة القطاع النفطي في الناتج المحلي الإجمالي هذا العام بنسبة إلى نحو 1617.8 مليار ريال، وبنسبة 39% من إجمالي الناتج، فيما بلغت مساهمة القطاع غير النفطي نحو 2.3 تريليون ريال وبنسبة 61.1% من إجمالي الناتج. كما بلغت مساهمة القطاع الخاص في الناتج المحلي الإجمالي نحو 1633.7 مليار ريال في 2022، بينما بلغت مساهمة القطاع الحكومي في هذا الناتج بنحو 693.5 مليار ريال.
هذا في الوقت الذي بدأت السعودية في تحقيق المراتب المرموقة بين دول العالم، لتصبح اليوم في المرتبة الأولى بين 141 دولة في مؤشر استقرار الاقتصاد الكلي، ومؤشر التكيف مع السياسات الحكومية، وقيمة التجارة العالمية بالنسبة للناتج المحلي الإجمالي. كما أصبحت السعودية ثاني أفضل دول العالم تقدماً في مؤشر تقرير التنافسية العالمية لتحقق المركز 24 عالمياً، والمرتبة السابعة من بين دول مجموعة العشرين.
وفي مطلع العام الجاري حلت السعودية في قائمة الدول العشر الأوائل عالمياً في عدد كبير من المؤشرات الفرعية، أبرزها: المركز الثاني في التحول الرقمي والأمن السيبراني ورأس المال الجريء، والمرتبة الثالثة بين 190 دولة في مؤشر حماية أقلية المستثمرين والاحتياطيات الأجنبية، والمركز الرابع في الحرية المالية، والمرتبة 10 عالمياً والأولى عربياً في مؤشر التنمية البشرية، و المرتبة 18 في الكفاءة الحكومية والمركز 25 في كفاءة الأعمال.
وعزَّزت جملة القفزات النوعية التي حققها قطاع الاتصالات السعودي وخطواته المتسارعة لمواكبة التطورات والمستجدات التقنية فرص تقدم السعودية إلى المرتبة الأولى في التحول الرقمي في الشركات والريادة الحكومية والتنافسية الرقمية ومعدلات سرعة التنزيل لخدمات الجيل الخامس، وذلك وفق الاتحاد الدولي للاتصالات. كما صعدت السعودية للمرتبة الثانية في التنافسية الرقمية وتخصيص النطاقات الترددية بين دول مجموعة العشرين، والثالثة في تقنية الجيل الخامس للاتصالات. كما صعدت السعودية في ترتيب سرعات “الإنترنت” إلى المراتب العشرة الأولى بعد أن كانت في المركز 105 في عام 2017، وذلك طبقاً لتقرير “سبيد تست” العالمي المختص في قياس سرعات الإنترنت.
وفي مؤشر الابتكار العالمي للعام 2022 الصادر عن المنظمة العالمية للملكية الفكرية، صعدت السعودية 15 مرتبةً ضمن قائمة تصنيف المؤشر لتحتل المرتبة الأولى عربياً والـ 25 عالمياً، فيما جاءت البرازيل في المرتبة 27، وجنوب إفريقيا في المرتبة 35، وجمهورية تشيلي في المرتبة 36، والمكسيك في المرتبة 37، وتايلاند في المرتبة 38.
ونظراً لأن الاستدامة تشكل جزءاً مهماً من خطط التنمية والتطوير، بادرت السعودية في تنفيذ مشاريعها البيئية، مستهدفةً زراعة 10 مليارات شجرة داخل المملكة، وبناء أكبر مصنع عالمي للهيدروجين الأخضر الخالي من الكربون بقيمة 10 مليارات دولار، وتنفيذ مشروع الاقتصاد الدائري للكربون، ودعم وتطوير مشاريع مزيج الطاقة النظيفة المتجددة المستدامة مثل تركيب طاقة الرياح أو الطاقة الشمسية في مرافق توليد الكهرباء، مع التزام السعودية بالحصول على 50% من طاقتها من مصادر متجددة بحلول عام 2030. وتأتي هذه المبادرات لخفض انبعاثات ثاني أكسيد الكربون والمحافظة على البيئة.
كما تفتخر السعودية اليوم بتراجع نسبة البطالة إلى 8% لتقترب من مستهدفات الرؤية المحددة بنسبة 7%، وارفاع نسبة تمكين عمل المرأة إلى 37% لتتعدى نسبة أهداف الرؤية المحددة بنسبة 30%، لتتجه التقارير العالمية الموثقة إلى تسليط الضوء على التحول الاقتصادي المميز الذي تشهده السعودية، حيث أشادت تقارير البنك الدولي وصندوق النقد، إضافةً لتقارير “ذي إيكونوميست“ و “فوربس” بما حققته السعودية من تقدم أثار إعجاب العالم بارتفاع نسبة قطاع الأعمال غير النفطي إلى أعلى مستوى له منذ ثماني سنوات لتصبح السعودية من بين أسرع الدول تحولاً في العالم على صعيد تنوع الاقتصاد وإضافة قطاعات جديدة.
صدق من قال: “وَمَنْ تَكُنِ العَلْيَاء هِمَّةَ نَفْسِهِ فَكُلُّ الَّذِي يَلْقَاهُ فِيهَا مُحَبَّبُ”.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال