الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
على عكس ضرائب الدخل المباشرة الأخرى، تحظى الزكاة بميزة خاصة تجعل دفعها طواعية عبادة لله تعالى وطلباً للثواب. فلا شك أن جميع المسلمين يرغبون في تأديه هذا الركن تطهيراً لأنفسهم وأموالهم. والأنشطة التجارية (عروض التجارة) أحد هذه الأموال التي تطورت من مجرد بضاعة بسيطة إلى كيانات قانونية تحتوى على معاملات تجارية متنوعة. لذلك اجتهد علماء الشرعية لتحديد وعاء زكاة الأنشطة التجارية، وكانت النتيجة استنباط طريقتين: الطريقة المباشرة والطريقة غير المباشرة للوعاء الزكوي. في المملكة، تم اعتماد الطريقة الغير مباشرة منذ ما يزيد عن 30 سنة وحتى يومنا هذا لاعتبارات تطبيقية. ومما يلاحظ في السنوات الأخيرة، ظهور بعض الملاحظات (اوالشبهات) حول مفهوم هذه الطريقة. ومساهمة في توضيح أسس الطريقة الغير مباشرة لجبابة زكاة الأنشطة التجارية، أود استعراض ثلاثة نقاط أساسية.
أولاً: هناك فرق بين المال الغير الخاضع للزكاة والمال الذي يمنع الزكاة. فمثلاً، لو كان كل ما أملك هو مبلغ 100 ألف ريال في الحساب البنكي، فإن وعاء الزكاة بعد حولان الحول هو 100 ألف ريال. لكن لو أهديت لي سيارة قيمتها 60 ألف، لأستمر الوعاء 100 ألف بسبب أن السيارة من الأصول الثابتة (أصول القنية) الغير خاضعة للزكاة. في الجانب الآخر، لو حصلت على هذه السيارة عن طريق قرض، لأصبح الوعاء 40 ألف بسبب أن الديون تمنع الزكاة وليست مثل ألاصول الثابتة التي لا تخضع للزكاة ولا تدخل في الوعاء.
ثانياً: الاختيار الشرعي لزكاة الديون في الأنشطة التجارية الذي اختارته هيئة الزكاة بالمملكة هو أن الديون قصيرة الاجل (الحالة) تمنع الزكاة، بينما الديون طويلة الاجل لا تمنع الزكاة. وهذا الاختيار منضبط ومنطقي كون أغلب التجارة في العصر الحديث تعتمد على ديون طويلة الأجل؛ فمنع زكاتها فيه تفريط كبير. وفي الجانب الاخر، فأن الأصول طويل الأجل غير خاضعة للزكاة والأصول المتداول خاضعة للزكاة.
ثالثاً: هناك اتفاق في العالم الإسلامي على صحة الطريقة المباشرة لزكاة الأنشطة التجارية. وهي تطبيق للمعادلة التالية: الأصول الزكوية (غالباً الاصول المتداولة) مخصوماً منها الديون التي مولتها وهي في الغالب الالتزامات المتداولة. بمعنى، أن وعاء الزكاة وفق هذه الطريقة يستهدف مباشرةً الأصول الزكوية (الأصول المتداولة) بعد تطهيرها من الديون الحالة (الالتزامات المتداولة). الطريقة الثانية والمسماة بالطريقة الغير مباشرة، تهدف إلى تحديد نفس القدر للوعاء الزكوي ولكن بطريقة عكسية رياضياً. ففي الطريقة المباشرة كان العنصر الموجب والمضاف للوعاء هو الاصول المتداول، وحيث أن المكمل له في قائمة المركز المالي هو الأصول طويلة الاجل، فأن الأصول طويلة الاجل تدخل لوعاء الطريقة الغير مباشرة ولكن برقم سالب (محسومة) لان الهدف هو إخضاع الأصول المتداولة للزكاة. كذلك في الطريقة المباشرة كان العنصر السالب (المحسوم) هو الالتزامات المتداول وحيث أن المكمل لها في قائمة المركز المالي هو الالتزامات طويلة الاجل وحقوق الملكية، لذلك تدخل الالتزامات طويلة الاجل وحقوق الملكية لوعاء الطريقة الغير مباشرة ولكن برقم موجب على عكس إشارة الالتزامات المتداولة في الطريقة المباشرة. بمعنى بينما تكون إضافة أو حسم أي عنصر لوعاء الطريقة المباشرة تعنى إخضاع او منع العنصر للزكاة، فالإضافة أو الحسم في وعاء الطريقة الغير مباشرة لا تعني ذلك ابدا، بل تهدف إلى الوصول لنفس الوعاء الزكوي ولكن بطريقة عكسية رياضياً ومحاسبياً.
لذلك في الطريقة الغير مباشرة، فأن إضافة الديون طويلة الاجل ليس بهدف إخضاعها، كما أن حسم الأصول طويلة الاجل ليس لانها غير خاضعة للزكاة، بل لأجل الحفاظ على الوعاء الزكوي. والدليل أن الأصول طويلة الاجل -الغير خاضعة للزكاة- كان يمكن الاكتفاء بتجاهلها كونها خارج الوعاء أساساً. فمبرر حسمها في الطريقة الغير مباشرة هو الحفاظ على الوعاء الزكوي؛ حيث أن الطريقة الغير مباشرة معكوس رياضي لمعادلة الطريقة المباشرة أخذاً في الاعتبار توازن قائمة المركز المالي ومكوناتها المحاسبية الخمسة الرئيسة.
ختاماً قد يكون تحديد مكونات الوعاء الزكوي على هذا المستوى يمثل تحدياً لأصحاب الاعمال، ولكن نصيحتي هي التفكير بالطريقة المباشرة وتطبيق الطريقة الغير مباشرة. ففي الطريقة المباشرة أي زيادة بالأصول المتداولة، تؤدي بشكل مباشر إلى زيادة الوعاء. وتطبيقاً على الطريقة الغير مباشرة، فأن أي زيادة في الأصول المتداولة تعنى انخفاض في الأصول طويل الاجل والتي بدورها تمثل عنصر سالب (محسوم) في الوعاء. كذلك، في الطريقة المباشرة أي زيادة في الالتزامات المتداولة تؤدي بشكل مباشر إلى انخفاض الوعاء. وتطبيقاً على الطريقة الغير مباشرة، فأن أي زيادة في الالتزامات المتداولة تعنى انخفاض في الالتزامات طويل الاجل وحقوق الملكية وتلك عناصر موجبة (مضافة) للوعاء. لذلك، فكر بالطريقة المباشرة وطبق الطريقة الغير مباشرة لتخطيط زكوي مبسط.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال