الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
لم ولن تغيب عن ذهني صورة سمو سيدي ولي العهد في المنتدى الاقتصادي ٢٠١٧، وهو يحمل بيده اليسرى جوال تقليدي قديم، وبيده اليمنى جوال ذكي حديث.
عزيزي القارئ الكريم، هل تعلم بأن اكبر شركة سيارات اجرة في العالم لا تمتلك سيارة أجرة واحدة؟
هل تعلم بأن اكبر منصات المأكولات الخارجية ( المطاعم) في العالم لا تمتلك مطعم واحدا؟
هل تعلم بأن الدولة صاحبة أقوى صوت في العالم لا تملك وزارة اعلام؟
كل تلك الهيمنة الاعلامية تحدث وتتحقق على الساحات الاعلامية العالمية دون أن تمتلك تلك الدولة ( الولايات المتحدة الامريكية) وزارة اعلام تقليدية كما هو متعارف عليه في أغلب الدول.
كل ذلك الغزو الفكري و الثقافي الواسع الانتشار، المهيمن دون تخفي او انكسار، يستمر دون أن يكون خلفه وزارة تقليدية، كما هو الأمر في أغلب الدول، والتي بالمناسبة لم تحقق عشر النجاحات الاعلامية الأمريكية.
بالرغم من التركيبة المختلفة والغير تقليدية لإلية عمل الذراع الاعلامي الأمريكي، تمتلك الولايات المتحدة الأمريكية قدرة خارقة على تسير دفة الأمور إعلاميا لصالحها، دون مسؤولية مباشرة منها.
هناك في الولايات المتحدة الأمريكية قنوات اخبارية خاصة تحمي الأجندة الأمريكية بشراسة منتهية النظير، هذا وان بدى بعظها على خلاف ذلك.
كذلك أيضا، هناك برامج تلفزيونية أمريكية واسعة الانتشار حول العالم من خلال قنوات تلفزيونية عالمية غير امريكية، تعمل باستمرار على ترسيخ القيم الأمريكية ونشرها.
إضافة إلى وجود الأعمال السينمائية المبهرة، والتي تستهدف جميع الشرائح وعلى راسها شريحة الأطفال، المراهقين، والشباب حول العالم.
أعمال سينمائية لا تذخر جهدا في غرس الصور الايجابية المتنوعة و الساعية باستمرار الى تحسين صورة المنتج الأمريكي بالمجمل، من أسلوب حياة ومعيشة، وصولا إلى تسويق السياسات الأمريكية العليا.
قوة اعلامية منتهية النظير، تعمل على حماية المصالح الأمريكية بالمطلق، دون أن يكون لها ارتباط مباشر وعلني بمركز القرار.
ماذا لو تبنت بعض الوزارات الخدمية في المملكة العربية السعودية ذلك النهج الاعلامي الأمريكي؟
كوني اسهبت بالحديث عن دور الإعلام الأمريكي، فلنأخذ على سبيل المثال لا الحصر وزارة الاعلام السعودية متمثلة بهيئة الإعلام والتلفزيون السعودي.
ماذا لو قامت هيئة الإذاعة والتلفزيون بالاستحواذ على القنوات التلفزيونية الخاصة، داخل و خارج المملكة، حتى لو كان ذلك بشكل جزئي من خلال الاستحواذ على حصص مؤثرة في بعض القنوات المحلية، الإقليمية، و الدولية، تضمن لها تحقيق أهدافها الاعلامية بشكل تدريجي وموسع، دون تحمل ثقل ومسؤولية إدارة تلك القنوات بصورة مباشرة.
مثال اخر، ماذا لو قامت هيئة الزكاة و الضريبة والجمارك بالاعتماد على مكاتب المحاسبة القانونية الخاصة، و مكاتب التخليص الجمركي، والعمل على الاستفادة ولو بشكل جزئي من خدمات تلك القطاعات الخاصة و القائمة مقابل اجر متفق عليه.
مع مرور الوقت، وبعد التأكد من نجاح سير أعمال الهيئة حسب المستهدفات المحددة لها، سيمنح ذلك التحول هيئة الزكاة والضريبة والجمارك فرصة اسنح للقيام بدور المشرع – المنظم – المراقب – المحاسب عوضا عن دور المشغل، في محاكاة مشابهة لدور البنك المركزي السعودي في علاقته بالمصارف التي تعمل داخل المملكة العربية السعودية.
من خلال ذلك التحول بدور الهيئة سيتسنى لهيئة الزكاة والضريبة والجمارك تحقيق أهدافها و مواصلة تطبيق استراتيجياتها دون أن تعاني مستقبلا من داء التضخم الهيكلي الذي مع مرور الوقت قد يفقد القطاع فعاليته.
بالمناسبة، داء التضخم التنظيمي او الهيكلي للمؤسسات الحكومية وكذلك الخاصة هو تحدي مستقبلي حقيقي قد يواجه كثير من القطاعات النامية بشكل سريع، مثل اغلب القطاعات الحيوية اليوم في المملكة العربية السعودية.
في الحقيقة، الأمثلة على نجاح الأجهزة الحكومية الديناميكية التي يقتصر دورها على رسم الاستراتيجيات التنظيمية، ومواصلة تطوير التشريعات، ومراقبة تنفيذها ورصد فعاليتها، بعيدا عن الأدوار التشغيلية هي أمثلة عديدة.
من المتوقع بان يكون بعض ما جاء ذكره هنا من قصص نجاح تنظيمية موافق و منسجم مع أهداف رؤية 2030، والبعض قد يتقاطع مع الاستراتيجيات الخاصة ببعض الكيانات، سواء كانت حكومية او خاصة.
لكن من حيث المبدأ، وبعد الاطلاع على بعض الأمثلة التنظيمية الرائدة على مستوى القطاعين، الخاص والعام، محليا و عالميا، أجد بأن بعض تلك التجارب التي تم استعراضها في هذا المقال هي أمثلة ناجحة ضمن محيطها، و تستحق الدراسة والتقييم.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال