الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
واجه العالم أزمة غذائية كبيرة في بداية القرن الماضي , تفاقمت الأزمة وكانت في طريقها لأن تصبح كارثة غذائية تهدد الوجود البشري حيث أن عدد سكان الأرض في ازدياد متسارع في حين أن المحاصيل الزراعية لا تستوعب حجم هذه الزيادة الكبيرة.
في الوقت الذي كانت فيه أزمة الغذاء العالمي في طريقها نحو الانفجار طوّر “كارل بوش” عملية لتفاعل الهيدروجين والنيتروجين الجوي تحت الضغط لصنع الأمونيا والتي اعتمدها المزارعون بدلاً من الأسمدة الطبيعية وكانت مسؤولة بشكل أساسي عن الثورة الخضراء حيث تجاوز البشر حدود إنتاجية المحاصيل بسبب سهولة الوصول إلى التخصيب بالنيتروجين في التربة.
في عام 1931 توج كارل بوش بالاشتراك مع فريدريك بيرجيو بجائزة نوبل في الكيمياء الصناعية نظير اختراعه لصنع الأمونيا والتي اعتمدها المزارعون بدلاً من الأسمدة الطبيعية حيث لا تزال هذه العملية مسؤولة عن جميع الأمونيا الموجودة في العالم بالإضافة إلى مشتقاتها مثل اليوريا ونترات الأمونيوم ومع ذلك فهي مسؤولة أيضاً عن الزيادة الكبيرة في النيتروجين التفاعلي في بيئتنا والتلوث الناتج عن ذلك.
ماهي الأمونيا وماهي طرق إنتاجها؟
الأمونيا نوع من الغازات عديمة اللون ذات الرائحة النفاذة وهي عبارة عن مركّب يتكون من ذرة نيتروجين واحدة (82%) و3 ذرّات هيدروجين (18%) ولا تزال عملية إنتاج الأمونيا الأساسية هي عملية تصنيع هابر بوش وهي عملية تم تطويرها منذ أكثر من مائة عام والتي تجمع بين النيتروجين والهيدروجين باستخدام الحديد كعامل مساعد.
يمكن للهيدروجين أن يجعل الأمونيا “رمادية” أو “زرقاء” أو “خضراء” حسب المادة الأولية وعملية الإنتاج، تشبه الأمونيا الزرقاء الأمونيا الرمادية التقليدية وتتميز عنها باحتجاز الكربون والتقاطه والذي يمكن أن يقلل من انبعاثات الكربون بأكثر من 90٪, و تستخدم الأمونيا الخضراء الهيدروجين الأخضر الناتج عن التحليل الكهربائي للمياه المدعوم بالطاقة المتجددة مما يجعل إنتاج الأمونيا الخضراء خالياً من ثاني أكسيد الكربون تقريباً.
ولا يزال من غير الواضح ما إذا كانت الأمونيا الزرقاء أم الخضراء أفضل في الأداء البيئي والاقتصادي ويحتاج الأمر إلى تقييم دورة الحياة للمنتجين بشكل كامل ووضع مقارنات التأثيرات البيئية والاقتصادية بشكل دقيق من جانب ومقارنة إمكانية التطور والتقدم التكنولوجي لكلا المنتجين من جانب آخر .
تلوح في الأفق فرصة في قطاع البتروكيماويات حيث تعمل العديد من الشركات في القطاع لخلق توازن بيئي للحد من التغيرات المناخية التي تسببت بها عملياتهم التصنيعية طوال عقود من الزمن تحت ضغوط ورقابة دولية مشددة لتفادي كوارث بيئية محتملة ، حيث أنه مع زيادة التركيز العالمي لظاهرة الاحتباس الحراري والقضايا البيئية ظهرت تقنيات الأمونيا الصناعية كبديل مناسب لتحقيق استهلاك أقل للطاقة بانبعاثات منخفضة وإنتاج مستدام.
وفي سبيل المساهمة للوصول إلى صافي انبعاثات صفري في عام 2050 يزداد التركيز على البحث والتطوير في الاستخدامات الأخرى للأمونيا حيث تم اعتماد الأمونيا منخفضة الكربون بشكل جديد في العديد من التطبيقات بما في ذلك الاستخدام المباشر كوقود لـتوليد الطاقة الكهربائية والنقل البحري والاستخدام غير المباشر كناقل للهيدروجين مما يتيح مجالاً تجارياً عالمياً جديداً في التطبيقات منخفضة الكربون وعديمة الكربون.
تسعى منظمات الطاقة العالمية بشكل مستمر إلى تسهيل خلق نظام عالمي موحد للحصول على شهادات الأمونيا منخفضة الكربون لدعم الإنتاج وتمكين المنتجين والمستهلكين المحتملين لتطوير سوق الأمونيا منخفضة الكربون وعديمة الكربون ويحدد النظام حجم الانبعاثات من إنتاج الأمونيا على أساس شهادات معتمدة، شفافة وقابلة للتحقق.
سباق لإنتاج الأمونيا الزرقاء في الخليج
توفر احتياطيات النفط والغاز الطبيعي والطبيعة الجيولوجية لدول مجلس التعاون الخليجي فرصًا لتطوير إنتاج الأمونيا الزرقاء حيث إن استقرار المركز المالي لدول المنطقة وديناميكية وسرعة اتخاذ القرار ومتانة البنى التحتية تجعل اقتصادات دول الخليج من أقوى المحركات الهيدروجينية في العالم وكذلك في صناعة الأمونيا.
إنتاج الأمونيا الزرقاء أكثر من مجرد تنوع اقتصادي لدول الخليج فهو يسمح لها بالحفاظ على القوة الاقتصادية والسياسية حتى في عالم منزوع الكربون، حيث تسير مشاريع الطاقة المتجددة وصناعة البتروكيماويات في النمو بوتيرة متسارعة في دول الخليج العربي وتدرس المنطقة الآن طرقًا جديدة لإطلاق إمكانات مواردها الطبيعية مع دعم التحرك نحو اقتصاد منخفض الكربون وتمهيد الطريق لمستقبل أكثر استدامة.
تقود المملكة العربية السعودية دول المنطقة في هذا التحول الكبير نحو طاقة خالية من الانبعاثات عبر العديد من المشاريع والتطبيقات والتي من ضمنها إنتاج الأمونيا الزرقاء، تستمر المملكة في إمداد الأسواق العالمية بحلول متنوعة لحماية أمن الطاقة العالمي في الوقت الذي يعيش فيه العالم حالة من عدم اليقين في تأمين مصادر الطاقة نظراً للظروف الجيوسياسية التي تعيق أكبر المنتجين والمستهلكين في الوقت ذاته.
تستمر الجهود في المملكة نحو تحقيق الحياد الصفر للكربون من خلال تمكين الظروف الملائمة لتطوير صناعة الأمونيا الزرقاء حيث أعلنت شركتا سابك وأرامكو الحصول على أول شهادات مستقلة في العالم تعترف بإنتاج الهيدروجين الأزرق والأمونيا الزرقاء في منتصف العام الماضي، كما أعلنت الشركتين عن توفير أول شحنة في العالم من الأمونيا النظيفة (الزرقاء) إلى كوريا الجنوبية في نهاية العام الماضي وإلى اليابان في شهر إبريل الحالي.
تستمر الجهود في دول الخليج لإنتاج الأمونيا الزرقاء حيث أعلنت شركة أدنوك الإماراتية في منتصف عام 2021 من أنها تعمل على تطوير مشروع لإنتاج الأمونيا الزرقاء في مجمع الرويس , كما أعلنت شركة قطر للطاقة عن إنشاء أكبر مصنع للأمونيا الزرقاء في العالم بطاقة إنتاجية تبلغ 1.2 مليون طن سنوياً.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال