الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
تعتبر دعوى الشركة خاصة بها باعتبارها دعوى مسؤولية مدنية يمارسها من يمثلها قانونًا ضد من ارتكب خطًا ضارًا بمصلحة الشركة، وترفع هذه الدعوى من قبل ممثل الشركة عادة ولكن في حال تقاعس الممثل أو تخليه عنها لأي سبب جعل المنظّم الحق لغيرها في رفعها ممن أصابه الضرر، فأتاح للمساهم رفعها بصورة منفردة تحت دعوى الشركة الفردية، وبذلك يمكن تقسيم هذه الدعوى على شكلين دعوى الشركة و الدعوى الفردية.
يطلق مصطلح دعوى الشركة على الدعوى التي ترفعها الشركة كشخص معنوي مستقل بواسطة ممثلها القانوني للدفاع عن مصالحها، وترفع ضد أعضاء مجلس الإدارة الذين تسببوا بأضرار للشركة بسبب أخطائهم وتقصيرهم وعلى أساس مسؤوليتهم التعاقدية، وتهدف إلى تعويض الضرر الذي لحق بالشركة ذاتها كشخص معنوي مستقل، وقد يلحق الشركة هذا النوع من الضرر نتيجة إساءة أعضاء مجلس الإدارة للصلاحيات الممنوحة لهم والتي سبق الحديث عنها في مقالاً السابق، وتنعقد نتيجة للإخلال بالالتزامات المُلقاة على عاتق هؤلاء، أو مخالفة النظام أو نظام الشركة الأساس، الذي يعدّ وثيقة ملزمة لإدارة الشركة، وتعدّ مسؤولية أعضاء مجلس الإدارة في مواجهة شركة المساهمة هي مسؤولية تضامنية بحسب النظام، وبذلك دعوى المسؤولية تُرفع عليهم جميعًا، كما يجوز أن تُرفع على أحدهم أو بعضهم بالتعويض كاملًا، والأصل أنها تُرفع على الأعضاء الموجودين بالمجلس أثناء اتخاذ القرار الخاطئ ولم يبدوا اعتراضهم.
دعوى الشركة ممن له الصفة القانونية “الممثل” وبحسب ما جاء في نظام الشركات أن للشركة رفع دعوى المسؤولية على أعضاء مجلس إدارتها وذلك بسبب الأخطاء التي تنشأ منهم تتسبب في أضرار لمجموع المساهمين، وهذا هو المنطق على أساس الرابطة بين الشركة وأعضاء مجلس الإدارة فهي رابطة عقدية ومسؤولية الأعضاء مسؤولية عقدية.تقررمن الجمعية العامة العادية وتحديد من يمثل الشركة في مباشرتها، وفي حال حكم بإشهار إفلاس الشركة كان رفع الدعوى المذكورة من اختصاص ممثل التفليسة، وإذا انقضت الشركة تولى المُصفي مباشرتها بعد الحصول على موافقة الجمعية العامة العادية.
كما أتاح النظام للمساهم حق رفع دعوى الشركة وذلك حال تقاعس من له هذا الحق في شركة المساهمة، فقد خوّل المنظّم الممثل القانوني للشركة برفع هذه الدعوى، ولكن كضمانة للمساهمين جعل هذا الحق ممكنًا للمساهم شرط إبلاغه للشركة بعزمه على رفعها وكذلك اشترط وجود هذا الحق والتأكيد على أنه لا يزال قائمًا، ويقتصر حقه على المطالبة بالتعويض عن الضرر الخاص الذي لحق به، فلا تنعقد المسؤولية إلا بوقوع خطأ أدى إلى ضرر ورابطة سببية بينهم.
وعطفًا على ما سبق فالمسؤولية الواقعة على مجلس الإدارة من جراء الخطأ هي مسؤولية عقدية، يباشرها في الأصل مجلس الإدارة وتكون بالاستثناء من المساهمين، يعوض بها جميع المساهمين في حال قيامها من الممثل القانوني للشركة، ويقتصر التعويض بها على المساهم في حال مباشرته لها بصفته كمساهم في حال تقاعس ممثل الشركة عن رفعها، ويشترط توفر صفة المساهم في رافع الدعوى عند رفعها، ولعل السبب في أصل هذه الدعوى أنه لا رابطة عقدية للمساهم مع الشركة إنما هي رابطة قانونية من خلال نظام الشركة الأساس، والرابطة العقدية والمسؤولية العقدية تقع على أعضاء مجلس الإدارة، وتكون خلال المدة التي حددها النظام.
أما في ما يخص دعوى المساهم الفردية؛ يعبّر عن هذه الدعوى التي تُقام من المساهم بصفة فردية وعلى حق خاص بدعوى المساهم الفردية، لا تستند على رابطة تعاقدية بل تقوم على المسؤولية التقصيرية، لأنه لا رابطة بين المساهم ومجلس الإدارة، ولأن مجلس الإدارة هو وكيلٌ عن الشركة وليس وكيلًا عن المساهمين. اشترط لقيام دعوى المسؤولية إثبات خطأ مجلس الإدارة أو أحد أعضائه وعلاقة سببية بين الخطأ والضرر، بمعنى أن المساهم في هذه الحالة يباشر حقه في رفع هذه الدعوى ضد من تسبب له بهذا الضرر، ويقع عبء الإثبات على المساهم لإثبات الأضرار الشخصية التي أصابته من التصرف غير السليم في مجلس الإدارة أو أحد أعضائه، أو من الشركة بصفته الاعتبارية، ومن هذه الأخطاء هو صدور قرار بحرمان المساهم من حقه في الأرباح أو عدم تمكينه من حرية التصرف في أسهمه كمنعه من تداولها أو بيعها أو التنازل عنها للغير.
لنرى كيف أن هذه الدعوى انحصرت على المساهم الفرد وليس على الكل، وكذلك في التعويض تكون محصورة على المضرور وليس على الجميع، ولا يشترط في رفعها توفر صفة المساهم ولكن يستطيع رفعها المتضرر ولو تخلى فيها عن أسهمه فحقه مازال قائماً، وهو الحق الذي قررّه المنظّم في المادة الـ29 التي سبق ذكرها على الوجه الآخر، فكما سبق أن بيّنا أن هذا الحق يقع على شكلين، شكل يطال الجميع بالضرر وشكل يطال المساهم فقط.
أخيرًا يمكننا القول أن الضمانة القضائية اللاحقة الواردة على النحو السابق في نظام الشركات وكما أشرنا في المقال السابق يعد آخر الوسائل الحمائية اللاحقة للمساهمين والشركة من تعسف الإدارة أو كبار المساهمين والذين يسيطرون على مجالس إدارات الشركات في غالب الأحيان متسببين بضرر الشركة، والأقلية داخل الشركة في سبيل تحقيق مصالحهم الخاصة، مستغلين ذلك الفصل بين الإدارة والملكية وبأبشع الصور للإضرار بالغير والمصلحة الجماعية لتحقيق النفع الخاص بهم، الأمر الذي تنبّه له المنظم السعودي ووضع له كل الوسائل التي من شأنها التقليل من ضرر هذا الفصل على النحو الذي تقوم عليه شركات المساهمة كأصل.
كما أن دعوى الشركة تتقادم بحسب ما بينا سابقًا فقد حدد المنظم السعودي لها فترة زمنية تسقط بعدها، أما دعوى المساهم الفردية على أحد حقوقه كالحرمان من الأرباح فلا تسقط بالتقادم، ولا يلزم أن يحمل صفة المساهم لرفعه، وبذلك نستنتج أن المسؤولية العقدية تكون من صاحب الصفة وتتقادم والمسؤولية التقصيرية لا تلزم لقيامها صفة المساهم ولا تتقادم.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال