الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
قمت بزيارة إلى منطقة الجوف منذ عدة أيام، في رحلة علمية نظمتها الجمعية الجغرافية السعودية، وشملت الزيارة مشروع طاقة الرياح وهو أول مشروع طاقة رياح في المملكة العربية السعودية وتبلغ قدرته الإنتاجية 400 ميجاوات لتغذية نحو 70,000 منزل. ولأن اختيار منطقة دومة الجندل في الجوف لهذا المشروع تم على أساس دراسات رجحت نسبة نجاح المشروع لارتفاع المنطقة والرياح القوية بها، سوف أتناول في هذا المقال مفهوم نظم المعلومات الجغرافيةGIS والربط بالذكاء الاصطناعي AI GIS وأهمية الدور الذي تلعبه تلك التقنيات في دعم مجال الطاقة المتجددة في المشاريع العملاقة المماثلة.
وللتوضيح.. سوف نبدأ بذكر بعض المعلومات الأساسية ذات الصلة..
مع رؤية 2030، سعت المملكة العربية السعودية إلى مواجهة تحديات الطاقة والتغير المناخي والتلوث البيئي والانبعاثات الكربونية، وكذلك تعزيز موارد الاقتصاد غير النفطي وخفض القيمة العالية لإنتاج الكهرباء. وتتوافق هذه الجهود مع أهداف التنمية المستدامة SDG التي وضعتها الأمم المتحدة لعام 2030 ومنها هدف تعزيز الطاقة النظيفة، حيث تطمح المملكة إلى أن تصل نسبة الطاقة المستهلكة من المصادر المتجددة إلى 50% بحلول عام 2030م.
أما مفهوم برامج نظم المعلومات الجغرافية GIS فهو يرمز إلى استخدام البيانات والخرائط الرقمية ذات المرجعية الجغرافية بهدف تحليل ومعرفة الميزات المختلفة للمناطق، ويتم استخدامه في تطبيقات متنوعة ومنها التخطيط الحضري وتخطيط البنى التحتية والتحليلات الاجتماعية والاقتصادية، وأيضاً التكامل مع متطلبات مشاريع الطاقة المتجددة في المناطق المختلفة مثل مشاريع طاقة الرياح والطاقة الشمسية وغيرها.
وتُستخدم نظم المعلومات الجغرافية لتحليل إمكانات مشاريع الطاقة المتجددة كمصدر لإنتاج الكهرباء والوقود الحيوي من خلال إضافة جميع العوامل المؤثرة إلى تلك المشاريع مثل إمكانات طاقة الرياح أو الطاقة الشمسية، والأراضي المتاحة، والكثافة السكانية، والمسافات إلى الطرق المتوفرة وخطوط النقل، والمنحدرات، والتنوع البيولوجي، وكذلك المتطلبات التنظيمية. وتلك التحليلات تساعد على اختيار المناطق والأماكن المناسبة لإقامة مشاريع الطاقة المستدامة بها.
وبالإضافة إلى ذلك، تساعد نظم المعلومات الجغرافية جنباً إلى جنب مع تقنيات الاستشعار عن بعد أو ما يُعرف بمصطلح RS كوسيلتين فعالتين للحصول على البيانات الجغرافية ومعالجتها، وكذلك تحديد المقاييس المكانية والزمانية لتوفر الموارد وإمكانية تحقيق المتطلبات أثناء التخطيط لمشاريع الطاقة.
ومن جهة أخرى تتعلق بالربط مع الذكاء الاصطناعي AI GIS فإن إحدى الوظائف الأساسية لنظم المعلومات الجغرافية تتمثل في إجراء التحليل المكاني والنمذجة، ويتضمن ذلك تطبيق تقنيات و خوارزميات مختلفة على البيانات المكانية لاستخراج الاتجاهات والعلاقات والتنبؤات. ومن ثم، يمكن أن يعزز الذكاء الاصطناعي والتعلم الآلي هذه الوظيفة من خلال تمكين نظم المعلومات الجغرافية من التعلم من البيانات وأتمتة سير العمل وإنشاء الرؤى والتنبؤات التحليلية المستقبلية.
ومن خلال التعلم الآلي للذكاء الاصطناعي، تدعم نظم المعلومات الجغرافية كذلك الملاحظات في الوقت الفعلي لمراقبة المناطق الطبيعية، مما يؤدي إلى الحصول على تحليلات ونتائج ورؤى ضرورية تساعد على فهم الفرص والتحديات والمخاطر التي قد تواجه تلك المشاريع في المناطق المختارة، في أسرع وقت وبأدق النتائج.
وأخيراً وليس أخراً، فإن نظم المعلومات الجغرافية لها دورا كبيرا في تحقيق الكثير من أهداف التنمية المستدامة، وليس فقط هدف الطاقة المتجددة، وذلك من خلال توفير البيانات والمعلومات والرؤى القيمة التي تمكن من اتخاذ قرارات أفضل، بدءاً من رسم خرائط تتعلق بالمناطق الفقيرة والتي تعاني من عدم المساواة إلى مراقبة تغير المناخ، مثل تحديد المناطق التي تكون فيها درجات الحرارة مرتفعة أو غير منتظمة بشكل غير عادي مقارنة بالمتوسط العالمي، وتحديد عمليات الغلاف الجوي الطبيعية التي تؤثر على ظاهرة الاحتباس الحراري، وكذلك تطوير نماذج لتوضيح كيف يمكن أن يؤثر ارتفاع درجة حرارة المناخ على البيئة في المناطق المختلفة.
ولذلك، فإن نظم المعلومات الجغرافية تُعد أداة قيمة لقياس التقدم وضمان تحقيق الكثير من أهداف التنمية المستدامة بفاعلية أكبر، في أنحاء العالم.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال