الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
الثروات المعدنية هبة من الله فعلينا أن نتعامل معها بالشكل الصحيح عند الاستكشاف والاستخراج والتعدين حتى لا تكون نقمة على الأرض ومن يعيش عليها. يٌعد قطاع التعدين الركيزة الثالثة للصناعة الوطنية لذلك تم إطلاق خطة تحول مخصصة لهذا القطاع محدد فيه مرتكزاته ومستهدفة والجهات الشريكة في منظومته. ومن أهم التحولات التي حدثت في قطاع التعدين والمناجم اعتماد اللائحة التنفيذية لنظام الاستثمار التعديني والذي يهدف إلى تعزيز المسؤولية والشفافية والكفاءة والفعالية والاستجابة السريعة أثناء عمليات الأنشطة التعدينية، وضمان الأثر الاقتصادي والاجتماعي والبيئي وتحقيق استدامتها.
وعبر رحلة التحول هذه تم طرح 11 منافسة تعدينية للاستثمار في هذا القطاع الواعد، كما تم إصدار أكثر من 1330 رخصة تعدينية بعد أن قدم أصحابها دراسات الأثر البيئي والاجتماعي وخطة لإعادة تأهيل الموقع والإغلاق لكل مشروع مستهدف، بناء على المتطلب الذي حدده نظام الاستثمار التعديني ولائحته التنفيذية بأن تٌمنح رخص التعدين بمختلف أنواعها للجهات المستثمرة بعد أن يتم تقديم دراسة مفصلة للأثر البيئي والاجتماعي من قبلهم، وأن تلتزم بموجبها باتخاذ جميع الأساليب والاحتياطات اللازمة للحفاظ على البيئة وصحة وسلامة العاملين والمجتمعات المحيطة.
فعندما يتعلق الامر بـ التنقيب والاستكشاف والاستخراج والإنتاج وبناء المناجم، بما في ذلك وجود المخلفات المعدنية الناتجة من التعدين، فإن الأمر يتعلق بتغيرات بيئية واجتماعية تؤثر بحياة الإنسان الذي يعيش فيها أو حولها، ومن المحتمل ايضاً أن تؤثر جميع هذه الأنشطة التعدينية المختلفة على النظم البيئية وعلى المسطحات المائية، المناظر الطبيعية، الغطاء النباتي وتدهور الأراضي والتربة، وبالتالي الإضرار بالحياة الفطرية والبشرية.
لذلك وجب حماية البيئة ومن يعيش عليها من هذه المخاطر المحتملة من قبل الحكومات والمنظمات المختصة في أنحاء العالم من أجل تفادي الآثار الضارة وتعزيز الآثار الايجابية في حماية كوكب الأرض بما يتوافق مع المقاييس العالمية البيئية والاجتماعية لمشاريع التعدين. ولذلك تم وضع معايير الالتزام البيئي والاجتماعي من ضمن الاشتراطات الاساسية للتقديم والحصول على رخصة المزاولة و الاستثمار التعديني في المملكة، والذي يعد استمراراً للجهود الوطنية في المحافظة على التوازن البيئي ودعم لمسيرة المشاريع الخضراء المحلية والعالمية.
تعتبر الشركة السعودية لخدمات التعدين (إسناد) الجهة المعنية في إصدار التراخيص، الرقابة وجذب الاستثمارات المحلية والعالمية والتي تم تأسيسها عام 2020 تحت إشراف وزارة الصناعة والثروة المعدنية، بغرض تقديم خدمات لقطاع التعدين في المجالات الثلاث المحددة.
التقييم البيئي في دراسة الأثر في مشاريع التعدين يعد من الأولويات لأن تأثيره يصل الى حياة الإنسان ويلامس تنميته الاجتماعية لذلك فإن عملية التقييم البيئي هي عملية منظمة لكشف الآثار والعواقب البيئية الضارة والايجابية لخطط التنمية التعدينية المباشرة وغير المباشرة الآنية والمستقبلية ولذا فأن عملية التقييم البيئي تمر بعدة خطوات رئيسية أولها تحليل عناصر المشروع البيئية وأنشطته المختلفة ثم تحديد الأثر البيئي للمشروع واقتراح عدد من الحلول للمخاطر المتوقعة والتدخلات الالزامية على جميع التأثيرات السلبية المختلفة عند استخدام مواد كيميائية سامة، الاستخدام المكثف للمياه التي يعاد تصريفها بكل ما تحتويه من ملوثات، بالإضافة إلى عمليات الإزالة والحفر التي تؤثر على التنوع البيولوجي والمحميات القريبة.
ثم تغلق حلقة علمية التقييم مع تحديد وقت التدخل وتحديد المعنيين في تنفيذ التدخلات المستهدفة. تقرير الاثر البيئي هو عبارة عن تقرير بحثي لابد أن يٌجيب على العديد من المواضيع ومنها موضوع التأثيرات البيئية للتلوث الهواء وعن مدى خطورة انبعاث الملوثات، موضوع نوعية المياه ومدى ضرر وتلوث النظام الهيدرولوجي والمسطحات المائية القريبة، موضوع نوعية الضجيج المحتمل من المعدات والنقليات والانشطة المصاحبة ومدى تأثير الضجيج ومسافة تأثيره، موضوع النفايات الصلبة وأنواعها وأضرارها وإدارة تدويرها وإعادة استعمالها، موضوع الأثر البيئي على النباتات الطبيعية والحياة البرية وتحديد ماذا سوف يؤدي النشاط التعديني على التنوع الحيوي ونمو الأشجار، موضوع الأثر البيئي على الطاقة والموارد الطبيعية وهل يترتب على المشروع استعمال موارد طاقة غير متجددة أو يؤثر في إنتاج الطاقة الكهربائية أو نقلها أو استعماله، موضوع الأخطار البيئية والجيولوجية إذ ستؤثر على نوعية التربة وإمكانية التعرض لانهيارات وتشكيل صدوع وتعرية وعدم استقرار للمنحدرات.
بالإضافة إلى الإجابة على موضوع الأثر جراء استعمال الأراضي ومدى تأثيرها على التنزه في المتنزهات والمناطق الطبيعية والمواقع الأثرية والتاريخية وغيرها من الآثار المحتملة على البيئة بكل مكوناتها عند استخدام أي معدات أو أدوات أو مواد خلال النشاط التعديني.
في المقال السابق تطرقنا عن مفهوم تقييم الأثر البيئي والاجتماعي بشكل عام، تأثيرها على المشاريع التعدينية وفي هذا المقال سردنا الاعتبارات التي يجب أخذها بالاعتبار في الجانب البيئي وفي المقال القادم إن شاء الله نستكمل الحديث عن الاعتبارات الاجتماعية ضمن تقييم الأثر البيئي والاجتماعي. حتى ذلك الوقت دمتم بسعادة ودامت بيئاتنا ومجتمعاتنا بخير وازدهار.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال