الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
كما نعلم، الحديث عن الحوكمة الفعالة هو حديث ذو شجون. وليس ما نراه على الورق يعني تطبيقه على أرض الواقع. شركة Sport Direct. سبورت دايركت هي شركة بريطانية تأسست في عام ١٩٨٢، وتعتبر أكبر شركة تجزئة السلع الرياضية في بريطانيا. الشركة مرت بأزمات كثيرة، هذه الأزمات سببها ضعف تطبيق الحوكمة. و لنلاحظ، ليس عدم وجود قواعد للحوكمة، بل على العكس يوجد لديها قواعد للحوكمة، كما أن المستثمرين قدموا مبالغ كبيرة من أجل دعم حوكمة هذه الشركة. ولكن ادائها بعيدا كل البعد عن الحوكمة، لدرجة انه تم وصفها من قبل المحللين وكذلك المستثمرين، بأنها عار على الحوكمة علما وتطبيقا.
من ضمن المشكلات التي عانتها التأخر في دفع رواتب الموظفين، ليس بسبب ضعف في الإيرادات ولكن بسبب سوء الادارة. كذلك استحوذت على شركات اخرى، ولكنها معظم قراراتها غير مبنية على دراسة واضحة للقرار ولا على تقييم لمخاطر القرار على المدى القريب و البعيد. من الفضائح التي حصلت لها ايضا والتي تدل أن القرارات التي يتم اتخاذها ليست مبنية على معايير وأسس من تقييم للمخاطر وتدقيق، حصولها على فاتورة الضريبة المضافة لأعمالها في الاتحاد الأوروبي والتي بلغت قيمتها بما يتجاوز ٦٧٠ مليون يورو، وكانت حالة الدفع، ولم يكن لديها علم باستحقاق هذا المبلغ. والسبب كان ضعف الحوكمة من حيث سوء الأداء. هذه الشركة على حسب رأي المتخصصين، انها يمكن ان تكون أضخم شركة لتجارة تجزئة السلع الرياضية في العالم، لو انها تطبق الحوكمة بشكل فعلي، بدلا من التزامها فقط باستكمال متطلبات الحوكمة التي يطلبها سوق المال البريطاني.
ومن هنا، لابد من إلقاء الضوء على معضلة حقيقية نواجهها اليوم في مؤسساتنا سواء كانت في القطاع العام او الخاص او غير الربحي. نجد ان الحديث عن الحوكمة هو أمر منتشر بين المتخصصين او المتضررين من عدم وجودها او ضعف تطبيقها. ولكن، لو نلاحظ مثلا، الشركات خصوصا اذا كانت شركة مساهمة، لديها لوائح للحوكمة والالتزام وتقييم المخاطر، وهي متطلب أساسي ملزمة فيه الشركات المساهمة لحماية حقوق المساهمين. ولكن عند التطبيق العملي، وتحليل أداء الشركات المدرجة في سوق الأسهم نجد أن هناك شركات لديها لوائح حوكمة، بعضها جيد وبعضها ممتاز، وفي المقابل اداء الشركة ليس بالمرضي، وقد تحقق خسائر كبيرة ايضا. والسبب في كثير من الاحيان هو سوء الادارة.
كذلك ماتم إعلانه مؤخرا عن نتائج حوكمة نوادي كرة القدم السعودية، فنجد ان هناك نوادي حققت معايير الحوكمة ورقيا، لدرجة استحقاقها الدعم من وزارة الرياضة. وفي المقابل، عند تقييم أداء هذه النوادي، نجد ان ادائها ضعيف، فلا نجد ان هناك تقييم فعلي للمخاطر، ولا متابعة للالتزام، ولا موارد دخل جيدة، وقد تكون أيضا مفروض عليها عقوبات. ولكنها ورقيا تعتبر انها تملك اعلى المعايير لادارة عملها بشكل ينعكس على قوة النادي ماديا ومهنيا وجماهيريا. اما واقعيا، فهي هزيلة ضعيفة وقد تكون في مؤخرة قائمة النوادي.
يقال إن سلم النجاح يبدأ بخطوة. واعتقد ان الاهتمام بوجود الحوكمة في المؤسسات بكافة أشكالها هي أول خطوات النجاح والتميز في تقوية بناء المؤسسة. ولكن، يجب ان لا تتوقف خطوات النجاح عند الحوكمة الورقية. باعتقادي أن الجهات المشرفة والمشرعة على الشركات والمؤسسات ذات العلاقة بنشاط الجهة، يجب أن يكون لديها نظام يهتم لاستيفاء معايير الحوكمة الورقية، وهو الموجود الآن. ولكن الذي نعاني من ضعف في وجودة هو استحداث نظام يضع معايير تطبيق الحوكمة الورقية على أرض الواقع، والمحاسبة في حالة التراخي في عدم تطبيقها. فالحوكمة ليست مصطلح نطلقه من أجل التباهي به، وإنما هو مبدأ عملي لادارة المجتمع المؤسسي بأعلى كفاءة ممكنة.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال