الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
بداية تعد القراءة الشمولية للبيانات من اهم الاركان الاساسية في التحليل الاقتصادي وهو ما يغفله الكثير ممن ينظر الى جزئية معينة من تلك البيانات مما يعد قصوراً في فهم هذه الفلسفة او عجزا في فهم الرؤية الشمولية .. لذلك أتت نتائج الربع الاول للميزانية انطلاقاً من مبادئ الشفافية والافصاح التي تنتهجها وزارة المالية شاملة كافة مكونات الأداء والتي بدورها تُكسب التحليل الاقتصادي الواقعية والمصداقية الشاملة عند إذْ ..
في هذا المقال سوف اتحدث في شكل نقاط عن هذه النتائج:
• ارتفع إجمالي الإيرادات حتى الربع الأول من العام الحالي بحوالي 1% (3.0 مليار ريال) مقارنة بالفترة المماثلة من العام السابق. ( وهو ما يؤشر الى استمرار التطوير في الموارد الاقتصادية ومصادر الدخل المتنوعة وتحفيز تلك الممكنات وصولا الى اقتصاد متنوع قائم على توظيف الموارد توظيفا مثاليا وخلق الفرص المتاحة لتكون احد اهم الركائز في الاقتصاد الكلي ولا يزال هناك الكثير من الموارد الجديدة والتي من المتوقع ان تنعكس مخرجاتها خلال هذا العام والاعوام القادمة ).
• ارتفعت الإيرادات غير النفطية بحوالي 9% (8.1 مليار ريال)، بينما انخفضت الإيرادات النفطية بنسبة 3% (5.1 مليار ريال)، ( ويعود ذلك إلى انخفاض أسعار النفط ، حيث بلغ متوسط أسعار خام برنت خلال الربع الأول من العام الحالي حوالي 81.1 دولار/البرميل مقارنة بحوالي 100.9 دولار/البرميل للفترة المماثلة من العام السابق . ( واستكمالا لمنهجية المملكة في الاستناد على برامج ومبادرات التنمية وتعزيز الإيرادات غيرا لنفطية يمكن القول بأن هذه النتائج أدت الى استمرار النمو المستدام وتحقيق القيمة المضافة المطلوبة من آثار الإصلاحات الهيكلية ضمن رؤية المملكة 2030. وبشكل عام فإن الإيرادات المحققة خلال الربع الأول تمثل حوالي 25% من إجمالي المتوقع للسنة المالية بالرغم من التحديات الاقتصادية التي يشهدها العالم ) .
• ارتفع إجمالي النفقات بمقدار 29% (63.4 مليار ريال) مقارنة بالفترة المماثلة من العام السابق، حيث ارتفع الصرف على النفقات التشغيلية بمقدار 25% (52.2 مليار ريال)، وكذلك ارتفع الصرف على النفقات الرأسمالية بنسبة 75% (11.1 مليار ريال)، إذ بلغ المنصرف خلال الربع الأول حوالي 25% من إجمالي الميزانية المقدرة، ( لطالما شكّل الانفاق الرأسمالي مؤشرا مهما على حجم الاستثمار والإنفاق على الأصول والتي بدورها تحقق العديد من العوائد الحالية والمستقبلية فضلا عن استدامتها وتدفقها المتواصل بما يحقق الحراك الاقتصادي والنمو المتواصل في كافة الأنشطة الاقتصادية ومن هنا فإن هذا التحسن يعود الى التحسن في آلية التخطيط المالي وتطوير آليات سداد المستحقات المالية للقطاع الخاص، بما يضمن السداد بشكل متوازن خلال السنة المالية، وعدم تركز النفقات في الربع الأخير من السنة المالية وبناء عليه يُعد الإنفاق الرأسمالي، هو المحرك الرئيسي والمؤثر الأهم في النمو الاقتصادي والإنفاق على المشاريع، قد صعد 75% مسجلا 26 مليار ريال مقابل 14.8 مليار ريال للفترة ذاتها من 2022 ) .
• حقق الأداء الفعلي للربع الأول من العام 2023م عجزا بحوالي (2.9 مليار ريال)، ( وهو امر طبيعي عطفا على الفترة الزمنية للربع الأول وثبات ودقة تدفق النفقات وزيادة مستويات الصرف لتحقيق بعض المستهدفات ضمن خطة مالية دقيقة فهناك حاليا الكثير من المشاريع الضخمة والمبادرات الاقتصادية التي تتطلب مستويات صرف سيكون عائدها في المستقبل عاليا وعليه يأتي هذا العجز الطفيف نتيجة ارتفاع الإيرادات بمعدل أقل من معدل ارتفاع المصروفات، حيث ارتفعت الإيرادات 1%، مقابل 29% ارتفاعا في المصروفات، مع استمرار السياسة المالية التوسعية بالرغم من تراجع أسعار النفط مقارنة بالفترة المماثلة من العام السابق والجدير بالذكر وبأنه وفقا الى بيان وزارة المالية فإن ما يخص العجز فقد تم تمويله بشكل كامل من الدين الخارجي فقط، دون السحب من الاحتياطي. ولا يعد هذا المستوى من العجز مقلقا في ظل المركز المالي القوي للمالية العامة، لذا هناك قدرة كبيرة على الاستمرار في السياسة المالية التوسعية مستقبلا والنظر في تسريعا لمشاريع ذات العائد الاقتصادي والأثر الاجتماعي والسعي لتحقيق مستهدفات الرؤية.
• إن الأداء الفعلي خلال الربع الأول يُظهر أن المالية العامة تسير في مسار جيد من تحقيق مستهدفاتها ضمن برنامج الاستدامة المالية ، وهذا ما عكسته المؤشرات المالية من استمرار ارتفاع الإيرادات غير النفطية نتيجة الانتعاش الاقتصادي، وكذلك مستويات مطمئنة من الاحتياطيات المالية.
يشير حجم الدين العام الى الانخفاض مقارنة بدول مجموعة العشرين، وهو ما يشير الى النجاح الكبير على مستوى الإصلاحات من جهة ومن جهة أخرى سداد هذا الدين مما سيسريع بعض المشاريع والبرامج المرتبطة بأهداف اقتصادية واجتماعية في ظل المساحة المالية المتاحة بغض النظر عن تحقيق فائض أو عجز وتعزيز مستويات الاحتياطيات الحكومية.
• وفي الوقت الذي انخفضت فيه الإيرادات النفطية بشكل طفيف، نجحت برامج رؤية المملكة 2030 الداعمة للقطاع غير النفطي وتنويع مصادر الدخل والذي لعب فيه دورا بارزا في رفع الإيرادات غير النفطية في الربع الأول 2023م بنسبة 9% مسجلة 102.3 مليار ريال مقابل94.3 مليار ريال للفترة ذاتها من 2022م وعليه فقد حققت الأنشطة غير النفطي نمو بنسبة 5.8% في الربع الأول من العام 2023م، من خلال التركيز عليها واستهداف أن تكون قاطرة الاقتصاد المحلي وأن ترتفع مساهمة القطاع غير النفطي في الناتج المحلي إلى 65% بحلول 2030.
• عكست المصروفات البعد الاجتماعي في الإنفاق الحكومي، حيث ارتفعت مصروفات المنافع الاجتماعية بنسبة 52% لتصل إلى 19.2 مليار ريال مقابل 12.7 مليار ريال للفترة ذاتها من 2022م.
• ارتفاع المصروفات للربع الأول لعام 2023م مقارنةً بالفترة المماثلة من العام 2022م ويشير إلى تنامي الإنفاق على الخدمات الحكومية المقدمة للمواطنين والمقيمين، وتطوير البنية التحتية، وتحسين برامج الحماية الاجتماعية، وبرامج تحقيق الرؤية الأخرى مثل: جودة الحياة، وخدمة ضيوف الرحمن، وبرنامج تنمية القدرات البشرية والابتعاث، والمشاريع والمبادرات الكبرى مثل: السعودية الخضراء، كذلك المضي قدماً في زيادة التنوع الاقتصادي والاستفادة من الفرص المتاحة للتعجيل بتنفيذ البرامج والمشاريع ذات العائد الاقتصادي والأثر الاجتماعي والسعي لتحقيق مستهدفات الرؤية..
• ارتفع الإنفاق على قطاع التعليم في الربع الأول 2023 بنسبة 14% ليبلغ 52.1 مليار ريال، كما ارتفع المنصرف الفعلي على قطاع الصحة والتنمية الاجتماعية 31% إلى 49.6 مليار ريال، في إشارة أخرى على اهتمام الدولة بالبعد الاجتماعي كأولوية، وتحسين مستوى تعليم وصحة المواطنين.
• على الرغم من ارتفاع المصروفات عن الفترة ذاتها من العام 2022، إلا أنها تظهر انضباطا ماليا كبيراً، حيث تتوافق إلى حد كبير مع المصروفات المدرجة في ميزانية المعتمدة للعام المالي 2023م. كما تمت الاستفادة أيضا الفـرص المتاحـة خلال العـام السابق 2022م وتوظيفها لخفـض احتياجـات التمويـل لعـام 2023م مـن خلال تنفيـذ عمليـات تمويليـة مسـبقة ، حيـث تسـاهم تلـك العمليـات فـي خفـض مخاطـر إعـادة التمويـل علـى محفظـة الديـن فـي ظـل تقلبـات الأسواق وفق ما ذكرته وزارة المالية .
مجمل القول : تشهد السياسات المالية وإدارة الميزانية العامة والدين العام انضباطا عالي الدقة والتنفيذ يقابلها العديد من الإصلاحات المتواصلة وتوظيف كافة الممكنات المتاحة ومن المتوقع ان نشهد في نهاية العام أرقاما قريبة من توقعات موازنة 2023 التي سبق إعلانها ومع هذا النجاح الغير مسبوق هناك نجاحات أخرى كبيرة على مستوى كافة القطاعات الاقتصادية ولعل المؤشرات التي أعلنتها المنظمات الرسمية خير دليل على استمرار النمو والتطور الذي تشهده بلادنا الغالية .
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال