الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
قبل مايقارب 3 أشهر، عُرض فلم في السينما اسمه Megan، تدور أحداثه حول عالمة تبتكر دمية على شكل طفلة تبلغ من العمر 7 سنوات تحاكي الإنسان، ومهمتها تمضية الوقت مع الطفل من خلال اللعب والحديث والمساعدة والاهتمام.
بالطبع، كانت مدخلات المعلومات في الدمية في بدايتها بسيطة و متمحورة حول حب الطفلة ورعايتها والاهتمام بها، ولكنها تتعلم يوما بعد يوم من خلال برمجة جميع التصرفات التي تمر من حولها، تصرفات جيدة او سيئة، مع الوقت اصبحت اللعبة تنافس الاهل في تربية الطفل، بل على العكس، أصبح الطفل لا يستطيع التخلي عن هذه الدمية اذ انها تلبي احتياجاته النفسية والعاطفية والتعليمية ..الخ.
مع الوقت أصبحت الدمية عبارة عن وحش حيث انها مبرمجة على حماية الطفلة، وبالتالي تقوم بالدفاع عن الطفلة بأي شكل من الأشكال حتى لو استدعى الموضوع القتل.
الفلم فكرته خياليه ولكنها تعبر عن مخاوف حول مستقبل الذكاء الصناعي وأثره على صحة وحياة الإنسان.
والان تعج المواقع بالترويج عن ChatGPT، حيث يستطيع خوض محادثات مع المستخدمين، ويقدم لهم الحلول حول ما يسألونه، وربما حتى يتحاور معهم ويتجاذب اطراف الحديث مثلما حدث عندما أطلقته السناب شات. كل هذه النتائج هي عبارة عن جهد يقارب في حدود 60 سنة من الأبحاث والدراسات النظرية والتطبيقية، ولا زال الأمر في بدايته، فالذكاء الصناعي مستمر في التطور ليصل لمراحل لا أستطيع تخمينها.
في المقابل، التفت المهتمين والعاملين في السياسة والقانون لتداعيات الذكاء الصناعي قبل ٥ سنوات فقط. فلا نجد قوانين تحكم هذا العلم ولا تسيطر على النتائج التي قد تحدث جراء استخدام هذه التقنيات. ومن هنا ايضا يثور جدل بين مختصي التقنية وبين مختصي السياسة والقانون، قمن يعمل في مجال التقنية يرفض فكرة وضع التشريعات بحجة أنه يقيد تطور هذه التقنيات ويجدون أن القوانين تعيق التطور في هذا المجال، في حين أن متخصصي السياسة والقانون يرون ضرورة البدء في عمل قوانين حيث لا يتم اساءة استخدام هذه التقنيات بشكل قد يجعل حياة الإنسان والدول صعبة.
من أهم التحديات التي تواجه المشرعين في مجال الذكاء الصناعي هو المحافظة على خصوصية المعلومات. فكما نعلم، برامج محادثة الذكاء الصناعي تتعامل مع البشر، وتدرس اهتماماتهم، رغباتهم، مخاوفهم، أعمالهم، وهذه كلها معلومات يتم تخزينها قديما استخدامها لأغراض سياسية. كذلك، هناك انتهاكات الان لقوانين الملكية الفكرية من خلال تطبيق الذكاء الصناعي التوليدي من خلال اقتباس صور ورسمات وتصاميم من فنانين و مهندسين ، وبرمجتها في برامج الذكاء الصناعي واستخدامها لخدمة المستخدمين.
مثلا، في بداية سنة 2023م، تم رفع دعوى على كلا من شركة Midjourney وشركة Stability AI ، بسبب انتهاكها حقوق ملايين الفنانين من خلال تدريب أدواتهم على الصور المقتبسة من الويب من دون إذن أصحابها. حيث أن هذه التقنية تتيح للمستخدمين إدخال المواصفات التي ترد الى اذهانهم، وتقوم هذه التقنية باستخدام الصور في الويب وتمويهها الى ان تجمع المواصفات التي أدخلها المستخدم.
وهذه اشكالية ليست بسهله، حيث ان كثير من شركات الذكاء الصناعي غير قادرة على تحمل التكاليف القانونية لمثل هذه الدعاوى، كما أن عجز المطورين على تدريب آلاتهم على نماذج متاحة مجانيا بشكل قانوني، سيؤدي لامحالة الى اعاقة صناعة الذكاء الصناعي و تطويره. وبالتالي تجاهل فكرة اخضاع الذكاء الصناعي للقانون لا يعني سوى اعاقته.
ويجدر بالقول، ان الاتحاد الاوروبي والولايات المتحدة الأمريكية، هم أول من بدأ في دراسة الوضع القانوني للذكاء الصناعي، ولكن لا يوجد خارطة طريق واضحة للتعامل مع وضع قوانين مستقلة تخص هذه التقنية. فكما ذكرت في بداية المقال، الأبحاث على تطوير الذكاء الصناعي أكبر عمرا بكثير من عمر بدء الاهتمام بالنظر الى الجوانب القانونية في هذا الجانب. ولا يوجد الان سوى بعض الأدلة الاسترشادية لحماية الانسان و الدولة من اساءة استخدام الذكاء الصناعي.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال