الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
على الرغم من جهود البنوك المركزية في مختلف مناطق العالم لترويض التضخم، إلى أن العالم ما زال يشهد العديد من التقلبات والتحديات الاقتصادية و التي تخيم عليها زيادة المخاوف من استمرار الركود الاقتصادي العالمي وارتفاع أسعار الفائدة إلى مستويات جديدة وغير مسبوقة. ومع استمرار التوترات الجيوسياسية وتحديات سلاسل التوريد ورفع سقف الدين العام، بالإضافة إلى تشديد الرقابة التنظيمية على العديد من القطاعات، ولاسيما القطاع المصرفي وذلك بعد أزمة المصارف الأمريكية في الربع الأول من العام الحالي والتي امتدت إلى أوروبا، وهو ما ينذر عن حدوث أزمة ائتمان عالمية.
مع تلك التقلبات، لم تبق أسواق الاندماج والاستحواذ في منأى عما يحدث، فلا تزال هي أيضا تواجه تحديات وصعوبات كثيرة في أنشطتها، ما نتج عنه من تأخير في إتمام الصفقات أو حتى الإعلان عن صفقات جديدة محتملة، يُرجع ذلك جزئيًا إلى ارتفاع تكلفة تمويل الصفقات وتغيرات في التقييمات وزيادة مخاطر الاستثمار. وهذا ما أكده تقرير شركة بيتش بوك PitchBook حول أداء أسواق الاندماج والاستحواذ العالمية في الربع الأول من العام الحالي. وقد أشار التقرير إلى أن حجم الصفقات بلغ 6,838 صفقة بقيمة تبلغ 757.6 مليار دولار، مما يمثل أدنى مستوى لربع أول وثاني أدنى مستوى ربعي منذ عام 2015.
وعلى الرغم من أن نتائج الربع الأول لم تكن مرضية بالنسبة لصانعي صفقات الاندماج والاستحواذ، إلا أنه من المتوقع أن يشهد النصف الثاني من هذا العام ارتفاعا في نشاط الصفقات، يُعزز هذا الارتفاع بفعل هبوط التقييمات واستفادة الشركات والصناديق الاستثمارية من مستويات رأس المال العالية التي تمتلكها لتوجيهها نحو الصفقات الصغيرة والمتوسطة الحجم والعابرة الحدود، بهدف تحسين القدرات وتعزيز الكفاءات التشغيلية والمزايا التنافسية وتعظيم الأرباح على المدى البعيد.
تاريخيًا، تتباطأ صفقات الاندماج والاستحواذ خلال فترات التقلبات الاقتصادية وانتشار حالة عدم اليقين، ومع ذلك، تعد هذه الفترات فرصة للمستثمرين ذو السيولة النقدية العالية نحو قنص الفرص وصناعة الثروات، إذ ينخفض سعر الأصول الاستثمارية خلال هذه الفترات وتصبح التقييمات أكثر جاذبية، مما يعزز إبرام الصفقات. إلا ان ذلك يتطلب مزيدا من الوقت لصانعي السوق لإتمام إجراء التقييمات الشاملة والأخذ بتدابير العناية الواجبة (Due Diligence) للمشهدين التنظيمي والسوقي المتقلبين.
وفي إطار النمو المتسارع في اقتصاديات المنطقة العربية، من المتوقع أن يستمر نشاط الاندماج والاستحواذ في النمو بوتيرة ثابت، وذلك نتيجة إقبال الشركات والصناديق على الاستفادة من التقييمات المنخفضة والأصول المتعثرة. وقد تستهدف تلك الصفقات تقليل المخاطر المحتملة ولتعزيز النمو وزيادة الحصة السوقية في عدة قطاعات اقتصادية وتنموية رئيسة.
وعلى صعيد الشأن السعودي، تؤكد الإصلاحات الاقتصادية والتشريعية، والتحسينات في العمليات التنظيمية، والانفتاح على الاستثمار الأجنبي المباشر، وتوحيد المصالح والتعاون مع الدول الأخرى عبر اتفاقيات استثمارية، بأن لها تأثيراً كبيراً في انتعاش صفقات الاندماج والاستحواذ والتحالفات، ونحو آفاق جديدة تعزز مكانة المملكة العربية السعودية كمركز واعد وجذاب للمستثمرين وصناع الصفقات العابرة للحدود. كما له الأثر في النمو الاقتصادي الكلي وستحفز القطاع الخاص من التوسع محليًا وإقليميًا ودوليًا، وبالدخول إلى قطاعات جديدة واعدة على نطاق واسع، مثل قطاعات التكنولوجيا والإعلام والاتصالات والسياحة والترفيه والرياضة والرعاية الصحية والبنية التحتية، وستمهد هذه الإصلاحات الطرق نحو اقتصاد وطني مرن ومتنوع ومستدام، محقق بذلك إحدى ركائز رؤية السعودية 2030.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال