التحدي القادم لشركات التقنية المالية

نعيش اليوم ثورة شركات التقنية المالية (أو ما يعرف اختصاراً بالفنتك Fintech) والتي أضحت جزء هاماً من منظومة القطاع المالي في العديد من البلدان ومنها المملكة، حيث تعود بداية هذه الثورة الى أوائل العقد السابق الذي شهد تأسيس أول شركة من هذا النوع وتعتبر شركتي بي بال paypal الأمريكية ومجموعة آنت Ant Group الصينية من أبرز هذه الشركات ، أما على الصعيد المحلي فهناك عدة شركات ولكن تعتبر شركة STC pay الأبرز بينهم.

واليوم ورغم أن هناك العديد من شركات الفنتك المدرجة في بورصات التداول العالمية إلا أنها مازالت تواجه تحديات في الوصول إلى الربحية فعلى سبيل المثال شركة روبين هود (Robinhood) المتخصصة في تقديم الخدمات المالية للأفراد والتي طرحت أسهمها للاكتتاب عام ٢٠٢١ بسعر ٣٨ دولار للسهم الواحد يتم حالياً تداول أسهمها بخسارة تصل إلى اكثر من ٧٠ بالمئة مما اضطر الشركة لاتخاذ مجموعة من التدابير التقشفية للحد من الخسائر ومحاولة الوصول لحالة التعادل المالي حيث تتضمن هذه التدابير تخفيض النفقات بجانب تسريح ٢٣٪ من القوى العاملة، كما نجد أن نفس الأمر يتكرر مع شركة أفيرم (Affirm) المتخصصة في خدمات الدفع المؤجل (Buy Now and Pay Later) التي اضطرت تحت ضغط الخسائر إلى تسريح ما يقارب 19% من قواها العاملة.

ويعزى بعض الخبراء أسباب تعثر كثير من شركات الفنتك كروبين هود وأفيرم إلى تركيزها على محاولة النمو بشكل سريع ورفع التقييم المالي بجانب تأجيل مسألة الربحية لحين تحقيق الأهداف الرئيسية الأمر الذي أدى لاحقاً إلى تكبدها خسائر فادحة خاصة مع التغيرات الاقتصادية العالمية كرفع سعر الفائدة، إضافة إلى ما سبق فإن نموذج عمل بعض هذه الشركات لا يتناسب مع آلية العمل الآنفة.

من أجل الوصول للتعادل المالي ومن ثم تحقيق الربحية فإنه ينبغي على هذه الشركات التركيز على جميع العوامل دون تأجيل او إهمال أحدها، إلى جانب ذلك فإن تطوير المنتجات مع الأخذ في الاعتبار العوامل الأخرى المؤثرة كمواصفات المنتج وتكلفته وجودة الخدمة سيساهم بشكل إيجابي وفعال في تحسين أعمال الشركة و يمنحها ميزة أمام باقي الشركات خاصة ظل في سوق يموج بالمنافسة الشرسة وعالم يعيش تقلبات اقتصادية وسياسية.