الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
لا تزال أزمة التضخم تلقي بظلالها على الاقتصاد العالمي بالرغم من محاولات الفيدرالي المستميتة لتبريد التضخم عند المستويات المستهدفة، شهدت الفترة الماضية استقراراً ملموساً في عدم حدوث ازمات مالية مصاحبة لكن من المؤكد ان المخاطر لاتزال قائمة نسبياً حالما لم يكن هناك أي اجراءات استباقية سواء كانت على صعيد السياسات النقدية او المالية او الاجراءات التنظيمية .
وعلى صعيد النمو الاقتصادي ( الضحية ) يبدو ان المسألة هنا متفاوتة لكنها في المجمل لم تصل الى المستويات الآمنة وهذا امر طبيعي عكسته فعليا سياسات رفع معدلات الفائدة التي بدورها قوضت الحراك الاقتصادي ولم تحن الفرصة بعد لتحفيز الطلب المكبوت والتوظيف الكامل لعناصر الإنتاج فعنصر العمل اذا ارتبط بمعدلات غير مقبولة للبطالة مع التضخم فهذا يعني اننا بحاجة ماسة الى علاج مشكلتين بدلا من مشكلة واحدة ،بيد انه في المقابل يلوح في الأفق انفراجة على صعيد النمو الاقتصادي حيث تشير البيانات التي نشرت الاسبوع الماضي ان اقتصاد الولايات المتحدة قد نما بأكثر من المتوقع خلال الربع الثالث ليسجل أول ارتفاع له في عام 2022.
ذلك الارتفاع يشير إلى تعافٍ قوي بعد ستة أشهر من الانكماش، رغم أنه لا تزال هناك مخاوف بشأن تعرض البلاد لخطر الركود ، وصاحب ذلك ارتفاع القراءة التقديرية للناتج المحلي الإجمالي بنسبة 2.6% خلال الأشهر الثلاثة المنتهية في سبتمبر، بأعلى من التوقعات البالغة 2.4%، وهو أول نمو بعد ربعيين متتاليين من الانكماش ، كما ارتفع مؤشر الاستهلاك الشخصي -الذي يمثل الجزء الأكبر من الاقتصاد- بنسبة 1.4% خلال الربع الثالث، بأعلى من التوقعات البالغة 1%، لكنه لا يزال أقل من الربع السابق ، وعلى صعيد السلع المُعمرة لايزال التفاوت مشوباً بحذر وخاصة في قطاع صناعة السيارات التي شهدت تباطؤ كبير أضاف لجراح التضخم إشكالات اشباه المواصلات وسلاسل الامداد ونتيجة ذلك استمرار الصراع الحربي بين روسيا وأوكرانيا مما رفع أسعار السيارات بشكل كبير.
خلال حديثه الأسبوع المنصرم لم يشير رئيس المجلس الاحتياطي الفيدرالي جيروم بأول الى ما يبعث الى أي انفراجة ممكنة او إشارات مقتضبة عن السياسات الخاصة بسعر الفائدة في قادم الأيام وخاصة في اجتماع الشهر القادم مما يعني ان معدلات التضخم لا تزال بعيدة عن المعدل المستهدف 2% وأيضا هذا يعني ان الاستمرار برفع أسعار الفائدة وارداً وهذا يعني أيضا المعالجة في اتجاه آخر وبشكل قوي وهو تحقيق معدلات مرتفعة في جانب التوظيف لسوق العمل لتحقيق مكتسبات مهمة في جانب قوة الطلب وهو ما يعني أيضا العمل على تخفيض تكاليف الأجور عند مستويات عادلة حيث تشير البيانات الى ارتفاع الأجور في شهر أبريل الماضي الى 4.4 % مقارنة بالعام الماضي.
من هنا فإن الأمر وفي هذا المنعطف الاقتصادي الهام الذي يشير الى استمرار معدلات التضخم ومعالجتها برفع أسعار الفائدة فإن الأسواق المالية والشركات التقنية والشركات الكبرى لاتزال تتمتع بحالة مطمئنة حتى هذه اللحظة حيث تواصل ارتفاعها ونموها وتعمل بمنأى عن مخاوف السقوط في براثن الركود او تباطؤ النمو ومن المتوقع تقويض التضخم مع نهاية هذا العام 2023 وأيضا عودة وتيرة النمو الاقتصادي مع حلول فاعلة على مستويات العمليات الإنتاجية من المنشأ الى المستهلك مع أهمية ان يصاحب ذلك فرص تعزز الاستقرار العالمي وتُحفز الطلب الكلي.
مجمل القول: عندما يُصر الفيدرالي على الاستمرار بهذه السياسات النقدية فالمتوقع ان التضخم سيستمر لسنوات قادمة وعبر التاريخ يحتاج هذا التضخم الحالي (التضخم المتسارع من 3% – 10%) الى أقل من عشر سنوات وعندما يتحول الى تضخم جامح بأكثر من 10% فهو من أصعب انواع التضخم في العلاج الفعّال و يحتاج الى عدة سنوات تتجاوز العشرة أعوام مما يعني اهمية المحافظة على هذه المعدلات الحالية وتقويض فرص تناميه وفي المقابل كلما ساهمت كافة عناصر الانتاج في خلق حراك اقتصادي اكثر فاعلية كلما كانت فرص النمو الايجابية بمعزل عن معدلات التضخم.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال