الجرائم الإلكترونية التي تستنزف موارد الاقتصاد العالمي .. كيف يمكن الحد منها من خلال مشاركة المعلومات على الصعيد الدولي حسب المنتدى الاقتصادي العالمي ..؟

إن “أطلس الجرائم الإلكترونية” هو أحد مبادرات المنتدى الاقتصادي العالمي والتي تهدف إلى مكافحة الجرائم الإلكترونية، حيث تتراوح تقديرات التكلفة الدولية للجرائم الإلكترونية تريليونات الدولارات سنوياُ، مما يستنزف موارد كبيرة من الاقتصاد العالمي ويشكل تهديدا حقيقيا للأمن والازدهار حول العالم.

ومن أنواع الجرائم الإلكترونية الاحتيال عبر البريد الإلكتروني والإنترنت، والتزوير، وسرقة البيانات المالية أو المؤسسية وبيعها، وكذلك التجسس والابتزاز الإلكتروني، والتدخل في الأنظمة بطريقة غير قانونية بهدف سرقة أو إتلاف الأجهزة والملفات والبيانات، وتشمل تلك الجرائم أيضاً استخدام شبكات الإنترنت لإتمام عمليات تهريب المخدرات أو الاتجار بالبشر أو تهريب الأسلحة وغيرها من الجرائم غير القانونية.

ونظراً لأن الكثيرين لا يملكون المعرفة المنهجية والرؤى المتعلقة بالنطاق الشامل لأنشطة الجرائم الإلكترونية، فإن ذلك بدوره يمنع الاستهداف الفعال لمكافحة تلك الجرائم. وقد تطورت مجموعات الجرائم الإلكترونية من أعداد قليلة من الأشخاص إلى منظمات متشابكة ذات بنى تحتية واسعة ومعقدة، يصعب على أي جهة واحدة فهمها بشكل كامل.

كما أن حجم البيانات الهائل المتوفر من خلال شبكات الإنترنت العالمية تجعل من الصعب اكتشاف الجرائم والأنشطة الإلكترونية الضارة بشكل واضح وسريع.

ومن السلبيات التي تتواجد في عصر التقنيات الحديثة اليوم، هو سهولة وإمكانية توسع أنشطة المجرمين عبر شبكات الإنترنت، بذات الطريقة التي تعمل وتزدهر بها الجهات المشروعة قانوناُ.

كما يمكن لهؤلاء المجرمين استخدام شبكة الانترنت المظلمة أو ما يعرف بمصطلح Dark Web   للتعتيم على أنشطتهم وتواصلهم وكذلك مواقعهم وهوياتهم الحقيقية.

 وللتغلب على هذه التحديات، من الضروري تبني الابتكار التقني في إيجاد حلول في مجالات الأمن السيبراني والذكاء الاصطناعي، وكذلك تحديث الأنظمة القانونية الدولية وتعزيز التعاون بين القطاعات مثل القطاع العام والخاص والمصارف والبنوك، على الصعيدين المحلي والدولي.

ومن الجدير بالذكر أن مصطلح “النظام البيئي” أصبح الأن يطلق على بيئة الجرائم الالكترونية، لأنه يصف بشكل واضح الطرق التي يعمل بها المجرمين عبر شبكات الإنترنت، حيث يتم العمل من خلال بيئة تضم مجموعات منظمة وموزعة داخل شبكة كبيرة من الموردين والمبرمجين والمشترين والممولين والشركاء.

ومن هنا يأتي دور مشروع “أطلس الجرائم الإلكترونية”، وهذا الأطلس هو مبادرة تهدف إلى التخفيف من بعض التحديات والخصائص التي تجعل من الصعب مكافحة الجرائم الإلكترونية. وعلى سبيل المثال، ستوفر مبادرة أطلس منصة وقاعدة بيانات ضخمة للمحللين الأكاديميين وشركات الأمن السيبراني ووكالات إنفاذ القانون الوطنية والدولية والشركات العالمية لتبادل المعلومات والمعرفة حول النظام البيئي لمجرمي الإنترنت.

كما تشمل قاعدة البيانات مجموعة واسعة من أنواع البيانات من العديد من أنواع المصادر المختلفة مثل التنبيهات الحكومية وشركات تحليل العملات المشفرة ومزودي المنصات وسجلات المحاكم والبيانات المفتوحة والمواد المتاحة للعامة وذلك لتمكين المحللين والخبراء القانونين والتقنيين من فهم النظام الإلكتروني الإجرامي بأكمله.

وتساهم العديد من المنظمات والشركات التقنية العملاقة العالمية في دعم تلك المبادرة مثل منظمة Cyber ​​Threat Alliance  وشركات Fortinet  و Microsoft  و Paypal  و Santander وغيرها من الجهات.

وفي المملكة، وتماشياً مع تلك الأهداف والجهود الدولية، تم الإعلان مؤخراً عن إنشاء مؤسسة “المنتدى الدولي للأمن السيبراني” استكمالا لجهود المملكة في تعزيز التعاون الدولي في هذا القطاع الهام.