الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
اعتمدت الصين يوم الأربعاء 28 يونيو في الاجتماع الثالث للجنة الدائمة للمجلس الوطني الرابع عشر لنواب الشعب “قانون العلاقات الخارجية” والمكون من خمسة وأربعين مادة مقسمة على ستة فصول، والذي سيدخل حيز التنفيذ في مطلع يوليو القادم.
ويأتي هذا القانون الأول من نوعه في الصين تأكيداً على عزم الرئيس الصيني الالتزام بمبدأ سيادة القانون وحوكمة الدولة.
وقد أشاد البروفيسور خوا جنغ سين -أستاذ القانون الدولي بجامعة الصين للعلوم السياسية والقانون- بهذا القانون وقال: “إن صياغة وإصدار قانون العلاقات الخارجية هو مطلب حتمي لبلدنا للاستجابة للمتغيرات العالمية والزمانية والتاريخية، واستخدام مبدأ سيادة القانون للحفاظ على النظام الدولي وتعزيز التنمية العالمية، وأن هذا القانون الجديد يُعبِّر بوضوح عن تصميم الصين الراسخ الحفاظ على النظام الدولي القائم على القانون الدولي، وأن هذه الخطوة قد ملأت العديد من الثغرات في سيادة القانون المتعلقة بالخارج في الصين، وتشير إلى أن تطوير العلاقات الخارجية في الصين قد دخل مرحلة جديدة من سيادة القانون وإضفاء الطابع المؤسسي عليها”.
ووصف البروفيسور هوانغ هوي كانغ – عضو لجنة القانون الدولي التابعة للأمم المتحدة والأستاذ بالمعهد الدولي لسيادة القانون بجامعة ووهان- ” أن تشريع قانون العلاقات الخارجية هو تطور مبتكر لنظرية وممارسة سيادة القانون في العلاقات الخارجية للصين، وله خلفية تاريخية عميقة وخصائص صينية مميزة، مما يمكن اعتباره علامة بارزة في تشريع العلاقات الخارجية في الصين الجديدة”.
ويوضح الفصل الأول من هذا القانون الغايات الكبرى من تشريع هذا القانون وهي تطوير العلاقات الخارجية، وحماية السيادة الوطنية والأمن ومصالح التنمية، وحماية مصالح الشعب وتنميتها، وبناء قوة اشتراكية حديثة، وتحقيق التجديد العظيم للأمة الصينية، وتعزيز السلام والتنمية في العالم، وبناء مجتمع ذي مصير مشترك للبشرية. كما حدد القانون نطاق سريانه على تنمية العلاقات الدبلوماسية بين الصين والدول الأخرى، والتبادلات والتعاون في مختلف المجالات مثل الاقتصاد والثقافة، وتطوير العلاقات مع الأمم المتحدة والمنظمات الدولية الأخرى.
كما أوضحت الصين التزامها بسياسة خارجية مستقلة، قائمة على السلام، و التزامها بالمبادئ الخمسة للتعايش السلمي وهي: الاحترام المتبادل للسيادة، وسلامة الأراضي، وعدم الاعتداء، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية، والمنفعة المتبادلة القائمة على المساواة، وهي المبادئ التي قدمها رئيس مجلس الدولة الأسبق تشو ين لاي في عام 1954 مع كلّ من نظيريْه الهندي والمينماري في بيان مشترك، والتي تم الاعتراف بها لاحقا في المؤتمر الآسيوي الأفريقي الأول والمنعقد في مدينة باندونغ الإندونيسية عام 1955م، لذا تُعتبر المبادئ الخمسة هي قاعدة للصين في انتهاجها السياسة الخارجية السلمية المستقلّة ومرشدة لتطور العلاقات الخارجية للصين، ولكنها اليوم أصبحت جزءً من القانون الصيني الجديد.
كما تلتزم الصين بطريق التنمية السلمية، والسياسة الوطنية للانفتاح، وتنتهج استراتيجية انفتاح متبادلة المنفعة ومربحة للجانبين، كما تلتزم الصين بمقاصد ومبادئ ميثاق الأمم المتحدة، وتحافظ على السلم والأمن العالميين، وتعزز التنمية العالمية المشتركة، وتشجع على إقامة نوع جديد من العلاقات الدولية، وتدعو إلى التسوية السلمية للنزاعات الدولية، وتعارض استخدام القوة أو التهديد باستخدام القوة في العلاقات الدولية، وتعارض سياسة الهيمنة؛ وتلتزم بالمساواة بين جميع البلدان بغض النظر عن الحجم والقوة والثروة، وتحترم مسار التنمية والنظام الاجتماعي الذي يختاره الشعب بشكل مستقل في جميع البلدان.
كما أكد القانون على تمسك الصين بالقيادة المركزية والموحدة للحزب الشيوعي الصيني في عملها الخارجي، والتأكيد على أجهزة الدولة والقوات المسلحة والأحزاب السياسية والمنظمات الشعبية والمؤسسات والمنظمات الاجتماعية الأخرى والمواطنين بمسؤولية والتزام حماية السيادة الوطنية والأمن والكرامة والشرف والمصالح في التبادل والتعاون الأجنبي. كما تشجع الدولة التبادلات الودية النشطة غير الحكومية والتعاون مع الدول الأجنبية، مع الإشادة ومكافأة أولئك الذين قدموا مساهمات بارزة في التبادل والتعاون الخارجيين.
وفي الفصل الثاني من هذا القانون إيضاح مهام وصلاحيات الجهات ذات العلاقات بالشؤون الخارجية ويأتي في أولها الإدارة المركزية للشؤون الخارجية إذ هي الجهة المسؤولة عن صنع القرار وتنسيق الشؤون الخارجية، وإجراء البحوث والدراسات، وصياغة وتوجيه وتنفيذ استراتيجيات الشؤون الخارجية الوطنية والسياسات الرئيسة ذات الصلة. وحول دور المجلس الوطني لنواب الشعب ولجنته الدائمة فإنهما يتوليان المصادقة على المعاهدات والاتفاقيات الهامة المبرمة مع الدول الأجنبية ويلغيانها، ويمارسان الصلاحيات المنصوص عليها في الدستور والقوانين تجاه العلاقات الخارجية، مع التأكيد على دورهما المهم في التبادلات الخارجية وتعزيز التبادلات والتعاون مع البرلمانات الوطنية والمنظمات الدولية والإقليمية.
ويمثل رئيس جمهورية الصين الشعبية الصين في تسيير شؤون الدولة وممارسة المهام والصلاحيات المنصوص عليها في الدستور والقوانين تجاه العلاقات الخارجية.
ويدير مجلس الدولة الشؤون الخارجية للصين، ويبرم المعاهدات والاتفاقيات مع الدول الأجنبية، ويمارس الوظائف والصلاحيات المنصوص عليها في الدستور والقوانين تجاه العلاقات الخارجية. وفي المجال العسكري تنظم اللجنة المركزية العسكرية وتدير التبادل والتعاون العسكري الدولي، وتمارس المهام والصلاحيات المنصوص عليها في الدستور والقوانين تجاه العلاقات الخارجية. وتتولى وزارة الخارجية الشؤون الدبلوماسية وفقا للقانون وتجري التبادلات الدبلوماسية بين قادة الحزب والدولة وقادة الدول الأجنبية. كما تعمل وزارة الخارجية على تعزيز التوجيه والتنسيق وإدارة التبادلات الخارجية والتعاون بين مختلف الإدارات في أجهزة الدولة والمناطق. كما تجري الأجهزة المركزية وأجهزة الدولة التبادلات الخارجية والتعاون وفقا لتقسيم المسؤوليات.
وفي خارج الصين تمثل سفارات وقنصليات جمهورية الصين الشعبية، وكذلك البعثات الدائمة لدى الأمم المتحدة والمنظمات الدولية الحكومية الدولية الأخرى، والمؤسسات الدبلوماسية الأخرى الموجودة في الخارج جمهورية الصين الشعبية لدى العالم الخارجي. مع التأكيد على وزارة الخارجية بتوحيد عمل الهيئات الدبلوماسية المتمركزة في الخارج. كما يمكن للأقاليم والمناطق المتمتعة بالحكم الذاتي والمدن الخاضعة مباشرة للحكومة المركزية تنفيذ التبادلات الخارجية والتعاون في نطاق محدد وفقا لتفويض من الحكومة المركزية. وتتولى الحكومات الشعبية للمقاطعات ومناطق الحكم الذاتي والمدن التابعة للحكومة المركزية مباشرة النقد الأجنبي وشؤون التعاون في مناطقها الإدارية وفقًا لمهامها وسلطاتها.
وفي الفصل الثالث من هذا القانون تحدد الصين أهداف ومهام تطوير العلاقات الخارجية، في ظل الحفاظ على النظام الاشتراكي بخصائص صينية، وحماية السيادة الوطنية ووحدة وسلامة أراضيها، وخدمة التنمية الاقتصادية والاجتماعية للبلاد. وتعزز الصين تنفيذ مبادرات التنمية العالمية، ومبادرات الأمن العالمي، ومبادرات الحضارة العالمية، وتشجع على تخطيط عمل خارجي شامل، متعدد المستويات واسع النطاق.
وتعمل الصين على تعزيز التنسيق والتفاعل الإيجابي بين القوى الكبرى، وتطور العلاقات مع دول الجوار وفقًا لمفهوم الصداقة والمنفعة المتبادلة والشاملة، وتنمي العلاقات مع دول الجوار على أساس مبادئ الصداقة والشراكة مع الجيران. وتتعاون مع الدول النامية من خلال التمسك بمفهوم الإخلاص والصداقة. كما تلتزم الصين بمفهوم الحوكمة العالمية المتمثل في المشاورات والمساهمة والمنافع المشتركة، وتشارك في صياغة القواعد الدولية، وتعزز إضفاء الديمقراطية على العلاقات الدولية، وتعزز تنمية العولمة الاقتصادية في إطار مفتوح وشامل وعالمي باتجاه مفيد ومتوازن ومربح للجانبين. وتؤكد الصين على التزامها بالوفاء بمسؤولياتها كعضو دائم في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، وتحافظ على السلم والأمن الدوليين، وتحافظ على سلطة ومكانة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة. وتشارك في عمليات حفظ السلام التي يأذن بها مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، وتلتزم بالمبادئ الأساسية لعمليات حفظ السلام، مع احترام وحدة الأراضي والاستقلال السياسي للدول ذات السيادة.
وتؤيد الصين النظام الدولي للحد من الأسلحة ونزعها وعدم انتشارها، وتعارض سباق التسلح، وتحظر جميع أشكال أنشطة انتشار أسلحة الدمار الشامل، وتفي بالالتزامات الدولية ذات الصلة، وتجري تعاونا دوليا في مجال عدم الانتشار.
وتؤكد الصين على احترامها لحقوق الإنسان وحمايتها، والالتزام بمبدأ عالمية حقوق الإنسان، وتعزز التنمية الشاملة لحقوق الإنسان، وتجري التبادلات الدولية والتعاون في مجال حقوق الإنسان على أساس المساواة والاحترام المتبادل، وتعزز حقوق الإنسان الدولية.
وتدعو الصين جميع دول العالم إلى تجاوز الاختلافات القومية والعرقية والثقافية، وتعزيز القيم المشتركة للبشرية جمعاء، مثل السلام والتنمية والإنصاف والعدالة والديمقراطية والحرية.
وتلتزم الصين بالمفاهيم الحضارية كالمساواة والتعلم المتبادل والحوار والتسامح، وتحترم تنوع الحضارات، وتعزز التبادلات والحوارات بين الحضارات المختلفة. كما أوضحت الصين دورها ومشاركتها في الإدارة العالمية للبيئة والمناخ، وتعزز التعاون الدولي نحو الاقتصاد الأخضر وخفض انبعاث الكربون، وتسعى إلى بناء حضارة إيكولوجية عالمية. وتعزز الصين الانفتاح رفيع المستوى على العالم الخارجي، وتطوير التجارة الخارجية، وتعزيز الاستثمار الأجنبي بشكل فعال وحمايته قانونًا، وتشجيع الاستثمار الأجنبي والتعاون الاقتصادي الأجنبي.
وفي مجال التعاون والمساعدات للدول النامية تقدم الصين مساعدات خارجية من خلال الموارد الاقتصادية والتكنولوجية والمادية والبشرية والإدارية وما إلى ذلك، لتعزيز التنمية الاقتصادية والتقدم الاجتماعي للبلدان النامية، وتعزيز قدراتها التنموية المستقلة والمستدامة، وتعزيز التعاون الإنمائي الدولي. كما تعزز التعاون الدولي في الوقاية من الكوارث والحد منها والإغاثة، وتساعد البلدان المعنية في الاستجابة لحالات الطوارئ الإنسانية. مع التأكيد على احترام سيادة الدول الأخرى عند تقديم المساعدات الخارجية، وعدم التدخل في شؤونها الداخلية، أو فرض شروط سياسية. وفي مجال التعليم والعلوم والتكنولوجيا تجري الصين التبادلات والتعاون في مجالات التعليم والعلوم والتكنولوجيا والثقافة والصحة والرياضة والمجتمع والبيئة والشؤون العسكرية والأمن وسيادة القانون.
وفي الفصل الرابع تحدد الصين نظام العلاقات الخارجية وتعقد الدولة المعاهدات والاتفاقيات أو تشارك فيها وفقاً للدستور والقوانين، وتؤدي بحسن نية الالتزامات المنصوص عليها في المعاهدات والاتفاقيات ذات الصلة. مع الـتأكيد على عدم تعارضها مع الدستور. وتتخذ الدولة التدابير المناسبة لتنفيذ وتطبيق المعاهدات والاتفاقيات، بما لا يضر بالسيادة الوطنية والأمن والمصالح الاجتماعية العامة. وفي ذات الوقت تؤكد الصين على أحقيتها باتخاذ التدابير المضادة والتدابير التقييدية للأفعال التي تنتهك القانون الدولي والأعراف الأساسية للعلاقات الدولية وتعرض للخطر سيادة الصين وأمنها ومصالحها التنموية. ويقوم مجلس الدولة وإداراته بصياغة اللوائح والقواعد الإدارية اللازمة، وإنشاء أنظمة وآليات العمل، وتعزيز التنسيق بين الإدارات، وتحديد وتنفيذ الإجراءات المضادة والإجراءات التقييدية ذات الصلة. وتعتبر قراراتها نهائية.
وتقوم الصين بتطوير علاقاتها الدبلوماسية مع جميع دول العالم على أساس مبدأ الصين الواحدة ووفقًا للمبادئ الخمسة للتعايش السلمي. ويحق لها اتخاذ الإجراءات الدبلوماسية اللازمة كتغيير العلاقات الدبلوماسية والقنصلية أو إنهائها وفقًا للمعاهدات والاتفاقيات المبرمة أو التي تم الانضمام إليها والمبادئ الأساسية للقانون الدولي والقواعد الأساسية للعلاقات الدولية. وتتخذ الدولة تدابير لتنفيذ قرارات العقوبات الملزمة والتدابير ذات الصلة الصادرة عن مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة بموجب الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة. وتتولى وزارة الخارجية الإخطار والإعلان عن تنفيذ قرارات العقوبات.
كما تمنح الصين الامتيازات والحصانات للبعثات الدبلوماسية الأجنبية وموظفي الدول الأجنبية والمنظمات الدولية ومسؤوليها كما تمنح الصين الحصانة للدول الأجنبية وممتلكاتها وفقًا للقوانين والمعاهدات والاتفاقيات ذات الصلة. وفي المقابل تتخذ الصين الإجراءات اللازمة وفقًا للقانون لحماية سلامة المواطنين الصينيين والمنظمات الصينية في الخارج وحقوقهم المشروعة ومصالحهم، وحماية مصالح البلاد في الخارج من التهديدات والانتهاكات. كما تحمي الصين الحقوق والمصالح المشروعة للأجانب والمنظمات الأجنبية في الصين وفقا للقانون مع احتفاظ الصين بحقها في السماح أو الرفض بدخول الأجانب وإقامتهم فيها، وإدارة أنشطة المنظمات الأجنبية داخل الإقليم وفقًا للقانون.
مع التأكيد على الأجانب والمنظمات الأجنبية في الصين بوجوب الالتزام بالقوانين الصينية وعدم تعريض الأمن القومي للصين للخطر أو الإضرار بالمصالح العامة أو الإخلال بالنظام العام. وتقوم الصين بالتعاون الدولي مع الدول الأجنبية والمنظمات الدولية في مجالات إنفاذ القانون والعدالة وفقًا للمعاهدات والاتفاقيات، أو وفقًا لمبدأ المساواة والمنفعة المتبادلة. وتعمل الدولة على تعميق وتوسيع آلية عمل التعاون الأجنبي في مجال إنفاذ القانون، وتحسين نظام وآلية المساعدة القضائية، وتعزيز التعاون الدولي في مجالات إنفاذ القانون والمجالات القضائية. وتعزز الدولة التعاون الدولي في مكافحة الجرائم العابرة للحدود ومكافحة الفساد.
وفي الفصل الخامس تؤكد الصين على ضمانات تنمية العلاقات الخارجية، إذ تعمل الدولة على تحسين نظام الضمان الشامل للشؤون الخارجية وتعزيز القدرة على تطوير العلاقات الخارجية وحماية المصالح الوطنية، وتكفل الأموال اللازمة للشؤون الخارجية، وتضع آلية لضمان الأموال تتناسب مع احتياجات تطوير العلاقات الخارجية ومستوى التنمية الاقتصادية الوطنية. والعمل على تعزيز فهم الجمهور ودعمه للشؤون الخارجية بمختلف الوسائل، وتعزيز بناء قدرات الاتصال الدولية، وتشجيع العالم لفهم الصين بشكل أفضل، وتعزيز التبادلات والتعلم المتبادل بين الحضارات البشرية.
وأوضح الفصل السادس من هذا القانون أنه يدخل حيز التنفيذ في غرة يوليو لهذا العام، ليكون هذا القانون نافذة للعالم للاطلاع على سياستها الخارجية ومبادئها التي تحكم علاقاتها الدولية، والتي طالما أشارت إليها الصين في اتفاقياتها وقوانينها وتصريحاتها ومشاركاتها الدولية.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال