الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
(ماهي المنهجية التي بنيت عليها الاستراتيجية الوطنية للصناعة؟)
بحسب منظمة التعاون والتنمية فإنه يمكن تعريف وضع الاستراتيجية على أنها عملية ديناميكية ومعقدة وتكرارية وتفاعلية، تحدد الحكومة من خلالها المشاكل؛ وتحدد أهدافها وتحدد أولوياتها؛ وتخطط للأنشطة لتحقيق تلك الأهداف؛ وتحدد إطار قياس للتحقق من صحة التقدم المحرز في الميدان الاقتصادي.
ويمكن تقسيم عملية وضع الاستراتيجية إلى مرحلتين رئيسيتين: مرحلة التخطيط، ومرحلة التنفيذ والرصد والتقييم ، مع الأخذ بالاعتبار أنه لا توجد طريقة واحدة أو آلية محددة مثالية للمنهجية الاستراتيجية ، والتي يمكن أن تلامس جميع الخصائص الاقتصادية والاجتماعية والبيئية والثقافية لأي بلد.
ولو نظرنا للاستراتيجية الوطنية للصناعة لوجدنا أن منهجيتها قد بنيت على نموذج التخطيط المبني على الأهداف المستقبلية مع مزيج أقل من نموذج الموائمة مع الوضع الراهن. التخطيط المبني على الأهداف هو نهج استشرافي كأنه سير من المستقبل إلى الحاضر ، فكل شيء يبدأ برؤية استشرافية مع بناء ممكنات حالية لتحقيقها ، بينما يعتني نموذج المواءمة بالبناء على الحالة الآنية للصناعة ثم تحديد الفجوات بينها وبين الأهداف المراد تحقيقها وغلقها .
وقد حددت منظمة التعاون والتنمية الممارسات الناجحة في الاستراتيجيات الوطنية للتنمية المستدامة المنفذة في الظروف المختلفة لبلدان منظمة التعاون والتنمية والتي يمكن اختصارها بثمان ممارسات تخص الخطط الاستراتيجية بشكل عام . هذه الممارسات الثمان الناجحة تدور حول التكامل التام بين السياسات العامة ، ووجود إطار زمني محدد للتنفيذ ، وتوفر أدوات تقييم ، وأخذ رؤية أكبر شريحة من أصحاب المصلحة ووضوح المؤشرات والأهداف ورصدها وتقييمها واعطاء توصيات مستمرة لتحسينها.
وبالنظر لمنهجية الاستراتيجية الوطنية للصناعة نجد أنها قد قد جاءت متطابقة إلى حد ما – كمنهجية – مع الممارسات المنهجية الناجحة التي رصدتها منظمة التعاون والتنمية. فقد تمت مواءمة الاستراتيجية الصناعية مع مستهدفات رؤية المملكة 2030 ودرست عشرات التوجهات العالمية وعملت مقارنات مرجعية مع رحلة تطوير صناعي ل 33 دولة ، وعقدت ورش عمل مع شريحة من أصحاب المصلحة في القطاعين العام والخاص وراجعت أكثر من 130 مؤشر أداء عالمي تعني بمخاطر الاستثمار الصناعي. وعلى الجانب القطاعي عملت مع أكثر من 20 جهة من المنظومة الصناعية و300 ممثل من القطاع الخاص وحللت أكثر من 200 مجموعة من السلع الصناعية ودرست ممكناتها محليا ودوليا.
وتُشكرُ الوزارة وقيادتها ومنسوبيها على سرعة إصدار الاستراتيجية الوطنية للصناعة في نسختها الأولى ، ومن المأمول أن يكون الإصدار القادم من الاستراتيجية الوطنية للصناعة متميزاً باعتماد منهجية تخطيط لها بعد شمولي وواقعي وطموح بحيث تعطي صورة شاملة وعميقة وذات أبعاد مختلفة وترى من زوايا جديدة وقابلة للتنفيذ وتعزز قيمة الإصدار الأول من الاستراتيجية ومن أهم هذه الأبعاد المقترحة لتطوير المنهجية:
1 – تقسيم منهجية الاستراتيجية الوطنية للصناعة إلي قسمين : أحدهما يعنى بوضع خطة واضحة لتحليل التحديات القائمة وإقرار حلول عاجلة لها والثاني يختص بوضع خطة الابتكار والأهداف المستقبلية متوسطة وبعيدة المدى.
2- تقسيم الخطة الزمنية إلى مراحل ثلاث هي مرحلة التحول المرحلي العاجل ، ومرحلة النمو بالمواءمة مع مستهدفات رؤية المملكة 2030 ثم مرحلة البناء والنضج والبدء بالتقدم لمصاف الدول الصناعية ( ما بعد 2035 )
3- توسيع مساحة المشاركة وبشكل دوري من القطاعين العام والخاص كوزارة التعليم والجامعات ووزارة العمل ومراكز البحوث والجمعيات المتخصصة ومعدي الدراسات السابقة ، ورفع ورقة خضراء للاستراتيجية على موقع الوزارة الالكتروني لأخذ رأي العموم والمهتمين قبل اعتمادها مع توجيه أسئلة محددة وطلب الإجابة عليها من عموم المهتمين من صناعيين وأكاديميين ومستثمرين.
4- استخدام أكثر من نموذج تخطيط حسب حاجة كل قسم من القسمين المذكورين في المقترح (1 ) ، بحيث تعتمد منهجيات التحليل مع وضع خطط تنفيذ سريعة فيما يتعلق بحل المشاكل الآنية ، بينما تعتمد منهجيات تخطيط الإبداع والتغيير فيما يتعلق بالتخطيط للمستقبل.
وسوف نتطرق في المقال القادم – بمشيئة الله – لتحليل الأهداف التي بنيت عليها الاستراتيجية الوطنية للصناعة من حيث الوضوح والتكامل وتحديات وممكنات تحقيقها ومقارنتها بالممارسات الناجحة في الدول ذات التجارب الصناعية وهل بالإمكان تعزيزها بأهداف أخرى. ؟
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال