الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
ما الذي تسعى له القمة؟
التوافق حول القواعد لنظامٍ جديد أكثر شمولاً وعدلاً واستدامةً، وتأطير شراكة مالية أكثر توازناً بين الدول المتقدمة والنامية. وما جعل هذه القمة ضرورية هو إقرار الأمم المتحدة أن النظام العالمي الحالي ليس بوسعه توفير تمويل طويل المدى لتحقيق “أهداف التنمية المستدامة”، وهي عبارة عن 17 هدفاً وافقت عليها جميع الدول الأعضاء في الأمم المتحدة في العام 2015، على أن تتكاتف الدول لتنفيذها بالكامل في العام 2030.
وتصدر الأمم المتحدة تقريراً سنوياً عن التقدم في تنفيذ هذه الأهداف، ويتضح من تقرير العام 2023 أن تنفيذ معظم الأهداف الـ17 يعاني من تأخير وتعثر، وفيما يتصل بالتمويل فقد قدرت منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (OECD) فجوة التمويل لتحقيق الأهداف العالمية السبعة عشر بقرابة 2.5 تريليون دولار سنوياً، فضلاً عن عدم كفاءة التوزيع؛ حيث ان الدول التي هي في أمس الحاجة للمال لتحقيق التنمية المستدامة لا تملك الفسحة المالية.
وهكذا، نجد أن من المهام الأساسية للقمة: (1) اجتراح خيارات لردم الفجوة التمويلية الهائلة (2500 مليار دولار سنوياً)، (2) اقتراح آلية للرفع من كفاءة توزيع التمويل بما يمكن الدول الأكثر حاجةً (الأقل نمواً والنامية) من الحصول على التمويل الكافي لتحقيق المهام الملقاة على عاتقها تنفيذاً لأهداف التنمية المستدامة.
هل هذا أمر سهل التحقيق؟ أبداً، فهو يتطلب: إرادةً سياسية عالمية صارمة، وتعاوناً عالمياً ملائماً، وتمويلاً عالمياً كافياً. فإذا تمعنا في الشق الثالث (التمويل)، نجد أن الحاجة لتفاهم مالي عالمي جديد هي تطلع لم ينجح العالم في تحقيقها حتى الآن، فعلينا ألا ننسى أن مبادراتٍ سابقة أُطلقت لتحصين العالم من الأزمات المالية، لكن تبقى الاستدامة المالية حُلماً لم يتحقق بعد. وفي محاولة لترشيد التوقعات، فلعل من الملائم أن تتخذ قمة “تحالف عالمي جديد للتمويل” نهجاً مدركاً للتحديات، فالأزمات المالية ليست إلا نتاجاً لأزمات اقتصادية أو اجتماعية أو سياسية، ثم كون ان القمة تدعو لتحالف “عالمي” أمر مهم، لكن لابد من إدراك أن جُلّ الأزمات المالية هي محلية المنشأ بألا تستطيع الحكومة سداد ديونها الداخلية، ثم تتفاقم فتفيض لما وراء الحدود بأن تقترض من الخارج لحل عدم التوازن المالي الداخلي، لكنها -في الغالب الأعم- تفشل في سداد ما عليها من ديون خارجية، وهكذا تقع الدولة في شَرَك ليس بوسعها الفكاك منه، ولعل الأرجنتين مثال صارخ لدولة غنية لكن عدم استدامتها المالية سحبها للخلف، نتيجة دوامات متتالية من ارتفاع معدل تضخم دون ضابط يتبعه خفض في قيمة العملة. وعند تتبع حالات عدم الاستقرار المالي نجده ينتج عادةً عن الاستدانة بشراهة في أوقات الرخاء، وكأنها ستدوم، دون التحوط لأوقات الشدة (الكساد) وقصور إيرادات الخزانة عن القيام بالتزاماتها! (يتبع)
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال