الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
من أهم العوامل التي تدفع بالمجتمع نحو التقدم والتطور هو الابتكار، وهنا تلعب المدارس الثانوية – قبل الجامعات – دورًا حاسمًا في تشكيل ونشر ثقافة الابتكار وتحفيز الطلاب على التفكير الإبداعي والناقد التحليلي كما هو حاصل ومنذ عقود في الدول الصناعية، حيث تعتبر معامل البحث العلمي في المدارس من أهم الأدوات التي يمكن استخدامها لبناء قاعدة الابتكار الأساس.
يُمكّن معمل البحث العلمي في المدارس الثانوية الطلاب من التعاطي الممتع مع البحث والاكتشاف والتجريب، حتى يتعلموا كيفية العمل بطريقة علمية والبحث عن حلول للتحديات الحقيقية حولهم، ومن خلال تأصيل هذه الممارسة سيتعلم الطلاب كيفية رصد البيانات وتحليلها بطريقة دقيقة وعلمية، مما يثيرهم ويدفعهم لاستكشاف مواضيع خارج المناهج الدراسية التقليدية، وأيضا تدعم في تعزيز الثقة بالنفس وتحسين مهارات الاتصال والتعاون بين الطلاب أنفسهم ومع غيرهم.
المؤسف حقا هو أن غالبية المدارس الثانوية لدينا مازالت لا تمتلك معامل البحث العلمي الضرورية، وإن كانت متواجدة – غالبا بشكل نادر – فإنها تفتقد لمعلمين مؤهلين في تشغيلها أو الإشراف عليها، وكنتيجة للوضع الحاصل فإن العديد من الطلاب يفتقرون إلى الخبرة في العمل العلمي والبحثي، مما يؤثر سلبًا على مهاراتهم في الابتكار والتفكير الإبداعي، ومن ثم تعاني الجامعات من شح في متطلب الابتكار الأساس، الطالب المبتكر، ولينتهي الحال في المجمل بمخرجات متواضعة في الأداء والمهارة والفكر الريادي.
الوضع الحالي استمرأ في جعل الابتكار مجرد التفكير في أفكار جديدة وبشكل سطحي، بينما هو القدرة على تحبير الأفكار ومن ثم تحويل ما هو قابل للتجيير إلى منتجات وخدمات حقيقية، ولتحقيق ذلك وهذا لا يمكن أن نصل له إلا إذا اكتسب الطلاب من خلال الممارسة المتكررة المهارات والخبرات العملية في مرحلة متقدمة والتي تمكنهم من تحويل أفكارهم إلى حقائق ملموسة.
بالرغم من أن افتقار المدارس الثانوية لمعامل البحث العلمي هي إشكالية عالمية، لكنها غير مقبولة لكي نتحجج بها، فرؤية المملكة لا تقبل الأعذار أمام زخم الدعم اللامحدود بغية تحقيق أهدافها، وعدم وجود معامل بحث علمي في المدارس الثانوية يعطل عملية الابتكار، خاصة أن الابتكار هو ما يساهم في التقدم والتطور، ويساعد في حل المشاكل والتحديات التي نواجهها اليوم أو سنواجهها مستقبلا وعلى المستوى الاجتماعي وأيضا الاقتصادي.
غير معروف إلى متى سيستمر الحال في التعامل – رغم ضيق الوقت – مع المفهوم العاجز عن الابتكار في المنظومة التعليمية، الفكرة المنفصلة عن النظرية والتطبيق، بسبب عدم إعطاء الفرصة للطلاب ومعلميهم من تجربة الأدوات والمعدات العلمية بأنفسهم، وإذا لم نتنبه لحقيقة أن هؤلاء الطلاب بحاجة للحصول على التدريب والتعليم اللازمين لتطوير مهاراتهم في الابتكار في المرحلة الثانوية قبل الجامعية – على الأقل لتحسين أدائهم الأكاديمي في المرحلة الجامعية وتحضيرهم للحياة العملية في مرحلة لاحقة في حياتهم – فإن هذا وبكل تأكيد لن يخدم مستقبلنا الاقتصادي والاجتماعي.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال