الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
ليس سهلا أن تتربع في الصحراء الشاسعة وبمساحات كبيرة وتحتل صدارة العالم في مجال تحلية مياه البحر، حيث تنتج حوالي 18 في المائة من إجمالي المياه المحلاة في العالم، وتمتلك أكبر شبكة من محطات التحلية في العالم، وتغذي أكثر من 40 مدينة ومحافظة وقرية بمياه الشرب والطاقة الكهربائية، وتنتج نحو 60 في المائة من إجمالي مياه الشرب في السعودية.
هذه الإنجازات التي نتحدث عنها لم تكن نتاج أعوام قليلة، إنما جهود جبارة امتدت لعقود جعلتها من بين 3 دول في مجال تحلية مياه البحر وتتصدر دول العالم، تليها الإمارات العربية المتحدة والولايات المتحدة الأمريكية. صناعة المياه المحلاة كانت من أهم الحلول التي تعتمدها السعودية لتأمين احتياجاتها من المياه العذبة، وذلك في ظل ندرة الموارد المائية الطبيعية وزيادة الطلب على المياه بسبب النمو السكاني والتنمية الاقتصادية والزراعية.
في عام 2022، شهد قطاع التحلية في السعودية عدة إنجازات ومشاريع جديدة تهدف إلى زيادة الطاقة الإنتاجية وتحسين كفاءة التشغيل وتوفير التكاليف والحفاظ على البيئة. ودشنت أكبر محطة عائمة لتحلية المياه في العالم، قرب ميناء الشقيق على الساحل الغربي للسعودية، بالتعاون بين المؤسسة العامة لتحلية المياه المالحة وشركة البحري.
تتمتع هذه المحطة بقدرة إنتاجية تبلغ 50 ألف متر مكعب من المياه يومياً، وتستخدم تقنية التناضح العكسي، وتستطيع التنقل بحسب احتياجات المناطق على مستوى السعودية، وبالشراكة مع جامعات ومؤسسات بحثية دولية أطلقت مؤسسة تحلية المياه مستقبل التحلية باستخدام أحدث التقنيات والابتكارات، وواصلت مشروعاتها التنموية في قطاع المياه، حيث نفذت 21 مشروعا مائياً بإجمالي تكلفة تزيد عن 13 مليار ريال ضمن المحفظة الخمسية الرأسمالية لمنظومة البيئة والمياه والزراعة. وتشمل هذه المشاريع إنشاء وتوسعة وتحديث محطات التحلية وخطوط النقل والتوزيع والتخزين، بالإضافة إلى تطوير البنية التحتية والأنظمة الذكية.
ويتطلب النمو السكاني وزيادة الطلب على المياه مضاعفة الجهود لرفع طاقتها الإنتاجية من المياه المحلاة، وبالفعل تخطط المؤسسة الى رفع طاقة إنتاجها الى 11 مليون و500 الف متر مكعب من مياه البحر وتحلية المياه الجوفية بنهاية عام 2023 حيث أنها تنتج حاليا 6 مليون و600 الف متر مكعب يوميا، وهذا التحدي يضع المسؤولين لقطاع المياه أمام اختبارات صعبة وتحديات قوية، وينتظر أن تنقل المؤسسة إنتاجها من المياه عبر منظومة شبكة نقل تعد الأكبر من نوعها في العالم وتبلغ أطوالها حاليا 14 الف كيلو متر بأقطار تتجاوز 2.5 متر ومخطط أن تصل أطوالها بحلول عام 2027 ما يزيد عن 17 الف كيلو متر.
ليس مستغربا حينما يستعرض مجلس الشورى السعودي في احد جلساته التقرير السنوي للمؤسسة العامة لتحلية المياه المالحة، يشيد بالإنجازات والتفاصيل التي قدمتها، وقدم المجلس من خلال لجنة المياه والزراعة والبيئة مقترحا بضرورة تمكين المؤسسة من أداة تعاقديه تتيح لها الاستفادة من الفرص الاستثمارية الإقليمية والدولية بما يعزز فرصها في الوصول للريادة العالمية في مجالي التقنية والتدريب وبما يساهم تنويع الإيرادات غير النفطية، ومطالبة مجلس الشورى بهذه التوصية من اجل دعم المؤسسة لتتمكن من تنفيذ مشاريع الربط التكاملي لأنظمة نقل المياه بين مناطق المملكة، لتعزيز الأمن المائي ورفع الجاهزية للتعامل مع حالات الطوارئ.
يمكننا القول إن تحلية المياه المالحة في السعودية هي قطاع حيوي ومهم لتأمين مصادر المياه العذبة والطاقة الكهربائية للمملكة وسكانها. وقد حققت إنجازات كبيرة في هذا المجال، حيث تحتل المركز الأول عالميا في إنتاج المياه المحلاة، وتمتلك أكبر شبكة من محطات التحلية في العالم، وتستخدم تقنيات حديثة ومتطورة لزيادة كفاءة التشغيل وتوفير التكاليف والحفاظ على البيئة.
كما تسعى إلى تطوير هذا القطاع بشكل مستمر، وإنشاء مشاريع جديدة ومبتكرة، مثل تحلية المياه بالطاقة الشمسية، وإعادة استخدام المياه المحلاة في الزراعة والصناعة. وبذلك، تفتح المملكة أفقاً واسعاً لفرص العمل والتوظيف في هذا القطاع، سواء للخريجين أو للباحثين أو للمستثمرين. ونأمل أن يستمر هذا القطاع في التقدم ويسهم في رفع مستوى التنمية والرخاء في المملكة.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال